ما زالت
الأحزاب الكردية الرئيسة عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة لإقليم
كردستان العراق، وذلك
بعد
الانتخابات البرلمانية التي شهدها الإقليم الكردي في 21 تشرين الأول/ أكتوبر
2024، وتصدّر فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني.
وأظهرت
النتائج في وقتها، تقدّم "الديمقراطي الكردستاني"، بـ39 مقعدا، يليه
الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني بـ23 مقعدا، ثم حركة الجيل
الجديد، برئاسة شاسوار عبد الواحد بـ15 مقعدا، وحاز الاتحاد الإسلامي، بقيادة صلاح
الدين بهاء الدين على 7 مقاعد.
سيناريو
محتمل
لكن
واحدا من الأسباب التي تحول دون تشكيل حكومة كردستان العراق، هو دفع بعض الأحزاب
إلى تأجيلها لما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في تشرين الأول/
أكتوبر المقبل، حسبما كشف زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني.
ورفض
البارزاني خلال مقابلة تلفزيونية، الجمعة، أي تأجيل لتشكيل حكومة إقليم كردستان،
بالقول: "إننا لن نسمح بأن تؤجل إلى ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية
العراقية، وهذا الأمر غير مقبول نهائيا"، مؤكدا في الوقت نفسه وجود خلافات
على توزيع المناصب الحكومية.
وعن طرح
هذا السيناريو ومدى واقعيته تطبيقه، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني،
ريبوار بابكي، لـ"
عربي21" أن "قوى سياسية طرحت بالفعل هذا
السيناريو علينا، لكننا رفضنا هذا الأمر جملة وتفصيلا".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح
مسؤول الفرع العاشر للحزب، أن "سبب رفضنا يأتي من أن المواطنين في كردستان
العراق شاركوا في الانتخابات التي كانت حرة وشفافة، وحقق فيها الحزب الديمقراطي
على أكثرية المقاعد البرلمانية، وهذا يؤهله لتشكيل
الحكومة الإقليم".
وأوضح
بابكي، أنه "ثمة أكثر من سبب يدفع بعض القوى السياسية لطرح سيناريو تأجيل
تشكيل الحكومة إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية، منها التدخلات الخارجية
سواء من دولة معنية في الشرق الأوسط، أو جهات سياسية في بغداد تضغط من أجل عرقلة
تشكيلها".
وتابع:
"إضافة إلى وجود أسباب سياسية لها علاقة بالشأن الداخلي لأحزاب ادعت أنها قبل
انتخابات الإقليم ستسقط حكومة كردستان وتقزّم دور الحزب الديمقراطي، لكنها
فشلت، فهي بالتالي تخشى أن تشارك في تشكيل الحكومة الجديدة لأن انعكاسها سيكون سلبيا
على حجمها فيها".
وأشار
بابكي إلى أن "هذه الأطراف ذاتها تحاول المماطلة وعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة،
لكنها هي ذاتها تعلم يقينا أنها لا يمكن أن تلعب دور المعارضة وتكون خارج دائرة
الحكم في إقليم كردستان".
وأضاف
بابكي، أنه "من منطلق حرصنا على أن تكون هناك وحدة كردية وتوحيد الصف الكردي
في كردستان العراق، أكدنا ضرورة أن تكون التشكيلة المقبلة للحكومة على أساس
المشاركة الواسعة، بمعنى أن تشارك فيها كل الأطراف الفائزة بالانتخابات البرلمانية
للإقليم".
اظهار أخبار متعلقة
وشدد على
أن الحزب الديمقراطي يرغب في مشاركة جميع القوى الفائزة بانتخابات الإقليم في
تشكيل الحكومة الجديدة، وأن تحصل على المناصب حسب الاستحقاق الانتخابي لديها، وبالتالي
يشارك الجميع في تحمّل المسؤولية، لكن بعض الأطراف أعلنت أنها ستكون في المعارضة.
ولفت إلى
أن "كل الأحزاب ترغب في تحقيق جميع ما تريده من مطالب بشأن تشكيل الحكومة،
لكن في النهاية سيقف الجميع عند حدود معينة مقابل تشكيلها، لذلك نأمل أن تضم جميع
من فازوا في الانتخابات البرلمانية".
وخلص
بابكي إلى أن "المحادثات بشأن تشكيل الحكومة قطعت أشواطا كبيرة، وحصلت
تفاهمات مع الاتحاد الوطني الكردستاني بهذا الخصوص، ونحن متفائلون بأن ترى الحكومة
الجديدة النور في القريب العاجل".
غياب
الأغلبية
وفي
المقابل، قال المحلل السياسي من إقليم كردستان العراق، طارق جوهر، إن "السبب
الرئيس في تأخر تشكيل حكومة الإقليم يعود إلى عدم وجود أغلبية برلمانية لدى أي
كتلة سياسية خلافا للدورة السابقة، وهذا سبب مشكلة كبيرة للحزبين الكرديين".
وأوضح
جوهر في حديث لـ"
عربي21" أن "الحزبين (الديمقراطي، والاتحاد
الوطني)، يصعب عليهما جمع 50 زائد واحد من الأصوات بدون التوافق بينهما أولا، أو
الاتفاق مع أطراف صغيرة أخرى، لإكمال نصاب انتخاب رئاسة البرلمان، ورئيس للإقليم،
ثم تكليف مرشح لتشكيل الحكومة".
وأكد
الخبير الكردي أن "المشكلة الأساسية أيضا، هي استمرار الخلافات بين الحزبين
الرئيسين وتباين وجهات النظر في ما يتعلق بإدارة الإقليم والقضاء على الفساد،
والشفافية وتقديم الخدمات مع المواطنين، وكيفية التعامل مع الملفات العالقة مع
بغداد".
وأوضح
جوهر أن "أساس المشكلة هو مبدأ الشراكة والتوافق بين الحزبين، الذي كانت عليه
بعد تغيير النظام في العراق عام 2003، واستمرت مدة 10 سنوات، وكان من نتائجها الاستقرار
السياسي والاقتصادي والأمني، والازدهار في كل المجالات في الإقليم، وتقوية الكيان
الفيدرالي لكردستان".
وأردف،
قائلا: "الخلافات وغياب التوافق بين الحزبين وضع الإقليم في موقف أضعف تجاه
بغداد، لذلك عليهما أن يضعا مصلحة الإقليم فوق الاعتبارات الحزبية، والاتفاق مجددا
على الأساسيات الثلاثة، وهي (الشراكة، التوافق، التوازن)، لأنه بدونها لن تُشكل
حكومة قوية".
اظهار أخبار متعلقة
وعن مدى
تدخل دول إقليمية في عملية تشكيل الحكومة، قال جوهر إن "إيران وتركيا لها
علاقات مع الأحزاب الكردية، لكن من مصلحة الإقليم أن يكون قرار تشكيل حكومته نابع
من داخل كردستان العراق، لأن تدخل الدول لن يصب في مصلحة الوحدة الكردية، وتشكيل
حكومة قوية".
وخلص
جوهر إلى أنه "ليس من مصلحة أي طرف تأجيل تشكيل حكومة الإقليم إلى ما بعد
الانتخابات البرلمانية العراقية، لأن ذلك سيؤدي إلى إضعاف أكثر لموقع
حكومة كردستان، والكيان الفيدرالي للإقليم أمام بغداد، وحيال التطورات التي ربما
تشهدها المنطقة قريبا".
وفي الـ23
من الشهر الجاري، التقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، رئيس حركة
"الجيل الجديد" شاسوار عبد الواحد، وأكد أهمية دعم الحوار بين القوى
السياسية في إقليم كردستان لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد إنجاز الانتخابات بنجاح.