أكد رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا أن "أولويتنا الأولى هي منع
إيران من
الحصول على الأسلحة
النووية". وفي كلمة وجهها إلى ضباط عسكريين جدد، أكد
نتنياهو أن إسرائيل تتمتع "بحرية عمل غير مسبوقة" في أعقاب الغارات
الجوية الأخيرة على أهداف إيرانية، قائلا: "يمكننا الوصول إلى أي مكان في
إيران إذا لزم الأمر". يؤكد هذا البيان التزام إسرائيل بمكافحة التهديد
النووي الإيراني ويعكس التوترات المتزايدة بين البلدين، وتسلط تصريحات نتنياهو
الضوء على مرحلة حاسمة في الصراع المستمر بين إيران وإسرائيل.
وتسلط تصريحات
نتنياهو الضوء على منعطف حاسم في الصراع المستمر بين إيران وإسرائيل. وتنظر
القيادة الإسرائيلية إلى طموحات إيران النووية باعتبارها تهديدا وجوديا، مما
يستلزم اتخاذ موقف عسكري قوي لردع التقدم المحتمل في برنامج إيران النووي. وتشير
الغارات الجوية الأخيرة، التي استهدفت مواقع عسكرية إيرانية، بما في ذلك تلك
المرتبطة بإنتاج الصواريخ وأنظمة الدفاع، إلى استعداد إسرائيل لاتخاذ إجراءات
حاسمة لإحباط قدرات إيران.
لقد أصبح سعي
إيران للحصول على القدرات النووية نقطة محورية في الخطاب الدولي، وخاصة في ضوء
التطورات الجيوسياسية الأخيرة. إن الحجة القائلة بأن "إيران لديها الآن كل
الأسباب للحصول على الطاقة النووية" تعكس تضافرا للمخاوف الأمنية،
والديناميكيات الإقليمية، والمظالم التاريخية التي تشكل الحسابات الاستراتيجية
لطهران.
يعود تاريخ
البرنامج النووي الإيراني إلى خمسينيات القرن العشرين، لكنه اكتسب زخما كبيرا بعد
ثورة 1979. ومنذ ذلك الحين، بدأت إيران تشعر بأنها محاطة بقوى معادية، وخاصة
الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد أدى الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 إلى تفاقم
هذه المخاوف، حيث أدرك القادة الإيرانيون أن الافتقار إلى الردع النووي من شأنه أن
يجعلهم عرضة لتدخلات عسكرية مماثلة. وتؤكد هذه الخلفية التاريخية اعتقاد إيران بأن
امتلاك الأسلحة النووية من شأنه أن يشكل رادعا حاسما ضد العدوان الأجنبي.
استراتيجية الردع
تنظر القيادة
الإيرانية إلى برنامجها النووي باعتباره جزءا من استراتيجية ردع أوسع نطاقا تشمل
القدرات الصاروخية والمليشيات التابعة لها. والمنطق وراء ذلك واضح: من خلال تطوير ترسانة نووية، تستطيع إيران ردع الهجمات
المحتملة من خصوم مثل إسرائيل والولايات المتحدة، وبالتالي حماية سيادتها. ويتعزز
هذا المنظور بالصراعات الأخيرة في المنطقة، حيث ناقش المسؤولون الإيرانيون ضرورة
تسليح برنامجهم النووي لإعادة إرساء توازن القوى.
الديناميكيات
الإقليمية والحسابات الجيوسياسية
لقد أدى التحول
في المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط إلى تعزيز عزم إيران على السعي إلى امتلاك
القدرات النووية. لقد خلق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية من
خلال اتفاقيات أبراهام شعورا بالعزلة لطهران. وفي هذا السياق، فإن الحصول على
أسلحة نووية يمكن أن يعزز موقف إيران الاستراتيجي ويوفر نفوذا في المفاوضات
الإقليمية.
الحرب بالوكالة
والنفوذ النووي
استخدمت إيران
تاريخيا جماعات بالوكالة مثل حزب الله ومليشيات مختلفة في العراق وسوريا لإبراز
قوتها ونفوذها في جميع أنحاء المنطقة. إن امتلاك ترسانة نووية من شأنه أن يسمح
لإيران بالعمل مع إفلات أكبر من العقاب، حيث يمكنها أن تهدد بالرد على أي عمل
عسكري يتم اتخاذه ضد وكلائها أو أراضيها. ويتماشى هذا النهج مع استراتيجية إيران
طويلة الأمد المتمثلة في استخدام الحرب غير المتكافئة لموازنة التهديدات العسكرية
التقليدية من خصومها.
تأثير العلاقات
الدولية
شكل انهيار خطة
العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في عام 2018 نقطة
تحول في طموحات إيران النووية. فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وإعادة
فرض العقوبات، خلصت القيادة الإيرانية إلى أنه لم يعد بإمكانها الاعتماد على
المشاركة الدبلوماسية مع القوى الغربية للحصول على ضمانات أمنية. وبدلا من ذلك،
بدأ الإيرانيون في تسريع برنامجهم النووي، وتخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقربهم
من التسلح.
تصور العداء
الغربي
يرى القادة
الإيرانيون المشاعر المعادية لإيران المتزايدة بين الدول الغربية، والتي تفاقمت
بسبب قضايا مثل انتهاكات حقوق الإنسان والدعم العسكري لروسيا أثناء غزوها
لأوكرانيا. ويعزز هذا التصور الاعتقاد بأن إيران تُعامل بالفعل كدولة منبوذة؛
وبالتالي فإن السعي إلى امتلاك الأسلحة النووية قد يُنظر إليه باعتباره استجابة
عقلانية لضمان البقاء الوطني في خضم العداء.
العتبة النووية
حتى الآن، حققت
إيران ما يطلق عليه الخبراء "حالة العتبة النووية"، وهذا يعني أنها
تمتلك القدرة التقنية لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي في غضون
أسابيع إذا اختارت القيام بذلك. ولا يعزز هذا الوضع موقف الردع الإيراني فحسب، بل
يعقد أيضا التخطيط العسكري لخصوم مثل إسرائيل والولايات المتحدة، الذين سيواجهون
تحديات كبيرة في استهداف المنشآت الإيرانية المنتشرة والمحصنة.
مخاطر التصعيد
إن احتمال
التصعيد كبير إذا اقتربت إيران من تطوير سلاح نووي عملي، وقد تؤدي مثل هذه
التطورات إلى إشعال سباق تسلح إقليمي، مع إعراب دول مثل المملكة العربية السعودية
عن نيتها في السعي إلى امتلاك قدراتها النووية ردا على ذلك. ويشكل هذا السيناريو
مخاطر جسيمة على الاستقرار الإقليمي ويزيد من احتمالات سوء التقدير الذي قد يؤدي
إلى الصراع.
الطريق إلى
الأمام
في ضوء هذه
الديناميات، يصبح من الواضح بشكل متزايد لماذا قد يشعر القادة الإيرانيون بأنهم
مضطرون إلى السعي للحصول على أسلحة نووية. وإن الجمع بين المظالم التاريخية
والعزلة الإقليمية والتهديدات الوجودية المتصورة يخلق حجة مقنعة لاستمرار تقدم
طهران في برنامجها النووي.