"مواطنون مترقبون لاشتباكات وقذائف متبادلة بين الحين والآخر.. محال تجارية تغرق في حالة خوف.. مطار مغلق.. دراسة معلقة".
تلك عبارات تصف باختصار حال مدينة بنغازي، شرقي
ليبيا، بعد أن أعادتها المحاولات
الانقلابية التي يقوم اللواء متقاعد خليفة
حفتر، ضد كتائب مسلحة مرتبطة برئاسة الأركان، إلى "الاضطرابات الأمنية" التي اقترنت بفترة
ثورة 17 فبراير/ شباط 2011.
وفور بدء المحاولة الانقلابية التي وصفها حفتر بـ"عملية الكرامة" سارعت الحكومة الليبية المؤقتة باعتبارها "خروجا" عن أوامر الجيش الليبي، و"انقلابا" على شرعية الدولة وثورة 17 فبراير/ شباط التي أفضت إلى الإطاحة بزعيم ليبيا الراحل، معمر القذافي.
وأضحى أهالي المدينة يمارسون حياة لا يمكن القول بحال إنها طبيعية، في ظل ترقب المواجهات والاشتباكات المتجددة دوما بين الطرفين، وانتظار أصوات القاذفات التي قد تشق حتى صمت نومهم.
وكانت لجنة إدارة الأزمة (مستقلة) بمدينة بنغازي الليبية قد أعلنت الثلاثاء إنها توصلت مع "كتائب
الثوار" وحفتر على اتفاق لوقف إطلاق النار بالمدينة والجلوس على مائدة الحوار، غير أن العقيد محمد الحجازي المتحدث باسم قوات حفتر قال إنهم "لن يوقفوا إطلاق النار إلا يوم إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 25 يونيو/حزيران الجاري"، مؤكدا استمرار العملية العسكرية "الكرامة " دون توقف .
ومنذ انطلاق العملية العسكرية، سقط العشرات بين قتيل وجريح، ولا توجد إحصائية نهائية عن أعدادهم حتى اليوم.
وجراء المواجهات العنيفة قررت جامعة بنغازي (حكومية) التي علق العمل بها أكثر من مرة منذ بداية العملية أن تؤجل الدراسة إلى الثاني من أغسطس/ آب القادم، وذلك وفق بيان صادر مؤخرا عن إدارة الجامعة.
الجامعة، وبحسب الناطق باسمها وعميد كلية الإعلام محمد المنفي، أرجعت قرار التأجيل الذي يعطل مسيرة التحصيل العلمي، إلى "التوتر الأمني الذي تعيشه المدينة لاسيما أنها تقع في منطقة قاريونس المقابلة لنقطة تمركز كتيبة 17 فبراير المناهضة لحفتر؛ أي أنها في قلب نطاق
الاشتباكات"، بحسب البيان.
المصارف هي الأخرى اتخذت إجراءات احترازية بسبب ذلك الوضع، وقلصت عدد ساعات العمل بها، بحيث تبدأ من الساعة 9 صباحاً بدلا من الساعة 8، وينتهي تمام الساعة 1 ظهراً عوضاً عن الساعة الثانية ظهراً.
كما علق المطار الوحيد في المدينة الملاحة الجوية به بحسب إبراهيم فركاش، مدير مطار بنينا الدولي، الذي أضاف أن "قرار افتتاح المطار أصبح في يد مصلحة الطيران المدني الليبية (حكومية)".
فركاش يرى أن "الوضع في المدينة غير ملائم لافتتاح المطار خاصة أن مضادات الطيران تستعمل بكثرة هذه الأيام، كما أن هناك قذائف عشوائية تلوح في سماء المدينة من حين لآخر دون معرفة وجهتها أو مصدرها"، على حد قوله.
كما انعكس الوضع الأمني ببنغازي على قطاع الصحة، إذ قال رشوان العلواني، أحد المسؤولين بالقطاع الطبي بالمدينة إن "الأطباء وأطقم التمريض الأجانب في حالة هروب مستمر من المدينة جراء الأحداث؛ فقد خرج الكثير منهم من بنغازي خوفاً على حياتهم".
وتابع الطبيب أن "ذلك الأمر يؤثر على قطاع الصحة ويصيبه بالعجز في الكوادر"، لافتا إلى أن "هروب الأجانب لم يحدث إلا خلال أيام الثورة على نظام العقيد القذافي".
أما المحال التجارية، فقال أحد أصحابها للأناضول إن عدد المرتادين في انخفاض يومي بسبب حالة الخوف التي تلف المدينة.
وأضاف محمد الناجي، وهو صاحب محل لبيع الملابس: "يتملكنا خوف على محلاتنا، فقد سمعنا أن هناك قذائف عشوائية أصابت بعض المحال التجارية".
واستمرارا لحالة التوتر والترقب في المدينة التي شهدت بداية الثورة على العقيد القذافي، دخلت جميع المعسكرات في المدينة سواء الموالية للواء حفتر أو المناهضة له في حالة استنفار أمني كبير.
ويترقب الطرفان المتصارعان إقدام أحدهما على مهاجمة الآخر في أي لحظة وسط إطلاق صواريخ بشكل شبه يومي على المعسكرات التابعة لحفتر، فيما تقصف بشكل متكرر طائرات حربية تابعه للواء المتقاعد مقرات كتائب مسلحة بينها مقر تنظيم أنصار الشريعة (إسلامي).
تلك القذائف الصاروخية والضربات الجوية لم تسلم منها منازل ومزارع المدنيين الذين نزح جلهم من تلك الأماكن الواقعة داخل دائرة الاستهداف المتكرر، في حين تكتفي السلطات الحاكمة في البلاد بإصدار البيانات الاستنكارية من حين لآخر.