ملفات وتقارير

كيف عمل الاحتلال على تهويد ومحو المساجد التاريخية في فلسطين؟

الاحتلال دمر 738 مسجدا بالأرض بشكل كامل في قطاع غزة خلال حرب الإبادة- منصة "إكس"
الاحتلال دمر 738 مسجدا بالأرض بشكل كامل في قطاع غزة خلال حرب الإبادة- منصة "إكس"
يعمل كيان الاحتلال الإسرائيلي على طمس التاريخ الفلسطيني الإسلامي منذ أحداث النكبة عام 1948، عبر العديد من الطرق والأساليب، وأبرزها هدم أو تهويد المساجد البارزة والتاريخية.

وطوال العقود الماضية عمل الاحتلال على تحويل المساجد التاريخية القليلة الناجية من النكبة إلى كُنس ومساكن ومستودعات، ومقاه، حتى إن بعضها جرى تحويله إلى حانات وحظائر للحيوانات.

وجرى تحويل مسجد "يازور" بقبابه التي تظهر على الطريق الواصل بين تل أبيب يافا والقدس، في الوقت الحالي إلى كنيس يسمى “شعاري تسيون”، وما زال المبنى يحمل الطابع المعماري المملوكي، بينما تحول مسجد قرية سلمة الكبير والمسوّر في يافا خلال منتصف سنوات الثمانينيات إلى نادٍ للشباب، ثم تم إغلاقه وهجره حتى الوقت الحالي، كما أنه جرى تدمير معظم المساجد في قطاع غزة، بما في ذلك الأثرية.

احتلال المساجد
أنشأ ظاهر العمر، وهو أحد الحكام في فلسطين في فترة الحكم العثماني، مسجدين في طبريا منذ أكثر 300 عام، وهما المسجد الزيداني والمسجد البحري.

اظهار أخبار متعلقة


وبعد أحداث النكبة عملت بلدية طبريا على تحويل المسجد البحري إلى متحف، ثم عملت لجنة المتابعة للجماهير العربية في الداخل على القضية، وحصلت على تسوية تتحوّل المساجد بموجبها إلى أماكن سياحية تمنع الصلاة فيها، بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير سابق.


وفي ذات الفترة جرى تحويل مسجد السوق في مدينة صفد إلى معرض فنون يقدم اللوحات والمنحوتات، بينما أصبح مسجد الخالصة في مستوطنة "كريات شمونة" حاليا متحفًا، ومسجد الحمة في الجولان تحول إلى حانة وملهى ليلي.


وجرى تحويل المسجد الكبير في بئر السبع إلى متحف، ومن ثم تم إهماله وهجره حاليًا، بينما أصبح مسجد قرية العباسية كنيسا يهوديا  في مستوطنة يهودية، والمسجد في عين حوض تحوّل إلى مطعم.


وجرى تحويل مسجد العفولة، ومسجد أبو هريرة في يبنا ضمن قضاء الرملة، إضافة إلى مسجد حارة الجورة في صفد وتحوله إلى كُنس يهودية، بينما جرى هدم مسجد صرفند ضمن قضاء حيفا 2000، وتحول مسجد اللجون ضمن قضاء جنين إلى ورشة نجارة ومن ثم تم إغلاقه.

وتم إغلاق مساجد الصغير في حيفا، وسراقة غربي قليلية، ومسجد زكريا ضمن قضاء الخليل، بينما أصبح مسجد عين كارم في القدس مهملًا ويستعمله المجرمون كملتقى. أما المسجد الجديد في قيساريا فتم تحويله إلى مطعم، والمسجد الأحمر في صفد تحوّل إلى نادٍ للفنانين، ومسجد عين الزيتون في صفد صار حظيرة للأبقار، بحسب ما أكد موقع "ذاكرات".

في 15 آذار/ مارس 2009، قدم الشيخ عبد الله نمر درويش، والشيخ إبراهيم صرصور، وأعضاء عرب في الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى جمعية الأقصى والمركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في "إسرائيل" (عدالة)، التماسًا إلى المحكمة العليا لإعلان سلسلة من المساجد في أماكن مختلفة كأماكن مقدسة للإسلام.

وتقع هذه المساجد في القرى العربية المحتلة عام 1948، وهي التي تم إهمالها وتدنيسها وتحويلها إلى نوادٍ ليلة وحانات ومحلات تجارية. رغم ذلك رفضت المحكمة الالتماس وعملوا على احتلال هذه المساجد، بحسب ما ذكر موقع "نيوز 1" الإسرائيلي.

وخلال أحداث النكبة، تم تدمير ما يزيد على الـ 400 قرية عربية، وتحولت العديد من المدن من أغلبية عربية إلى أغلبية يهودية، وقد تم تدمير عدد غير معلوم حتى الآن من المقابر والمقامات والمساجد.

وورد في تقرير من جمعية الأقصى للحفاظ على المقدسات أنه في عام 1948 هُدم 1200 مسجد ومقبرة للمسلمين في داخل الخط الأخضر (يفصل بين الأراضي المحتلة عام 1948 والمحتلة عام 1967)، بشكل مباشر على يد “إسرائيل" أو بسبب منع ترميمها.

قطاع غزة
وخلال تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة في عام 2014، أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، أنه جرى تدمير 60 مسجدا بشكل كلي، إضافة إلى تضرر 150 مسجدا بشكل جزئي.

وكشفت الوزارة أن 11 مسجدا من المساجد المدمرة في شمال قطاع غزة، و20 في مدينة غزة، و10 بالمحافظة الوسطى، و17 في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، واثنين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وقصفت "إسرائيل" في ذلك الوقت 11 مقبرة، و3 لجان زكاة، وقصفت مدرسة شرعية للبنين.

وشنّت "إسرائيل" حربًا عسكريةً واسعةً على قطاع غزة، في 7 تموز/ يوليو 2014، بدعوى العمل على وقف إطلاق الصواريخ من غزة، باتجاه المدن والمستوطنات الإسرائيلية.

اظهار أخبار متعلقة


وتسببت هذه الحرب في استشهاد 1894 فلسطينيًا، فيما أصيب 9817 آخرون، فضلا عن تدمير وتضرر 38080 منزلا سكنيًا ومقرات حكومية ومواقع عسكرية في غزة، بحسب أرقام رسمية فلسطينية.

ووفقًا لبيانات رسمية إسرائيلية، فإنه قُتل 64 عسكريًا و3 مدنيين إسرائيليين، وأصيب حوالي 1008، بينهم 651 عسكرياً و357 مدنياً. بينما تقول كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إنها قتلت 161 عسكريا، وأسرت آخر.

وخلال حرب الإبادة التي امتدت من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى 19 كانون الثاني/ يناير 2025، أكد المتحدث باسم وزارة الأوقاف في قطاع غزة إكرامي المدلل أن "صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجدا بالأرض، ودمرتها تدميرا كاملا من أصل نحو 1244 مسجدا في قطاع غزة، بما نسبته 79 بالمئة".


وأضاف: "تضرر 189 مسجدا بأضرار جزئية، ووصل إجرام الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلين الآمنين، كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية ثلاث كنائس تدميرا كليا جميعها موجودة في مدينة غزة".

وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضا 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميرا كليا و18 جزئيا.


وأوضح أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب".

وأكد المدلل أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حربه الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية".


وأضاف: "يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر".

ولم يكتفِ جيش الاحتلال بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين.

أبرز مساجد غزة
العمري الكبير: أقدم وأعرق مساجد المدينة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.

ويضم 38 عمودا من الرخام، ما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، ويعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريما للخليفة عمر بن الخطاب.

اظهار أخبار متعلقة


وفي تاريخه الطويل، تحوّل الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.


تعرض المسجد للتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني، كما أنه تعرض للدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقا في العام 1925.

مسجد السيد هاشم: يقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه بمدينة "غزة هاشم".


تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2023.

مسجد كاتب ولاية: يشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتُقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.


يرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي 1341 و1309 ميلادية، وتعرض لقصف مدفعي إسرائيلي في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 متسببا في أضرار جسيمة.
التعليقات (0)