ملفات وتقارير

طالت السوداني.. هل تطيح "تسريبات الفساد" بالحكومة العراقية؟

الكبيسي: لو كانت عملية الإطاحة برئيس الوزراء الحالي سهلة لتمت منذ مدة
الكبيسي: لو كانت عملية الإطاحة برئيس الوزراء الحالي سهلة لتمت منذ مدة
بشكل غير مسبوق، اشتدت التسريبات التي تخص مسؤولين وكبار المستشارين في الحكومة العراقية، وتتعلق كلها بصفقات فساد وأخذ عمولات لقاء تسيير عقود استثمار في الوزارات، حتى وصل الأمر إلى الحديث عن وجود حصة منها تذهب إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

آخر تلك التسريبات، هو مقطع صوتي تداوله عراقيون، الاثنين،  يُنسب إلى يزن مشعان الجبوري، مستشار رئيس الوزراء، وهو يطالب بعمولة مقابل توقيع الأخير على عقد في وزارة الكهرباء، وأن جزءا من المبلغ هو "حصة" السوداني و"تيار الفراتين" الذي يرأسه.

صراع حاد
وبخصوص الجهات التي تسرّب التسجيلات، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، إنه "لا أحد يستطيع أن ينكر وجود صراع حاد بين بعض أطراف الإطار التنسيقي (الشيعي) ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والمؤكد أن التسريبات تندرج في سياق هذا الصراع".

وتساءل الكبيسي في حديث لـ"عربي21" قائلا: "السؤال الأهم، هو ما مصدر هذه التسريبات؟ فإنها إذا كانت جزءا من التسجيلات التي تم العثور عليها في أجهزة الاتصال الخاصة بمحمد جوحي، فهذا يعني أن هناك جهة رسمية هي التي تقوم بالتسريب".

اظهار أخبار متعلقة


وفي 20 آب/ أغسطس الماضي، أعلنت السلطات القضائية العراقية اعتقال محمد جوحي، الذي يشغل معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، بتهمة ترؤس "شبكة التجسس"، ثم قدمت أطراف من قوى الإطار التنسيقي شكاوى ضده كونه كان يراقب اتصالاتهم.

وأوضح الكبيسي أن "التسريبات لها غايات سياسية، لأنه حتى اللحظة معظمها ترتبط بالسوداني والدائرة المحيطة به والحلفاء المحتملين له، وهذا يزيد الشكوك في أن هناك جهة رسمية  قادرة على الوصول إلى البيانات التي تمت السيطرة عليها (من أجهزة جوحي) وانتقاء بعض التسجيلات وتسريبها لإحراج الحكومة والسوداني بشكل شخصي".

وتابع: "إذا صحت هذه الرواية، فنحن أمام إشكالية حقيقية لأن بعض الجهات المسؤولة عن التحقيق (مع شبكة جوحي) هي طرف سياسي وجزء من الصراع الحاصل، وهذه إشكالية كبيرة تتجاوز الصراع بين السوداني والإطار، خاصة إذا كانت هذه الجهة قضائية، وليست فقط جهات تحقيق".

الأمر الثاني المهم، بحسب الكبيسي، أن "بعض هذه التسريبات وتحديدا التي تتعلق بالفساد لا تقول شيئا جديدا، وإنما تؤكد ما يعرفه الجميع وهو أن الفساد جزء من بنية الدولة والنظام السياسي في العراق، وأن الكل متورطون فيه من أعلى هرم السلطة إلى أدناه".

من جهته، قال المحلل السياسي نجم القصاب لـ"عربي21" إن "كثرة التسريبات وخصوصا ما يتعلق بمقربين للسوداني لا نستطيع أن نقول إنها كلها حقيقية أو إن جميعها غير دقيقة، لذلك أستبعد تحديدا أن يكون يزن مشعان، لديه اتصالات مباشرة مع السوداني".

وأفاد القصاب بأن "الكثير من المستشارين لا يلتقون بالسوداني ولا يرونه، وبعضهم جرى تكليفهم بمنصب مستشار من باب المجاملات، فهم لا يملكون أي صلاحيات تنفيذية أو رقابية وتشريعية، لكن بعض التسريبات بالفعل ثبتت ضد أصحابها".

وأكد الخبير العراقي أن "الفساد موجود في مؤسسات الدولة، ولا نتفاجأ به خصوصا للأشخاص الذين لديهم تاريخ أسود والمتهمين بالفساد والإرهاب، لذلك ربما يتحدث البعض بلسان السوداني، لكن هذا ليس دليلا ضد شخص رئيس الوزراء".

"إطاحة مستبعدة"
وعن مدى إطاحة التسريبات بحكومة السوداني، قال الكبيسي، إنه "لو كانت عملية الإطاحة برئيس الوزراء الحالي سهلة لتمت منذ مدة، لأن هناك أطرافا داخل الإطار التنسيقي مصرة على الإطاحة به، لكن البعض يعرف أن هذا ليس بالأمر السهل".

وعزا ذلك إلى أنه "لا توجد إمكانية لمحاكمة رئيس الوزراء بأي شكل من الأشكال، لأن النص الدستوري، يؤكد أن رئيسي الوزراء والجمهورية لا يقاضون إلا من المحكمة الاتحادية وبموجب قانون- لم يتم سنه بعد- بمعنى أنه لا يوجد من الأصل ما يتيح محاكمة السوداني".

وأردف: "أما الإطاحة بالسوداني عن طريق البرلمان، فإن الموضوع ليس بالأمر السهل، لأنه يتطلب استجوابا وتصويت غالبية النواب. حتى لو أطيح به فإنه سيبقى يدير حكومة تصريف أعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وهذا ليس سهلا".

وأشار إلى أن "العقدة التي جاءت بالسوداني كمرشح تسوية لا تزال قائمة، أي إنه ليس من السهل إيجاد بديل للأخير، لذلك فإن كل ما يجري حاليا هو الضغط عليه لعدم دخول الانتخابات من جهة، مع الضغط على الحلفاء المحتملين لعدم التحالف معه استعدادا للانتخابات المقبلة".

وشدد الكبيسي على أنه "إذا جرى سن قانون جديد للانتخابات يجري الحديث عنه حاليا، فإنه يقسّم المقاعد إلى 20 بالمئة على أساس فردي و80 بالمئة للتمثيل السني، فإن هذا من شأنه تحجيم السوداني، لأنه حتى لو حصل على مئات الآلاف من الأصوات، فإنه سيصعد بمفرده، ولن ينفع المتحالفين معه بأصواته. وهذا حكم بإنهائه".

وخلص الخبير العراقي إلى أنه "بالتالي هناك جملة من العوامل التي دفعت إلى نشر هذه التسريبات في الوقت الحالي".

وعلى الصعيد ذاته، رأى القصاب أنه "في كل الأحوال لا يوجد وقت لاستجواب رئيس الوزراء في البرلمان ثم إقالته، وإيجاد البديل، لأنه لم يبق سوى أشهر على الانتخابات البرلمانية، وهذا أمر صعب، والدليل أن إيجاد رئيس برلمان جديد بعد إقالة السابق تطلب عاما كاملا".

وأضاف: "كلما تزداد الخصومة السياسية للسوداني يزداد منسوب الشعبية له، رغم وجود ملاحظات، لكن ليس كل ما يجري ترويجه في الإعلام هو صحيح".

ورجح القصاب أن "الغرض من نشر التسريبات، يأتي ضمن عمليات ممنهجة من خصوم السوداني للتخلص منه في الانتخابات المقبلة خشية حصوله على عدد كبير من المقاعد تؤهله للفوز بولاية ثانية".

اظهار أخبار متعلقة


وفي مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، انتشر تسجيل صوتي منسوب إلى كبير المستشارين في مجلس الوزراء العراقي، عبد الكريم الفيصل، الذي ظهر أنه يتفاوض على مبلغ مالي قدره مليون دولار مقابل تقديم تسهيلات لأحد المشاريع الاستثمارية.

وفي الـ28 من الشهر الماضي، تداول ناشطون على مواقع التواصل تسريبا صوتيا منسوبا إلى مدير عام هيئة الضرائب في العراق، علي وعد علاوي، وهو يتحدث عن قيامه بالتلاعب بالنسب الضريبية لصالح إحدى الشركات مقابل الحصول على رشاوى مالية.

وقبل ذلك بأقل من شهر، انتشر تسجيل صوتي منسوب إلى القاضي حيدر حنون رئيس الهيئة العليا للنزاهة، يتحدث فيه عن ضرورة الحذر في نقل رشوة مالية إليه، وذكر أن المبلغ الذي يجب أن يصل إليه هو أكثر من مليار ونصف المليار (دون الإفصاح عن العملة).
التعليقات (0)