أثارت الأنباء عن هروب جنود من قوات "
الدعم السريع" السودانية، التي يقودها محمد دقلو "
حميدتي"، إلى مدن ليبية تقع تحت سيطرة المشير الليبي، خليفة
حفتر، بعض التساؤلات عن تأثير ذلك على علاقة الأخير بالنظام
المصري الذي استقبله رسميا منذ يومين.
وأكدت القوة المشتركة السودانية "أنها تمكنت من صد هجمات مرتزقة ومقاتلي الجنجويد بقوات "الدعم السريع"، ما دفع إلى فرار بعضهم إلى الأراضي الليبية التي تقع تحت نفوذ "خليفة حفتر"، مؤكدة أنها تمكنت من صد هجوم مليشيا الجنجويد عندما حاولت التسلل من الحدود الليبية باتجاه مثلث الحدود الدولية السودانية - الليبية – التشادية.
وأكد بيان القوة المشتركة أن "دولة الإمارات كانت تحضّر منذ شهور في شرق
ليبيا لشن مثل هذه العمليات العسكرية من أجل إنقاذ قوات "حميدتي"، لكن تم إفشال هذه المحاولة اليائسة"، وفق البيان.
اظهار أخبار متعلقة
غضب السيسي
وذكرت بعض المصادر أنه خلال اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع قائد القيادة العامة في ليبيا خليفة حفتر، عبر الأول عن غضبه من التقارير الواردة حول دعم حفتر لقوات "حميدتي" التي يرفضها الجيش المصري ويدعم قوات "البرهان" وفقط، وأن الرئاسة المصرية شددت على منع تدفق أي أسلحة إلى قوات الدعم السريع أو استقبال جرحاهم والفارين منهم.
فهل تسبب التقارير الجديدة عن استقبال حفتر لجنود من قوات "حميدتي" غضب القاهرة وفك الارتباط معه؟ خاصة مع ورود أنباء عن استقبال حفتر أيضا لجنود ومعدات روسية؟
ضغوط مصرية ودولية على حفتر
من جهته، أكد رئيس لجنة الأمن القومي بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عبدالفتاح الحلبوص، أن "حفتر بهذه الممارسات سواء بخصوص ملف السودان أو الروس سيتعرض لضغوط كبيرة من قبل القاهرة أو المجتمع الدولي، لذا قد يضطر لتسليم الفارين من قوات "حميدتي" إلى القاهرة لضمان عدم غضبهم، أو ربما يحتفظ بهؤلاء المرتزقة لابتزاز الحكومة السودانية والجيش السوداني بعد ذلك".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "سر دعم حفتر لحميدتي هو بمثابة رد الجميل له كونه ساعده في هجومه على طرابلس عام 2019 ، أما بخصوص الروس وما تداول عن وصول قوات ومعدات روسية قادمة من سوريا، فأعتقد أن يكون هناك تعاون بين روسيا وقوات الدعم السريع، ويتم دمجهم في الفيلق الأفريقي، وربما سيكون هذا حتى دون استشارة حفتر أو رأيه، فالروس سيحاولون تعويض سوريا، وسيستغلون الموقف"، وفق تقديره.
وأضاف: "لا ننس عودة ترامب للبيت الأبيض وتهديداته بمنع أي تصعيدات أو حروب في المنطقة، فربما تكون استراتيجية ترامب هي تكوين قوة ليبية تصد هذا التوسع الروسي ومرتزقة الدعم السريع، وربما يتم عقد صفقة أمريكية مع حفتر مقابل إخراج المرتزقة الروس "فاغنر"، ومن المتوقع أن تكون تركيا هي الوسيط في أي توافقات".
في حين رأى الصحفي والباحث السوداني، أحمد عبدون ،أنه "يجب أن يقرأ هذا الخبر في سياق العمليات العسكرية الدائرة في أنحاء السودان المختلفة، وبالتالي إن ثبت أو صح فهو يشكل تطورا خطيرا للغاية، وسيؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة، وتأخير جهود تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا والسودان".
وأكد في تصريح لـ"عربي21" أنه "حال تأكد الخبر، فإن حفتر سيستغل هذه القوات في تعزيز صفوفه، خاصة أن هذه القوات تتمتع بخبرة قتالية كبيرة، وهذا سيؤدي إلى تدفق أعداد كبيرة من المقاتلين إلى ليبيا، وتعطيل جهود السلام فيها، كما سيعمل على تغيير موازين القوى، خاصة مع وجود تحالفات متعددة الأطراف في ليبيا والسودان".
وتابع: "هذا الأمر قد يعرض حفتر لضغوط إقليمية ودولية، كما يؤدي إلى تدهور العلاقات مع مصر، التي تعتبر محمد حمدان دقلو "حميدتي" والدعم السريع مهددا لأمنها القومي، وقد يكون الدافع وراء استقبال حفتر لهؤلاء الفارين هو كسب دعم الإمارات واستمرار ذلك سياسيا وعسكريا"، بحسب رأيه.
اظهار أخبار متعلقة
حفتر لن يتحالف ضد مصر
الصحفي من الشرق الليبي، محمد الصريط، قال من جانبه، إن "دخول أفراد من قوات الدعم السريع السودانية إلى ليبيا أمر طبيعي، بسبب تدفق النازحين السودانيين، لكن لا أعتقد أن قائد القيادة العامة (حفتر)، لا يتدخل بشكل صريح في هذه القضية، كونها تتجاوز الحدود الليبية السودانية، وتؤثر على الجغرافيا السياسية لدول أخرى في المنطقة، مثل مصر وتشاد".
وأوضح أنه "من المستبعد جدا أن تؤسس القيادة العامة في الشرق الليبي تحالفات ضد مصر، كونها الحليف الاستراتيجي المهم والأساسي لها، ونظرا للعلاقة السياسية والجغرافية والاجتماعية التاريخية بين الطرفين، فالحليف المصري ضروري للقيادة العامة، لوجود تحديات أمنية مشتركة، وبالتالي من غير المرجح أن تتخلى القيادة العامة عن هذا الحليف الاستراتيجي من أجل تحالفات مؤقتة"، وفق تقديراته.
وأضاف لـ"عربي21": "مصر تري أن أمنها القومي يرتبط ارتباطا وثيقًا بالجغرافيا السياسية الليبية، لهذا السبب تدخل في الملف الليبي بشكل قوي، وحفتر يعمل على تعزيز أواصر القوة والترابط مع مصر، حيث تعتبر مصر الداعم الأساسي لمعسكر الشرق الليبي"، كما صرح.