دعا المتحدث باسم الخارجية الأثيوبية، دينا مفتي،
مصر إلى التخلي عن "محاولاتها الهدامة والتهديدات السياسية والاقتصادية"، مطالبا في الوقت نفسه دول المنبع والمصب بنهر النيل إلى التعاون للاستفادة من الموارد الطبيعية "بصورة عادلة".
جاء ذلك في تصريحات لمفتي نقلها التليفزيون الإثيوبي الرسمي، الجمعة، على خلفية أزمة
سد النهضة، الذي تشيده إثيوبيا حاليا، وتسبب في أزمة مع مصر.
وفيما لم يوضح المتحدث الأثيوبي ما قصده بـ"
التهديدات السياسية والاقتصادية" و"المحاولات الهدامة"، قال إن وسائل الدعاية التي تمارسها بعض الأجهزة في مصر (لم يحددها) "قديمة ولا ترتقي إلى المستوى العلاقات بين الدول والشعوب"، معربا عن دهشته إزاء "حملة التشويه المنظمة".
وأضاف مفتي أنه "يتعين على مصر أن تكون إيجابية وتعمل على تعزيز علاقات البلدين"، معتبرا أن تصريحات الساسة المصريين "لا تخدم مصلحة شعبي البلدين ولا العلاقات الثنائية". وأشار إلى أن بلاده "لا تريد الانجرار وراء التهديدات الصادرة من بعض الجهات المصرية"، واصفا إياها بـ"غير المجدية" وتبعد المسافات بين دول المصب والمنبع.
ورأى أن بلاده تسعى جاهدة من أجل المصلحة المشتركة بين البلدين للاستفادة من مياه النيل بطريقة "عادلة" حتى تعم الفائدة لجميع دول المنبع والمصب (مصر والسودان)، كما دعا دول المنبع والمصب إلى التعاون فيما بينهم من أجل مصلحة شعوبهم في الاستفادة من الموارد الطبيعية "بصورة عادلة".
وأشار إلى أن نهر النيل "ليس ملكا لدولة واحدة بقدر ما هو ملك لجميع دول
حوض النيل".
واعتبر أن الحملة الإعلامية التي تروج لها بعض وسائل الإعلام المصرية "بملكية المياه وقدسية الاتفاقيات المورثة من عهد الاستعمار" لن تخدم مصلحة دول حوض النيل ولن تجد قبولا لها من
أثيوبيا، في إشارة إلى إعلان مصر تمسكها بما تصفه حقوقها التاريخية في مياه النيل وفق اتفاقيات موقعة إبان حقبة الاستعمار تمنحها النصيب الأكبر من مياه النيل.
وأوضح مفتي أن اتفاقية "عنتيبي" الإطارية لدول حوض النيل، التي رفضت مصر التوقيع عليها، هي التي يمكن أن تحفظ للمصريين حقهم في مياه النيل وليست الاتفاقيات القديمة ولا إضافة ملف مياه النيل في الدستور، في إشارة إلى المادة رقم "44" من باب "المقومات الاقتصادية" بالدستور، الذي أقر الشهر الماضي، ونص على "تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ علي حقوق مصر التاريخية المتعلقة به".
وشهدت الأشهر الأخيرة، توترا للعلاقات بين مصر وعدد من دول حوض النيل، ولا سيما أثيوبيا، مع إعلان الأخيرة بدء بناء مشروع سد النهضة، الذي تثور مخاوف داخل مصر بشأن احتمال تأثيره على حصتها من مياه النيل، وتأثيره على أمنها القومي في حالة انهياره.
وعقب قيام أديس أبابا بتحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، في مايو/ أيار الماضي، في إطار خطواتها لتنفيذ مشروع سد النهضة، أصدرت لجنة خبراء دولية تقريرا أفاد بأن هناك حاجة لإجراء مزيد من الدراسات بشأن آلية بناء السد، حتى يمكن تقدير الآثار المترتبة على بنائه ثم تحديد كيفية التعامل معها، وفقا للحكومة المصرية.
وتكونت اللجنة من ستة أعضاء محليين (اثنين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا)، وأربعة خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود.
وتم عقد عدة لقاءات تفاوضية بالخرطوم بين الجانبين الأثيوبي والمصري شاركت فيها السودان، ولم تسفر عن حل للنقاط الخلافية والتي من أبرزها الخلاف حول تشكيل لجنة ثلاثية تتولى مهمة دراسة توصيات لجنة الخبراء الدولية المعنية بدراسة آثار سد النهضة على دول المصب.لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق حول مقترح تشكيل لجنة ثلاثية تتولى تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية الخاصة بسد النهضة، وورقة مبادئ بشأن تعزيز بناء الثقة بين الدول الثلاث بشأن بناء السد.
وذكرت صحيفة "مونيتور" الأمريكية، مؤخرا، أنه "يدور الآن حديث على المستوى الحكومي في مصر حول تدويل القضية، في الوقت الذي تشهد مصر ارتفاع المطالب الشعبية إلى اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لإقامة حق مصر في الاعتراض على إنشاء سد النهضة، وبالنظر إلى الخطر المحتمل الذي يمثله لأمن المياه المصرية"، وهو ما نفته وزارة المياه والري بمصر لاحقا، مؤكدة تمسكها بالحوار لحل الأزمة.