ملفات وتقارير

نقيب محامي مصر يتولى دعوى حل "الإصلاح" بالكويت

جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية الكويتية في المركز الأول في الشفافية على مستوى العالم العربي عام 2012 حسب قائمة "فوربس"
جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية الكويتية في المركز الأول في الشفافية على مستوى العالم العربي عام 2012 حسب قائمة "فوربس"

كان لافتا أن يستعين محام كويتي تقدم بطلب لحل جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بنقيب المحامين المصريين المؤيد للانقلاب بشدة، سامح عاشور، الذي حول مسار القضية إلى الهجوم على على الإخوان المسلمين، في حين حذرت صحيفة كويتية من إغلاق الجمعية مؤكدة أن هذه الخطوة ستمثل ضربة للديمقراطية والعمل الخيري في الكويت.

وكانت محكمة كويتية قد أجلت الثلاثاء النظر في دعوى تطالب بحل جمعية الإصلاح حتى 11 آذار/ مارس القادم، لاستخراج أوراق من وزارة الشؤون عن "مخالفات الجمعية"، حسب قول صاحب الدعوى، إضافة إلى ضم ملف أسباب إغلاق نادي الاستقلال الذي أغلق للسبب ذاته، ليكون هذا التأجيل هو الثالث منذ التقدم بالدعوى في تموز/ يوليو الماضي (بعد نحو عشرة أيام من الانقلاب في مصر).

وكان المحامي الكويتي بسام العسعوسي قد أقام دعوى قضائية ضد وزارة الشؤون وجمعية الإصلاح، مطالبا بحل الجمعية بحجة ممارستها النشاط السياسي، وأنها مرتبطة بالإخوان المسلمين. وقال العسعوسي إن الجمعية أصدرت بيانات بشأن مقاطعة الانتخابات في الكويت بما يتفق مع قرار الكتلة الدستورية الإسلامية، إضافة إلى بيانات بخصوص قضايا خارجية عديدة، بينها قضيتا سورية ومصر. بل إن العسعوسي اعتبر قيام الجمعية بجمع الزكاة خروجا عن اختصاصها.

واللافت أن جمعية الإصلاحات التي تتعرض لحملة عنيفة بعد الانقلاب في مصر؛ كانت قد حصلت على المركز الأول بين الجمعيات الخيرية الأكثر شفافية في العالم العربي ضمن قائمة أصدرتها مجلة فوربس الشرق الأوسط عام 2012.

وفي ذلك الوقت، بلغ حجم الإيرادات التي تلقتها الجمعية أكثر 91.5 مليون دولار، صرفت منها على العمل الخيري منها نحو 81.2 مليون دولار.

وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تعرضت الجمعية لهجمة إضافية بسبب موقف رئيسها حمود الرومي من الانقلاب في مصر ثم تصنيف الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية"، ما دفع الرومي لإصدار بيان أكد فيه أن "جمعية الإصلاح الاجتماعي جمعية نفع عام كويتية تخضع للقوانين الكويتية وليس لها تبعية قانونية أو تنظيمية لأي تيار أو حزب داخل أو خارج دولة الكويت، ولها مواقف عديدة في دعم الإصلاح ومواجهة الإرهاب الذي يُمارس من الدول والجماعات والأفراد".

وقال إن "جمعية الإصلاح الإجتماعي تتبني الفكر القائم علي كتاب الله وسنة رسوله.. وتتوافق مع فكر الإخوان المسلمين الذي نادي به الشيخ حسن البنا رحمه الله.. والذي يعتبر في رأينا فكراً أصيلاً قائماً على ذات الأسس والمرجعية .. وهو فكر معتدل في فهم الإسلام لا يمكن أن ينحو نحو الإرهاب أو مسبباته".

وقال الرومي: "كجمعية نفع عام ندين مع غيرنا من المؤسسات ومنظمات حقوق الانسان والشخصيات والهيئات الاسلامية وصف جماعة الإخوان المسلمين في مصر بأنهم جماعة إرهابية بعد أن أثبتت منظمات حقوق الإنسان العالمية سلميتهم. ونرى أن اعتبارهم جماعة إرهابية ما هو إ? أحد الإملاءات الصهيونية على ا?نقلابيين.. والجمعية مع عودة الشرعية لاستقرار دولة مصر الشقيقة وحفاظا على الأرواح والممتلكات".

"فلول"

ورغم قول العسعوسي إن دعواه قانونية وليست سياسية، إلا المؤتمر الصحفي الذي عقد بشأن القضية بحضور عاشور تحول للهجوم على الإخوان المسلمين، حيث اتهمهم عاشور بـ"الإرهاب". ولم يمنع هذا عاشور من القول إن "تدخلي في هذه القضية هو تدخل قانوني وفي اطار قضائي وليس في أي أطر أخرى" حسب قوله.

وقال عاشور إن جمعية الإصلاح الاجتماعي تناولت الشأن المصري سياسيا "عندما اتهمت ثورة 30 يونيو بأنها انقلاب وعندما انحازت للرئيس السابق محمد مرسي"، معتبرا أنها "عادت المصريين كلهم من أجل إرضاء الإخوان المسلمين بأي شكل من الأشكال" حسب قوله.

وفيما يمثل تدخلا في الشأن الداخلي الكويتي وإشارة مباشرة إلى أن الهجوم على جمعية الإصلاح يندرج بما يجري في مصر ومحاولة الضغط على الإخوان، حذر عاشور من أن جماعة الإخوان المسلمين "ما زال لها وجود وروافد كثيرة منتشرة ومتسللة في كثير من البلدان العربية، مضيفا: "نحن تعقبناهم في مصر، لكن هذا لا يعني انتهاء الدور الإخواني في العمل السياسي أو العمل الدولي وسيظلون يمارسون هذا الدور حتى تنقطع سبل التمويل وسبل التنظيم المختلفة التي تجد هواها في كثير من الدول العربية".

وتابع عاشور متناولا الإسلاميين في الكويت: "الإخوان المسلمون تنظيم دولي واحد له قنوات في مناطق متشعبة، ولا يمكن ان تكون العقيدة الإرهابية موجودة في مصر وتمنتع عنها في أي مكان آخر، لكن بالقطع هذه العقيدة الإرهابية مارسها تنظيم الإخوان بأوعية وأشكال مختلفة". وقال: "نحن لا نتمنى أن تقع أي دولة عربية سواء الكويت أو غيرها تحت سيطرة وهيمنة هذه التنظيمات الإرهابية" حسب قوله.

ويشار إلى أن مشاركة عاشور - الذي يصفه ثوار 25 يناير بأنه "فلول" - في الدعوى؛ تأتي بعد أيام من حكم لمحكمة الاستئناف في القاهرة ببطلان رئاسته للحزب الناصري، بعدما اتهم بتنصيب نفسه رئيسا عبر عقد مؤتمر مخالف للوائح الداخلية للحزب، حيث يتهمه خصومه بأنه قام ومجموعة أحضرها معه بالسيطرة على مبنى الحزب عقب وفاة رئيسه ضياء داود عام 2006. كما سبق أن اتهمه مجلس نقابة المحامين المصريين وأعضاء في النقابة بارتكاب مخالفا مالية جسيمة، إلا أن النائب العام السابق عبد المجيد محمود تجاهل المطالبات بالتحقيق في هذه المخالفات.

من جهته، تحدث العسعوسي عما قال إنها "مخالفات مالية شديدة وجسيمة وشديدة الخطورة" في جمعية الإصلاح، وأن هناك خطابات أرسلتها وزارة الشؤون الى وزارات الدولة تطلب فيها تتبع الأموال التي تحول الى بعض الدول كتونس واليمن وسورية، وفق قوله.

استهداف العمل الخيري والديمقراطية

في المقابل، قال النائب السابق (مجلس 2012) وعضو الكتلة الدستورية المحامي أسامة الشاهين؛ إن "ما اقترفه المحامي من تحريض لتصفية جمعية الإصلاح الاجتماعي رغم إعالتها آلاف الأسر المحتاجة المتعففة، ناشز على مجتمعنا الخيّر".

من جانبه، قال المحامي محمد حسين الدلال، وهو أيضا نائب سابق وعضو في الكتلة الدستورية؛ إنه "إذا كان كلام المحامي الذي رفع قضية لسحب ترخيص جمعية الاصلاح الاجتماعي، لأنها عملت بالسياسة خلاف الحظر القانوني المانع، معنى ذلك انه يجب إغلاق كل الجمعيات التي نشطت سياسيا، ومن أبرزها جمعية الخريجين وحماية المال العام ورابطة الاجتماعيين والثقافية الاجتماعية، ورحم الله ايام كان تيارا المنبر والتحالف يطالبان بإلغاء النص القانوني الخاص المانع لجمعيات النفع العام من العمل بالسياسة لمخالفته للدستور!".

وأضاف الدلال، حسبما نقلت عنه صحيفة "القبس": "سنظل نتحرك لإلغاء النص المخالف للدستور الذي يمنع جمعيات النفع العام من ممارسة السياسة، وسندافع عن حق كل جمعية في ذلك ولو كانوا مخالفين لنا".

كما وصف النائب السابق فيصل المسلم جمعية الإصلاح الاجتماعي بأنها "منارة شهد تاريخ الكويت لها بالوطنية، وهي أحد أبرز منابر العمل الخيري الذي جعله الله سببا لدفع الأذى عن بلدنا وتطاول أصحاب الأهواء والأمراض وعبّاد المال الذين يمكرون الليل والنهار لإدخال الكويت وأهلها نفق الفتن والشر لن يضر هذا الصرح ورجاله شيئا".

وعلق الشيخ نبيل العوضي على الدعوى قائلاً: "أضحكتني الدعوى لإغلاق جمعية الاصلاح الاجتماعي.. وتذكرت بيت الشعر: يا ناطحـــاً جبلاً يومــاً ليوهِنَهُ... أشفق على الرأس لا تُشفق على الجبلِ".

أما الشيخ محمد العوضي فقال اكتفى بالتعليق: "قالوا: لم تنتقد الدعوى المرفوعة لإغلاق جمعية الإصلاح الاجتماعي؟! فقلت : وهل الهذيان يحتاج إلى نقد؟! وهل يصح الحوار مع دعاوى مخبولة؟!".

وفي موقف لافت، أكدت صحيفة القبس الكويتية في افتتاحيتها الخميس رفضها لحل جمعية الإصلاح، مشددة على أن الدعوة لحلها "فيها إساءة للعمل الاجتماعي والسياسي خصوصاً، والديموقراطية عموماً".

وفي حين أشارت الصحيفة إلى اختلافها مع الإخوان المسلمين والحركة الدستورية الإسلامية في الكويت، إلا أنها أكدت أن "هذا الخلاف المبدئي الجذري لا يملي المطالبة بالإلغاء، بل يُلزم بالتعايش".

ونبهت الصحيفة إلى تجنب "نقل تجارب بلدان أخرى الى بلدنا.. ولسنا من دعاة تكريس الإلغاء والمنع والقمع في ثقافتنا. بل نحن، مع كل الخيرين الغيورين على مصلحة وطننا، نكافح ضد الممارسات المنافية لدستورنا وجوهر نظامنا الديموقراطي".
التعليقات (0)