عندما تتفكر في
منظومة الفساد التي
تحكم
مصر يجب أن تدرك فورا أنها مختلفة عن مؤسسة الفساد التي حكمت في عهد
مبارك.
فالمنظومة هي تشكيل فردي يسيطر على موارده وقراراته شخص بعينه (
السيسي) وأقرب
المقربين له من عائلته وذويهم، وصاحب المنظومة يديرها على أنها عزبة أبيه يحلبها
للنهاية وينهبها دون معقولية ولا دراية، يختار من يعينه من ضعاف الشخصية والمهارات
التقنية، مثل رئيس الوزراء مدبولي، ليبقى دائما تحت السيطرة.
وتعتمد هذه المنظومة على القروض
والمعونات والتي تورط أجيالا قادمة وتؤدي في النهاية إلى الإفلاس الكامل والانهيار
التام، منظومة دموية ليس لديها ما تقدمه للشعب ولذلك تهدد وتتوعد ولا تتورع عن قتل
الآلاف واعتقال عشرات الآلاف لتأمين المنظومة.
وتمثل المؤسسة العسكرية قلب المنظومة،
ويسيطر رأس المنظومة فيها على المؤسسة العسكرية سيطرة تامة. وليس لدى رأس المنظومة
بها أي خطوط حمراء، ولا يمكن التخلص منها إلا بالقوة وذلك بالتخلص من رأس المنظومة.
أما مؤسسة الفساد (مبارك) فتعتمد على
هيكل مؤسسي قوي وفاسد يحكم، ولكنها غالبا تضم شخصيات مؤهلة وأحيانا عباقرة في
تخصصاتهم. وهناك اتفاق غير مكتوب بين أفراد المؤسسة ورأسها على رسم خطوط حمراء
للسياسة المطبقة، بما فيها السياسة الخارجية وتؤدي فيها المؤسسة العسكرية دورا
محددا لا تتعداه.
وهي تنجح في الاتفاقيات الدولية طويلة المدى، وقابليتها للإصلاح
أكبر بكثير من منظومة الفساد، وتستخدم التوازنات كثيرا في الداخل وتعتبر إسرائيل
العدو الطبيعي وأحد الخطوط الحمراء، وتوظف مواقفها لإرسال رسالات شعبية وتلوح
دائما بالاستقرار كأهم كروتها للاستمرار. والفساد فيها مؤسسي ومقنن والإخلاص، منها
يستلزم التخلص من المؤسسة بالكامل وليس الرأس فقط.