ملفات وتقارير

إقالة "بن قدارة" من رئاسة "النفط الليبي".. ما علاقة الإمارات وحقل الحمادة؟

بن قدارة يعرف بقربه من اللواء المتقاعد خليفة حفتر- حكومة الوحدة فيسبوك
بن قدارة يعرف بقربه من اللواء المتقاعد خليفة حفتر- حكومة الوحدة فيسبوك
،طرح قرار رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، المفاجئ بإقالة رئيس مؤسسة النفط، فرحات بن قدارة، من منصبه وتكليف آخر بعض الأسئلة حول دلالة وتداعيات الخطوة، وعلاقة دولة الإمارات وحفتر بالقرار وتأثير ذلك على قطاع النفط.

ورغم أن مؤسسة النفط بررت الإقالة بأنها استقالة نتيجة لظروف صحية طارئة، حالت دون تمكن "بن قدارة" من أداء مهامه ومسؤولياته بالشكل الأمثل، فإن تقارير ومسؤولين أكدوا أنها إقالة من قبل الدبيبة بسبب بعض المخالفات المالية والإدارية ومطالبة من النائب العام.

صفقة مع الإمارات
وأكدت عدة تقارير أن سبب الإقالة هو عقد بن قدارة، المقرب من حفتر، لصفقة مع دولة الإمارات لتطوير حقل الحمادة النفطي الكبير الواقع جنوب طرابلس بنسبة تصل إلى 40 بالمئة، ما أثار جدلا ورفضا من قبل مجلس النواب الليبي، الذي قرر منع توقيع اتفاقية بخصوص الحقل مع ائتلاف أجنبي، موضحا أن الاتفاقية تشمل تتنازل حكومة الدبيبة عن نسبة تقارب 40% من إنتاج الحقل لصالح ائتلاف شركات أجنبية.

وفي محاولة للدفاع عن الصفقة، وجه بن قدارة رسالة رسمية إلى النائب العام، أكد فيها أن خيار الاستثمار في حقل الحمادة (Nc7) عبر ائتلاف شركات دولية هو الخيار الذي أوصى به المجلس الأعلى للطاقة، بدلا من التمويل الذاتي عبر شركات محلية تابعة للمؤسسة.

وذكرت وكالة "نوفا" الإيطالية، نقلا عمن أسمتها مصادرها الخاصة، أن "إقالة بن قدارة مرتبطة بعوامل أخرى، تشمل اتهامات موجهة إليه، بتسهيل تهريب وبيع النفط خارج إطار المؤسسة الوطنية نيابة عن "عائلة حفتر"، والسماح لحفتر والإمارات بفتح حسابات مصرفية لا تخضع لأي نوع من الرقابة المالية، وفق مزاعم الوكالة.

من جانبه، جدد النائب العام الليبي، "الصديق الصور" مطالبته لرئيس ديوان المحاسبة الليبي بوقف المفاوضات على مشروع تطوير قطعة Nc7 بحقل الحمادة النفطي، أي إلغاء الصفقة مع الإمارات، وسط مطالبات بمحاكمة بن قدارة حال ثبت تورطه في أي مخالفات.

فما تأثير إقالة "بن قدارة" على قطاع النفط الليبي؟ وهل صفقاته مع الإمارات وحفتر هي سبب الإطاحة به؟

غموض وتساؤلات حول إقالته
من جهته، أكدت رئيس لجنة التنمية المستدامة بمجلس النواب، الليبي ربيعة بوراص، أن "إقالة فرحات بن قدارة، رغم كفاءته وخبرته المشهود لها، تعكس التوجه نحو إعادة تشكيل إدارة قطاع النفط، وهو ما يثير التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء القرار، فقد أظهر قدرة واضحة على إدارة القطاع بكفاءة وتحقيق استقرار نسبي".

وأوضحت خلال تصريحات لـ"عربي21" أن "هذه الإقالة رغم الكفاءة تؤكد أن مثل هذه التغييرات تتطلب دراسة أعمق لضمان تحقيق التوازن بين تعزيز الإنتاج والحفاظ على المصالح الاستراتيجية للبلاد، مع ضرورة التركيز على الاستقرار الإداري لتطوير القطاع مستقبلا"، وفق قولها.

وبخصوص ملف حقل الحمادة والصفقة مع الإمارات، رأت البرلمانية الليبية أن "المطالبة بالاستثمار المحلي في الحقل مطلب مشروع، ويتماشى مع توجهات تحقيق السيادة الوطنية على الموارد، وتشجيع الكفاءات المحلية والشركات الوطنية على دخول مجال الطاقة بقوة".

وتابعت: "كما أن هذا النوع من التوجه يساهم في بناء القدرات المحلية وتطوير الخبرات الفنية التي تضمن استمرارية قطاع النفط والغاز، ويعظم الفائدة الاقتصادية للبلاد، ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب وضع سياسات واضحة، وتوفير بيئة استثمارية مناسبة من حيث الشفافية، والتشريعات، والبنية التحتية، لكنها استدركت: "كما يتطلب ذلك شراكات مدروسة مع جهات دولية لتوفير التكنولوجيا والخبرة، مع ضمان الحفاظ على السيطرة الوطنية على القرارات الاستراتيجية"، وفق تصريحاتها لـ"عربي21".

فشل وفساد وصفقات مشبوهة
في حين أكد الخبير القانوني الليبي في مجال النفط، عثمان الحضيري، أن "استقالة أو إقالة بن قدارة لن تؤثر على صناعة النفط، كونه لا علاقة له بالقطاع ولا يخبره، وكان أداؤه نفعيا، ولا علاقة له بالصناعة النفطية، ولم يطبق القواعد الأساسية والمعمول بها في الصناعة النفطية والقوانين والتشريعات ذات العلاقة".

وأشار خلال تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "الإقالة جاءت في الوقت المناسب، رغم المشاكل الفنية والمالية والتشريعية التي سببها للقطاع، من حيث إهدار الميزانيات الكبيرة التي خصصتها الحكومة لتطوير القطاع وزيادة الإنتاج، ناهيك عن الميزانيات الاستثنائية التي خصصت وتم إهدارها باطلا"، وفق معلوماته.

وأضاف الخبير الليبي المقيم في لندن: "عناد بن قدارة، وتشبثه بمواقف ضد وزارة النفط، وعدم إعمال أصول الصناعة والقواعد المعمول بها في العطاءات النفطية، أساءت لسمعة المؤسسة والقطاع دوليا، وانتهج نهجا لا يتلاءم مع القواعد والقوانين، كما أنه رفض أعمال تقرير الخبراء النفطيين الليبيين الذين أكدوا أن تطوير حقل الحمادة يمكن تحقيقه من خلال شركة وطنية مملوكة لمؤسسة النفط وبأموال ليبية "مصارف واستثمار"، كما أنه تعامل بفوقية مع تقرير اللجنة المشكلة من حكومة الدبيبة، التي توصلت لذات النتيجة".

أسباب الإقالة
وحول توقعاته لأسباب الإقالة، أكد الحضيري أن "الأسباب عديدة وربما يكون مردها فشل القطاع في تحقيق مستهدفاته في الاستكشاف وزيادة الإنتاج رغم وعوده المتكررة، لكن عمليات التسويق المشبوهة كانت القشة التي كسرت ظهر البعير حيث تعامل مع "دكاكين" السمسرة في بيع النفط الخام وتوريد المنتجات النفطية وهذا مخالف للقواعد والأعراف المعمول بها تاريخيا بمؤسسة النفط"، بحسب وصفه وكلامه.

وتابع: "أضف لما سبق التعاقد مع شركات مشبوهة عديمة الخبرة، ومنحها عقود بالملايين، ما أساء كذلك لسمعة قطاع النفط الليبي، ناهيك أيضا عن الإتيان بأشخاص من خارج قطاع النفط وتمكينهم من إدارات شركات بالداخل والخارج. أما صفقة الحمادة، فقد انتهى أمرها بقرار من البرلمان رقم 15 للعام 2023، الذي يقضي بمنع إبرام أي اتفاقيات تخص الثروات الطبيعية إلا بعد إجراء انتخابات وحكومة جديدة معترف بها"، كما صرح.
التعليقات (0)