أقر المجلس الوطني التأسيسي
التونسي في جلسة خاصة عقدها عشية الاثنين التعجيل في إنشاء محاكم خاصة تنظر في قضايا
شهداء الثورة التونسية.
جاء هذا القرار إثر الأحكام "المخففة" التي أصدرها القضاء العسكري التونسي في قضايا قتل وجرح المحتجين خلال الثورة التونسية والتي أثارت موجة غضب شديدة في الشارع التونسي.
وستجري عملية إنشاء هذه المحكمة وفق الفصل 110 من الدستور التونسي الجديد الذي ينص على استحداث محاكم خاصة وسن إجراءات استثنائية شرط أن لا تمس بمبادئ
المحاكمة العادلة.
وتتمثل تفاصيل هذه الأحكام في السجن ثلاث سنوات لمدير الأمن الرئاسي على السرياطي ووزير الداخلية الأسبق رفيق الحاج قاسم وشخصيات أمنية أخرى متورطة في قتل الشهداء نالت نفس الأحكام.
وتتعلق الأحكام بحوالي 70 شهيدا و850 وجريحا في تونس العاصمة ومحافظة القصرين خلال أحداث الثورة التونسية بين يومي 17 ديسمبر/كانون الأول سنة 2010 و28 فبراير/شباط 2011.
وبناء على تصريحات صحافية لرئيس المجلس مصطفى بن جعفر فإن القانون المنظّم للمحكمة الخاصة بشهداء الثورة سيمر إلى جلسة عامة للمصادقة عليه في ظرف أسبوع بداية من يوم الاثنين 14 أبريل/نيسان 2014 مضيفا أن لجنة التشريع العام نظرت منذ مدة في جزء من هذا المشروع إلا أنها توقفت لانشغالها بالمصادقة على القانون الانتخابي ومشروع الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
وتتجه النوايا إلى إخراج قضايا شهداء الثورة من نظر القضاء العسكري إلى القضاء المدني، ووفق مختصي القوانين فإن ذلك ممكن عن طريق محكمة التعقيب التي ستنظر في القضايا وتقرر إعادتها للقضاء المدني اعتمادا على الفصل 110 من الدستور الذي ينص على أن المحاكم العسكرية مختصة في الجرائم العسكرية.
وقال العميد السابق لكلية العلوم القانونية والاجتماعية محمد صالح بن عيسى إن "هناك إشكال يعترض مسار التحويل في حالة أقرت محكمة الطعن دون إحالتها إلى القضاء المدني".
وأشار بن عيسى في تصريح لـ"عربي 21" إلى أن مبدئ استقلالية القضاء هو الضامن الوحيد لإصدار أحكام في مستوى الجرائم المرتكبة في حق التونسيين أثناء الثورة، وهذا يتطلب في تقدير العميد السابق "غربلة سلك القضاء واستبعاد الفاسدين منهم ومن عملوا على تلميع صورة النظام السابق وتطويع القضاء لخدمة مصالحه.
وأشار أيضا إلى أن الإحالة تتطلب وضع قوانين دستورية تأمن عملية النقل.
إلى ذلك استبعدت أخت أحد الشهاء المحامية لمياء الفرحاني أن تذهب محكمة التعقيب إلى خيار الطعن دون الإحالة إذ "لا يمكنها المواصلة في اتخاذ خيارات ظالمة ومجانبة للواقع".
وأشارت الفرحاني في تصريحها لـ"عربي 21" إلى أن أنظار عائلات الشهداء والمحامين والمجتمع المدني وجزء من الساسة متجهة إلى هذه المحكمة، وهذا "يشكّل قوة ضغط كبرى عليها ويضمن حيادية قرارها إلى حد معين"، بحسب تعبيرها.
كما تتفق الفرحاني مع العميد السابق في أن الضامن الأول لصدور أحكام في مستوى توقعات عائلات الشهداء هو نزاهة القاضي وخلو سجله من الفساد.