شككت أوساط لدى
الاحتلال الإسرائيلي في إمكانية القضاء على حركة المقاومة الإسلامية
حماس، وتحقيق النصر الذي يتغنى به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ ما يزيد عن العام، رغم استشهاد قائد الحركة يحيى
السنوار.
وترصد
"
عربي21" أبرز المواقف الإسرائيلية حول استشهاد السنوار، وحالة التشكيك
التي لم تغب عنها في تحقيق الأهداف الإسرائيلية، على الأقل خلال المديين القريب
والمتوسط.
مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في
مركز ديان بجامعة تل أبيب، ذكر أن "اغتيال السنوار، يأتي فيما لا تزال إسرائيل
منغمسة في حرب الاستنزاف مع قوى المقاومة في المنطقة، وتواجه الحاجة للتحرك ضد
إيران".
وتابع قائلا: "رغم أن القضاء على السنوار يجلب
فرصة لدفع خيار "الصفقة" بطريقة أكثر ملاءمة، لاسيما أن اغتياله يساوي
في القيمة، وربما يفوق، قيمة القضاء على حسن نصر الله، فهو من خطط لهجوم السابع من
أكتوبر، وخطط له منذ نحو عقد من الزمن، واعتبره مهمة حياته، وبحسب اعتقاده، كان من
المفترض أن يغير مجرى التاريخ باتجاه انقراض إسرائيل".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته
"
عربي21"، أن "السنوار انطلق من قناعة مفادها أن هجوم أكتوبر سيتسبب
بحرب إقليمية صعبة، من شأنها أن توجه لإسرائيل ضربة غير مسبوقة، وقد كان زعيما ذا
ثقل رمزي ووظيفي في الوقت نفسه، يحظى بإعجاب العديد من الفلسطينيين، ووضع الأجندة
الوطنية في السنوات الأخيرة، وباتت له الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بسير الحرب وحكم
حماس في
غزة، والمفاوضات حول الصفقة، وبعد مرور عام على هذه الحرب، فهو لا زال،
حتى اللحظات الأخيرة، العامل المهيمن في غزة".
إظهار أخبار متعلقة
وأوضح أنه "حتى بعد القضاء على زعيمهم، فإن
أعضاء حماس متعصبون إيديولوجيا، وسيظلون مخلصين لأفكارهم العقائدية وقتالهم،
تماما كما كان بعد القضاء على القادة التاريخيين مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد
العزيز الرنتيسي وأحمد الجعبري، رغم أن الحركة في هذه اللحظة تعيش حالة صدمة وفراغ
قيادي يشبه ما عاشه حزب الله قبل شهر باغتيال نصر الله، لكن السيناريو الأقل
احتمالا أن يؤدي القضاء على السنوار لتفكك أطر حماس، والتخلي والاستسلام الجماعي،
وتظاهر الفلسطينيين ضدها".
وتوقع أن "يسفر اغتيال السنوار عن تقسيم
الصلاحيات داخل الحركة، بعد أن كان مهيمنا على مستوييها السياسي والعسكري، ويبدو
أن قيادة حماس في الخارج، ستضطر للتوغل بشكل أعمق في الفضاء الذي حصل بعد غياب
السنوار، أساسا لإدارة البعد السياسي، وفي مقدمته المفاوضات حول الصفقة المتعثرة
حتى الآن، ومن المحتمل أن تتمتع بسلطة أكبر من ذي قبل".
وختم بالقول؛ إن "القضاء على "رأس الأفعى"
في حماس لا يعني اختفاء الحركة، فالضربة التي تلقتها، بل إن من المرجح أن تستمر
حماس في السيطرة على الفضاء العام في غزة، وامتلاك القدرة العسكرية في المستقبل
المنظور، حتى لو كانت أقل بكثير مما كانت عليه في السابع من أكتوبر".
المحللون في القناة 12، كان لهم رأي مشابه، وفقا لما رصدته "
عربي21" من قراءة لافتة، قدمها نير دفوري المراسل العسكري
الذي لم يتردد في القول؛ إن "الإسرائيليين مطالبون بالحذر من الوقوع في شرك أن
حماس في طريقها إلى التفكك بعد اغتيال السنوار؛ لأن ذلك لا يعني أننا قتلنا
الفكرة، أو هزمناها، رغم أنها ضربة لها أهمية رمزية، بحيث يبقى الاغتيال خطوة مهمة
للغاية، ولكن من وجهة نظر تكتيكية، وما زلنا بحاجة لمعرفة ما إذا كانت ستكون
استراتيجية أيضا".
إظهار أخبار متعلقة
أما دفنا ليئال مراسلة القناة للشؤون الحزبية، فقد
ذكرت ما اعتبرتهما "نقطتين مذهلتين من حادثة الاغتيال، أولهما أنه كان شبه
عشوائي، وحدث في مواجهة عملياتية، رغم أنه يعدّ تطورا دراماتيكيا قد يؤثر على
المنطقة بأكملها".
نير كيبنيس الكاتب في
موقع ويللا، ذكر أن
"اغتيال السنوار خلق معضلة إسرائيلية، مفادها كيفية تحويله إلى نصر حقيقي،
ومدى إمكانية ذلك، ورغم أن القضاء عليه هو خبر عظيم لدولة الاحتلال، لكنه إنجاز
يشبه "شريحة في كازينو"، فطالما أنه لم يتم تحويلها إلى أموال، فهي ليست
أكثر من مجرد دائرة بلاستيكية؛ لأنه تم القضاء عليه بالصدفة تقريبا، ولعل حادثة
مقتله تشبه إلى حد كبير نهاية عبد القادر الحسيني في مارس 1948، ألدّ معارضي
العصابات الصهيونية، مما يجعل من الحدثين يتشابهان في خصائصهما، رغم أن عقودا
طويلة فصلت بينهما".
وأضاف في مقال ترجمته "
عربي21"، أن
"تشابه اغتيال السنوار مع الحسيني قبل سبعة عقود، يعني أننا أمام درس جديد
يمكن الاتفاق عليه على نطاق واسع في الشرق الأوسط، ومفاده، أنه إذا عشت سنوات
كافية، فسترى كيف يعيد التاريخ نفسه، فقط الأسماء تتغير، صحيح أن قتل السنوار له
تأثير رمزي يتجاوز بكثير القضاء على أي مطلوب آخر رفيع المستوى، لكن قوة هذه
الصدمة محدودة في البداية، وسرعان ما سترفع حماس رأسها بحذر، ما سيجعل إنجاز الجيش
الإسرائيلي مع مرور الوقت صغيرا".
وأكد أن "اغتيال السنوار سيتحول من حدث كان من
الممكن أن يغير الواقع لصالح إسرائيل إلى حدث رمزي، تماما كما حصل عقب اغتيال
المهندس يحيى عياش أو اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مع فرق كبير، وهو أنه لا يمكن
لنتنياهو أن يتباهى في اغتيال السنوار بأنه "أمر" و"أصدر
تعليمات"؛ لأن الأمر تم بمحض الصدفة".