حقوق وحريات

"انتقام وتطهير سياسي" ردود فعل تونسية غاضبة بعد أحكام قضائية بحق معارضين

بلغ مجموع الأحكام أكثر من 760 سنة سجنا ضد أكثر من أربعين تونسي- جيتي
بلغ مجموع الأحكام أكثر من 760 سنة سجنا ضد أكثر من أربعين تونسي- جيتي
أثارت الأحكام القضائية، التي بلغت في مجموعها أكثر من 760سنة سجنا ضد أكثر من أربعين مشمولا بالبحث في ما يعرف بقضية "أنستالينغو"، تنديدا ورفضا واسعا بالنظر للأحكام "الثقيلة والقاسية" والتي شملت سياسيين وأمنيين وصحفيين.

وقال عضو هيئة الدفاع المحامي أمين بوكر، إن "الأحكام الصادرة ثقيلة وقاسية جدا، وتظهر أن المحكمة لم تستوعب مرافعات الدفاع مطلقا والتي استمرت أكثر من 15ساعة".



واعتبر بوكر في تصريح خاص "لعربي21"، أنه "يبدو أن عوامل خارجية دفعت المحكمة لإصدار مثل هذه الأحكام"٬ وفي استفسار عنها رد المحامي: "لا نعلق عليها، ولكنها ثابته عندنا" وفق تقديره.

وأضاف: "هناك حيف وظلم كبير بحق المتهمين، القانون يمنحنا حق الاستئناف عبر الطعن... لكن في الحقيقة أن الأحكام عن هذه الدائرة توحي بأنه لم يعد للترافع أي معنى".

اظهار أخبار متعلقة


"تطهير سياسي"
وقالت جبهة الخلاص الوطني المعارضة (مكونة من مجموعة أحزاب وشخصيات)، إنها تلقت ببالغ الاستياء والاستنكار الحكم الصّادر عن الدّائرة الجنائيّة الثّانية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإدانة وسجن عدد من المدوّنين والسّياسيّين والأمنيّين في قضية "أنستالينغو".

واعتبرت الجبهة في بيان لها أن "هذه الأحكام التي بلغ مجموعها أكثر من 760 سنة، مؤشّر على أنّ موسم المحاكمات السّياسيّة يعكس رغبة في التّشفّي والانتقام توظّف فيها السّلطة الملفّات القضائيّة الملفّقة" وفق تعبيرها.

وحذرت الجبهة من أن" هذا الحكم الظّالم قد يكون مؤشّرا على توجّه السّلطة التّنفيذيّة المسؤولة واقعيّا عن إدارة "الوظيفة القضائيّة" إلى الانتقام والتّشفّي من معارضيها إلى "التّطهير السّياسيّ" غير المسبوق وفق قولها.

وأكدت الجبهة إدانتها الشديدة للحكم الصادر على رئيس البرلمان المنتخب (دورة 2019- 2024) ورئيس حركة النّهضة  الشيخ راشد الغنّوشي بـ22 سنة سجنا دون أيّ أساس واقعيّ أو قانونيّ بذريعة أنّ "موقعه في الحزب وفي الدّولة يجعله مطّلعا بالضّرورة على مثل هذه الملفّات" وفق تقديرها.


اظهار أخبار متعلقة


ونبهت الجبهة من أن "الدّائرة القضائية التي أصدرت الأحكام تكاد تصبح ذات الاختصاص في الأحكام القاسية ضدّ السّياسيّين٬ فبعد الحكم بـ 10 سنوات سجنا ضدّ المحامي نور الدين البحيري في قضيّة التّدوينة المفقودة، يتمّ تعهيدها بملفّ منشور أمام محكمة سوسة 2 لتصدر أحكاما ظالمة بعد محاكمة صوريّة لا تتوفّر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة "على حد وصفها.

ولفتت جبهة "الخلاص" إلى أنّ القضاء التّونسي يعيش أحلك فتراته بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء وحملة الإعفاءات وتسيير القضاء بمذكّرات العمل الصّادرة عن وزيرة العدل.

يشار إلى أن الأحكام الصادرة الأربعاء تعد غير نهائية وقابلة للطعن في غضون 10أيام وفق ما ينص عليه القانون.

وتعود قضية "إنستالينغو" إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حين أوقفت السلطات موظفين في الشركة، وحققت مع صحفيين ومدوّنين ورجال أعمال وسياسيين بتهم بينها "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة قيس سعيد، والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والجوسسة".

"مساس بالحريات"
من جانبها عبرت نقابة الصحفيين التونسيين عن تضامنها التام والمطلق مع الصحفية شذى الحاج مبارك وعائلتها، مطالبة بسراحها.

اظهار أخبار متعلقة


وشددت النقابة على "خطورة هذا الحكم ومساسه من حرية العمل الصحفي داخل شركات الإنتاج الصحفية الموجهة منتجاتها للمؤسسات الإعلامية الوطنية والدولية، وإلى خطورة عدم اختصاص الدائرة الحكمية في الملفات ذات الطابع الصحفي وعدم استئناسها بخبراء في المادة الصحفية".

وتابعت: "عدم الفصل بين ما هو مرتبط بالمحتويات الصحفية وحرية النشر في الفضاء الرقمي في إطار القانون، وبين البعد السياسي والأمني للملف الكامل للقضية٬ قد ألحق أضرارا فادحة بحقوق الزميلة وحريتها يجب تلافيه في أسرع وقت".

يشار إلى أن الصحفية الحاج مبارك قد صدر حكم ضدها في نفس الملف يقضي بسجنها خمس سنوات٬ وهو حكم أكدت النقابة انطلاقها في إجراءات استئنافه.

وجدير بالذكر أن قاضي التحقيق بمحكمة سوسة كان قد أسقط التهم عن الصحفية في 2023، مؤكدا أنها تقوم بأعمال صحفية لا علاقة لها بالتهم الموجهة لها وقرر إيقاف التتبع وبطاقة الإيداع في حقها.

اظهار أخبار متعلقة


غير أن دائرة الاتهام وفي تموز/ يوليو 2023 نقضت قرار قاضي التحقيق وقررت إيداع الصحفية السجن وتوجيه تهم التآمر على أمن الدولة الخارجي وتهمة إتيان أمر موحش ضد رئيس الجمهورية (الفصل 67 من المجلة الجزائية)، وتمت إحالتها على الدائرة الجنائية بسوسة ثم الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية.
التعليقات (0)

خبر عاجل