كيف كانت الدراما العربية تتفاعل مع قضية فلسطين سابقا؟
عربي21- محمد خليل03-Mar-2510:47 AM
0
شارك
خصصت الإنتاجات العربية التي صدرت مطلع الألفية الجديدة حلقات ومسلسلات كاملة للحديث عن القضية الفلسطينية- منصة "إكس"
تخلو الأعمال التلفزيونية العربية، التي تعرض خلال شهر رمضان الحالي، من ذكر القضية الفلسطينية تقريبا، وذلك رغم تعرض قطاع غزة لحرب إبادة غير مسبوقة امتدت على طول موسمين من الإصدارات والمنتجات العربية.
وحل رمضان الماضي في شهر آذار/ مارس 2024، عندما كانت الإبادة في شهرها الخامس، ولم يتضمن سوى ذكر بسيط ضمن حلقات معدودة لبعض الإنتاجات التي تحدثت عن حب فلسطين أو ضرورة دعم مقاطعة المنتجات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي.
ولم يكن هذا الحال في الإنتاجات العربية التي صدرت خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، حيث تم تخصيص حلقات كاملة وأحيانا مسلسلات للحديث عن القضية الفلسطينية والجرائم الإسرائيلية.
طاش ما طاش
سلط أهم إنتاج درامي سعودي الضوء على القضية الفلسطينية، وهو مسلسل "طاش ما طاش"، الذي أنتج في 2002 حلقة باسم "خضار الشرق" تتحدث عن القضية الفلسطينية، وذلك منذ الانتداب البريطاني حتى انتفاضة الأقصى، وتقدم أبرز المحطات التاريخية بطريقة كوميدية وساخرة ورمزية.
تبدأ الحلقة بتقديم شخصية "أبو شنب" التي تمثل الاحتلال الإسرائيلي، وشخصية "داوود" الذي يمثل الولايات المتحدة، ويعمل على إشغال الدول العربية بأمور لا يعرفونها ولم ترد عليهم، بينما يذهب الأول لاحتلال فلسطين، ورمزيته هنا "بسطة زهرة للخضار".
بعدما تمكن "داوود" من إلهاء "ناصر" و"سليمان" وزميله ودعوته لهم إلى منزله من أجل التعرف على "الكيوي" و"الكاكا"، وذهاب شخصية "عبد الرحمن" إلى القهوة، يستغل أبو شنب هذه الحالة ويعتدي بالضرب على زهرة ويسيطر على موقعها في "السوق"، ثم يقول إنه قام بشراء المكان من "زهرة".
يعود جيران زهرة ليجدوا "أبو شنب" الفظ يسيطر على مكان "زهرة"، وهم غير مقتنعين أنه قد يكون قام بشراء المكان الذي لم يعرض يوما للبيع، ثم يجدون جارتهم بنفسها وهي في حالة صحية متردية وآثار الضرب عليها.
اظهار أخبار متعلقة
وتبدأ رحلة محاولة إعادة حق "زهرة" باللجوء إلى الشرطة التي تمثل هيئة انتداب عسكري أجنبي ويقدم دورها نفس ممثل شخصية "أبو شنب"، وذلك بعد اتفاق جميع جيران زهرة على استبعاد حل "التدخل بالقوة"، وبحسب الحلقة يخضع هذا الانتداب لتأثير اللوبيات والجهات الداعمة لـ "إسرائيل".
تفشل الخطة الأولى باعتبار أن هذه الأمور ليست من اختصاص الشرطة بل من اختصاص مدير البلدية، الذي يقدم دوره أيضا "أبو شنب"، ويرد عليهم أن الصكوك والوثائق التاريخية التي عنده تثبت حق "أبو شنب" في مكان زهرة في السوق.
يلوم جيران "زهرة" أنفسهم ويبدأون باتهام بعضهم البعض بالجبن والخوف بينما "أبو شنب" يجلس في مكانه الجديد ويبدأ بممارسة أعماله بشكل طبيعي، ليتم الاتفاق على "وضع خطة" من أجل معالجة القضية بشكل جذري.
ويعرف بهذا المخطط "داوود" الذي يسارع إلى تحذير "أبو شنب" الذي يتجهز بالسلاح من أجل الدفاع عن موقعه الذي سرقه من زهرة، وبالفعل ينجح في ذلك بل يحصل أيضا على حق "ناصر"، في إشارة كما يبدو إلى أحداث حرب النكسة عام 1967.
وعقب ذلك يتدخل "داوود" كوسيط ويقترح إجراء مفاوضات مع "أبو شنب"، ويظهر مصطلح حل كل مشكلة على حدة، وتبدأ إغراءات تفريق الأصدقاء والجيران.
يضع "أبو شنب" شروطه خلال المفاوضات، وأبرزها "إغلاق الباب الذي يأتي من جهة ناصر بشكل نهائي"، ثم يعود حق "ناصر"، وتعود "زهرة" للعمل في مبسطها تحت إمرة "أبو شنب".
تنتهي الحلقة بسيطرة "أبو شنب" على السوق، وبيدأ بجلب أقربائه للعمل معه، بينما يستمر "داوود" بتنظيم حفلات لإلهاء باقي الدول، و"زهرة" تطرد من السوق نهائيا.
النهاية مسلسل مصري جرى إنتاجه عام 2020، وهو من نوع الخيال العلمي من بطولة يوسف الشريف وإخراج ياسر سامي، وتدور أحداثه في عام 2120، حيث يواجه العالم تطورات تكنولوجية هائلة، ويتناول تأثير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا على مستقبل البشرية.
وتعرض الحلقة الأولى من المسلسل مشهدا يُظهر انهيار "إسرائيل" واختفاءها من الوجود، وذلك في درس تعليمي يُعطى للأطفال، حيث يقول المعلم إن "حرب تحرير القدس" أدت إلى تفكك "إسرائيل" بعد مرور 100 عام على تأسيسها (أي في عام 2048)، وإن اليهود انتشروا في دول مختلفة حول العالم.
والمشهد أثار غضب الاحتلال، حيث أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانًا اعتبرت فيه أن المسلسل "غير مقبول" و"معادٍ لإسرائيل"، كما نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريرًا يهاجم المسلسل، معبرة عن استيائها من الفكرة التي تروج لاختفاء "إسرائيل".
— ابراهيم فهد النعيم (@ibrahem1992fahd) May 17, 2020
ورغم أن المسلسل لم يركز على "إسرائيل" كموضوع أساسي، لكنه استعرض مستقبلا خياليا يصور كيف قد يكون تحرير القدس جزءًا من التغيرات العالمية الكبرى، وكان هذا الطرح غير مسبوق في الدراما العربية، خاصة أن الأعمال التي تناولت "إسرائيل" سابقًا كانت غالبًا تركز على الحروب أو الصراع الاستخباراتي، بينما قدم "النهاية" رؤية مستقبلية لنهاية الاحتلال الإسرائيلي.
الفصول الأربعة تناول المسلسل السوري الشهير القضية الفلسطينية وأحداث الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000، من خلال حلقة جاءت بعنوان "بنت وصبي"، وتبدأ على مشهد من نشرة أخبار تتحدث عن انتفاضة الأقصى وجرائم الاحتلال.
وما يثير انتباه شخصية "نارا" (تؤدي دورها روعة السعدي)، إلى جانب تعاطفها مع الشعب الفلسطيني، هو الحديث عن مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومنظمة اليونسيف والمنازعات الدولية.
ومع أحداث الحلقة، تكثر أسئلة "نارا" لوالدها المحامي عادل (جمال سليمان)، ويزداد اهتمامها بالقضايا الحقوقية، ينعكس ذلك على شخصيتها وتعاملها مع صديقاتها في المدرسة، وقرارها التخصص في القانون الدولي؛ من أجل العمل ضمن محكمة العدل الدولية.
ومع اهتمام "نارا" بمتابعة الأخبار بشكل يومي تتحول الأسئلة إلى جوهر القضية الفلسطينية وفهم مبدأ المواجهة، لكنها تستغرب من عدم قدرة العرب على تحرير فلسطين، رغم عددهم الكبير ومواردهم النفطية الوفيرة.
وتتجه الأسئلة بعد ذلك إلى دور جامعة الدول العربية وتفاصيلها، وعن سبب عدم وجود محكمة العدل العربية ضمن الجامعة، أسوة بالأمم المتحدة، ومن ثم إلى الاستغراب من كل المواثيق الدولية، واحتكار حق النقد "الفيتو" على الدول الخمس الكبرى.
تتساءل "نارا" عن سبب تجاهل "إسرائيل" لقرارات الشرعية الدولية، وعن سبب سكوت العالم عن هذه الانتهاكات الدولية؟ ليرد عليها والدها أنها عندما تكبر سوف تجد أجوبة لكل هذه الأسئلة، لتقول مستغربة: "المشكلة في فلسطين سوف تبقى حتى أكبر؟".
اظهار أخبار متعلقة
ونتيجة ذلك، تصل "نارا" إلى استنتاج إلى أن كل المنظمات الدولية والإقليمية والعقائدية وغيرها، "ليس لها أي فائدة أو طعم مقابل الحجر"، وأن دراسة القانون الدولي غير مفيدة مقابل حمل الأحجار مع أطفال فلسطين، وهو ما تسبب في مشادة مع والدها.
وتتأخر "نارا" بالعودة إلى البيت بعد المدرسة؛ بهدف زيارة سفير اليونيسف الإقليمي، ليظن والدها وعائلة أمها المتوفاة بأنها ذهبت إلى فلسطين، وبالفعل تلتقي بسفير اليونسيف (دريد لحام)، وتشرح له كيف أن والدها يمنعها من الحديث بحرية عن قضية فلسطين، ثم يصطحبها إلى عائلتها القلقة على سلامتها.
وجاءت هذه الحلقة من المسلسل الذي أخرجه الراحل حاتم علي، في أيار/ مايو 2001، بعد أيام فقط من استشهاد الرضيعة إيمان حجو، في أحضان أمّها سوزان، أمام بيت عائلتها في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة.
مرايا
جاء في جزء مسلسل مرايا السوري الشهير "مرايا 99" بعنوان "سوسو السفاح" (ياسر العظمة)، وهي أيضا من إخراج حاتم علي، وتعرض رمزيات حول القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي والدول العربية.
وشخصية سوسو هي لـ"قبضاي" جبان يخاف من أي شيء، خصوصا زوجته، لكنه بارع جدّا في التمثيل، ويستغل صوته المرتفع وعيونه المخيفة في صناعة هيبة وهمية له في نظر الآخرين.
ويمارس "سوسو" الداعية على "قباضايات القهوة"، ويستغل احترامهم المبالغ به للقوة، وينجح في إرهابهم وتخويفهم.
وخلال أحداث الحلقة، يلوم "القبضايات والأزقردية" بعضهم لعدم قدرتهم على الرد على "سوسو"، ثم يبتكرون التبريرات لخوفهم منه.
ويحاول شاهر (محمد قنوع) أو "شوشو" كما يسخر منه رواد القهوة، إثبات قوته، وأنه يستحق المكانة والاحترام، يكتشف حيلة "سوسو" وجبنه وخوفه، ذلك يلحق بـ "سوسو" ويختبر جبنه وخوفه، بل يعمل على إهانته وتهديده، لكن سوسو لديه المزيد من الألاعيب والحيل.
ويصر شاهر على مواجهة "سوسو" داخل القهوة، وبالفعل يأتي سوسو قويّا ومهابا كالعادة، ويمارس حيلته على الجميع، ويعمل على إيقاع "شوشو" في قبضة باقي "أقوياء" القهوة.
الاجتياح
مسلسل من إنتاج المركز العربي للإنتاج الإعلامي الأردني في عام 2007، وهو من إخراج شوقي الماجري، وسيناريو رياض سيف، ويصور معاناة الشعب الفلسطيني خلال اجتياح الضفة الغربية ومجزرة جنين سنة 2002.
ويتناول العمل الأحداث التي ترافقت مع إعادة احتلال الضفة الغربية عام 2002، من حصار لرئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، وحصار كنيسة المهد في بيت لحم، ومجزرة جنين.
وفي تصريح سابق له، أكد المنتج عدنان عواملة أن 80 بالمئة من مجريات المسلسل حقيقية وتمثل عملا وثائقيا، وكاتب العمل استمع إلى شهادات من أناس عايشوا الاجتياح، ومن ثم كانت الرواية واقعية بنسبة كبيرة".
وأحجمت معظم الفضائيات العربية حينها عن بث المسلسل، بحجة تضمن أحداثه قصة حب بين مصطفى الفلسطيني المطارد ويائيل الفتاة اليهودية، وهي نقطة تعرض المسلسل للانتقاد بسببها.
وعن ذلك قال عواملة؛ إنه في "حال لم تكن القصة واقعية بالمطلق، فقد تترك للكاتب مساحة للتشويق، وقد تكون تلك القصة جاءت من هذا المنطلق، لتؤكد أن الفلسطيني لا يبحث عن الإرهاب والموت، بل تعني له الحياة الكثير".
وحصل المسلسل جائزة "إيمي" المعادلة لجائزة الأوسكار، إلا أنها تمنح للمسلسلات والبرامج التلفزيونية المختلفة، وهو ما أحدث مفاجأة متفوقا على أكثر من 500 عمل تلفزيوني عالمي.
اظهار أخبار متعلقة
وبعد هذه الجائزة، لفتت قوة العمل انتباه صناع السينما والدراما الغربيين، الذين أبدوا إعجابهم بأداء الممثلين القوي، واستغرابهم لهذا الكم الهائل من المعلومات والواقع الذي يخفى عنهم.
ويأتي هذا بعدما امتنعت قنوات عربية بارزة عن عرضه، وهي ذاتها التي ذهبت إلى عرض مسلسلات تروج التطبيع وتحسن صورة الاحتلال عالميا في السنوات الأخيرة، فضلا عن عقد شراكات مع جهات إسرائيلية.
على هلسيرة تنسوش تحضروا مسلسل الاجتياح.
أفضل مسلسل عربي انعمل بالتاريخ بدون اي مبالغة.
المسلسل كان من المفترض انه ينعرض عMbc لكن زي ملتويت الاصلية بتقول عن التطبيع، انسحبت من بثه و ضله سنة مرمي لحتى منعرض على شبكة LBC و ياخد جائزة Emmy لافضل مسلسل عالمي طويل. https://t.co/7CBxN8Tr2npic.twitter.com/W3qrKqPo84
أعمال أخرى يعد مسلسل التغريبة الفلسطينية من أبرز وأهم الأعمال التي تناولت القضية الفلسطينية بعمق، يروي المسلسل مأساة الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948 وحتى الشتات، مع تسليط الضوء على معاناة العائلات الفلسطينية.
وجاء المسلسل بتأليف من وليد سيف، وإخراج الراحل حاتم علي، وجرى حذف حلقاته من منصة "شاهد" التابعة لشبكة "إم بي سي" السعودية في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وبعد توقيع دول خليجية لـ"إتفاقيات أبراهام" للتطبيع مع الاحتلال، إلا أن حملة كبيرة أجبرت المنصة على إعادة الحلقات.
العالم كله تآمر علينا |
بدل ما تِتلقّح تحت عمودك خيمتك، اخلعه واطلع فيه..
خذ حقك فيه بالمليحة ولاّ بالعاطلة..
تقوليش بصير ولاّ بصيرش...إذا "إسرائيل" قامت كل إشي بصير..
— The Palestinian Archive الأرشيف الفلسطيني (@palestinian_the) November 18, 2023
أما فيلم رجال تحت الشمس الصادر عام 1970، فهو مقتبس عن رواية غسان كنفاني، ويروي قصة ثلاثة فلسطينيين يحاولون عبور الحدود بحثا عن حياة أفضل، لكنهم يواجهون مصيرا مأساويا، وكان العمل دراميا بارزا في السينما السورية، وأُلهمت منه مسلسلات لاحقة.
وحصل الفيلم على الجائزة الفضية في مهرجان قرطاج في العام ذاته، وشارك في تمثيله يوسف حنا، وعاطفة الخالدي، وأخرجه محمد شاهين.
وفي عام 2020، صدر مسلسل حارس القدس، الذي يحكي سيرة المطران هيلاريون كابوتشي، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وإخراج باسل الخطيب، وبطولة الممثل السوري رشيد عساف.
يروي المسلسل سيرة المطران هيلاريون كابوتشي، الذي كان من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية، ويسلط الضوء على دوره في مقاومة الاحتلال.