كتاب عربي 21

تنمّر نتنياهو إلى فشل

منير شفيق
"ما لم يتحرك ترامب ومساعدوه، لوضع حدّ لنتنياهو المعزول دوليا، والمأزوم داخليا، والمرشح للفشل في قطاع غزة وفي لبنان وفي الإقليم عموما، فسوف يربط مصير مشروعه بفشل نتنياهو"- جيتي
"ما لم يتحرك ترامب ومساعدوه، لوضع حدّ لنتنياهو المعزول دوليا، والمأزوم داخليا، والمرشح للفشل في قطاع غزة وفي لبنان وفي الإقليم عموما، فسوف يربط مصير مشروعه بفشل نتنياهو"- جيتي
شارك الخبر
نظرة سريعة على قطاع غزة تخرج بحكم واحد، لا خلاف عليه، وهو أن الحرب لم تتوقف قط، إلّا جزئيا. فالقصف ما زال مستمرا عموما، ولا سيما في مناطق انتشار الاحتلال، وفي الأخص في شرق خان يونس، وكذلك استمرار التضييق على وصول المساعدات، إذ لم يزل في بعض الأيام كما كان والحرب في الأوج..

وقد زاد الوضع كارثية مع الانخفاض الجوي؛ الذي تضاعَف كارثية على القصف والحصار، ومن دون أن يقابَل، من قِبَل الهيئات المشرفة على المساعدات، بما يتوجب فعله، مع التركيز على إدانة نتنياهو، وشجب سياساته القاضية باستمرار الحرب، كأن وقف الحرب لم يكن.

وإن نظرة سريعة أخرى إلى الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى، تؤكد أن نتنياهو بصدد شنّ حرب ثانية، حيث زادت وتضاعفت اعتداءات المستوطنين، ومصادرة الأراضي والبيوت، كما هدم البيوت، وسرقة المياه، وتجريف أشجار الزيتون، وإزالة أحياء بأكملها، إلى جانب تصعيد الانتهاك المسجد الأقصى إلى حدّ خطر جدا.

نتنياهو وجيشه ومستوطنوه حربا واسعة في الضفة الغربية، إلى جانب الحرب المستمرة في قطاع غزة؛ يحدث هذا وترامب يتحدث عن نجاحه في وقف الحرب في غزة، وما زال الادّعاء باستمرار وقف الحرب، وتعزيز علاقته العربية والإسلامية

وبكلمة مختصرة، يشنّ نتنياهو وجيشه ومستوطنوه حربا واسعة في الضفة الغربية، إلى جانب الحرب المستمرة في قطاع غزة؛ يحدث هذا وترامب يتحدث عن نجاحه في وقف الحرب في غزة، وما زال الادّعاء باستمرار وقف الحرب، وتعزيز علاقته العربية والإسلامية.

والسؤال، لماذا يحدث هذا من دون أن يواجَه، خصوصا من جانب الدول العربية والإسلامية، بما يفعله نتنياهو، فلا يلحظ ترامب أن مشروعه في طريقه، سريعا، إلى الفشل. فالمخدّر المؤقت الذي بثه ترامب، في عروق بعض الأنظمة العربية والإسلامية، أخذ يفقد تأثيره أمام ما يمارسه نتنياهو، من تنمّر مباشر وغير مباشر. فإذا كان قد فعل ما فعله، طوال ما يقرب من ثمانين يوما، فلم يعد قادرا بعد اليوم على تمرير ما يفعله نتنياهو، دون وضع حدّ له أو إعلان العجز.

وهذا لن يقتصر على الوضع الإقليمي، وإنما سينتقل إلى ردّ فعل من قِبَل الرأي العام العالمي، الذي أمكن أن يهدأ نسبيا، مع بقاء الجمر تحت رماد الإعلان عن وقف الحرب، في المرحلة الأولى التي اتسّمت بتبادل الأسرى، وإعلان وقف الحرب، والانسحاب الجزئي، وإطلاق المساعدات ضمن المستحق فعليا، ولو في الحدود الدنيا.

إن عودة مستوى احتجاج الرأي العام في إدانة الكيان الصهيوني، مما دمر سمعته، كما في دعم القضية الفلسطينية، والارتفاع بها إلى أعلى الدرجات، ليس بالأمر السهل، بعد الإعلان عن وقف الحرب، ولكن العودة ليست مستحيلة، وذلك مع تجدّد الظروف التي سوف تحفز إلى التحرك من جديد، وهو ما ستؤدي إليه سياسات نتنياهو، وتخبّط ترامب في مواجهتها.

فالمعلن من سياسات ترامب يتناقض مع سياسات نتنياهو، الذي يريد أن يفرض معادلة حرب ضدّ غزة ولبنان وعدد من الدول العربية، وهو ما سيفرض على ترامب أن يختار بين الفشل لمشروعه، ووضع حدّ لتمادي نتنياهو في سياساته. فما لم يتحرك ترامب ومساعدوه، لوضع حدّ لنتنياهو المعزول دوليا، والمأزوم داخليا، والمرشح للفشل في قطاع غزة وفي لبنان وفي الإقليم عموما، فسوف يربط مصير مشروعه بفشل نتنياهو.

وهنا على ترامب أن يدرك أن ميزان القوى العالمي والإقليمي، بما في مجال الصراع الداخلي، فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، ليس في مصلحة نتنياهو، بل عليه، في الأقل، أن يتذكر ما قاله لنتنياهو: "إنك لن تستطيع مواجهة كل العالم".
التعليقات (0)

خبر عاجل