شهدت عدة مدن بريطانية، السبت،
مظاهرات حاشدة في ذكرى مرور عام على العدوان الإسرائيلي على
غزة، كانت أضخمها في العاصمة لندن.
وشارك في تنظيم التظاهرات ائتلاف
التضامن مع فلسطين الذي يضم: المنتدى الفلسطيني في
بريطانيا (PFB)، وحملة التضامن مع فلسطين (PSC)، وجمعية المسلمين في بريطانيا (MAB)، وائتلاف أوقفوا الحرب (StWC)، وأصدقاء الأقصى (FOA)، وحملة نزع السلاح النووي (CND).
وتأتي الدعوات للتظاهر، السبت، تحت عنوان "عام من الإبادة الجماعية"، وتهدف إلى محاسبة الحكومة البريطانية على تورطها في استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان، وللمطالبة بوقف فوري لجميع صفقات الأسلحة مع "إسرائيل".
وانطلقت مسيرة لندن من ميدان راسل في تمام الساعة الـ12:00 ظهرًا، واتجهت إلى وايتهول في قلب لندن، تحت شعار "عام من الإبادة الجماعية"، ورفعت شعارات مطالبة بوقف العدوان أولا ثم بوقف تزويد "إسرائيل" بالسلاح.
وشارك في المظاهرة عدد من الشخصيات السياسية البارزة من مختلف المجالات في بريطانيا، من بينهم زارا سلطانة، النائبة المستقلة المعروفة بدعمها الصريح لحقوق الفلسطينيين، وجيريمي كوربين، الزعيم السابق لحزب العمال، وجوليا صوالحة، الممثلة البريطانية الشهيرة، وليان محمد، الناشطة الفلسطينية البريطانية، وطوني قطان، المغني الفلسطيني الذي تعبر موسيقاه عن نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة.
وشارك في المظاهرة ستيفن كابوس، أحد الناجين من المحرقة النازية، وحمزة يوسف، الوزير الأول السابق لأسكتلندا، الذي قدم كلمة بشأن أهمية التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، حيث إنه كان دائمًا يدين بشدة أفعال حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وتوجهت المسيرة إلى "وايتهول"، مركز السلطة السياسية في لندن، حيث طالب المتظاهرون الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف دعمها العسكري لـ"إسرائيل". ومر مسار المظاهرة بعدة مبانٍ حكومية رئيسة، ما يبعث برسالة مباشرة لصناع القرار بشأن الحاجة الملحة للتغيير.
عدنان حميدان، نائب رئيس المنتدى الفلسطيني
في بريطانيا، صرح قائلاً: "نحن نقف هنا اليوم قرب مكتب ستارمر في ذكرى مرور عام على بدء الإبادة الهمجية لأهلنا في غزة تأكيدا على
تورط حكومتنا بهذه الجريمة من خلال تزويد الاحتلال بالسلاح ومساعدته استخباراتيا
ولوجستيا وفي العديد من الطلعات التجسسية لصالحه، مع الاستمرار بتزويده بقطع
السلاح اللازمة لقتل أهلنا هناك، وها نحن نحيي هذه الذكرى والجرح ينزف بشدة في غزة
وقد انضم لها لبنان وأصبح أهلنا هناك في معظمهم بين شهيد أو طريد أو جريح، نريد لهذه الإبادة أن تتوقف ونريد أن نحاسب
القتلة اليوم قبل الغد".
وألقى سليمان الشرفا، رئيس نادي أصدقاء
فلسطين في جامعة كوين ماري، كلمة حماسية قال فيها: "نحن نقف معًا لأننا نؤمن
بالعدالة لفلسطين ولبنان، لأننا نؤمن بأن كل حياة بشرية تستحق أن تعيش خالية من
القمع، وخالية من الخوف، وخالية من العنف اليومي للاحتلال. الصمت ليس خيارًا
بالنسبة لنا. كطلاب و كأشخاص يفهمون أن القمع في أي مكان يشكل تهديدًا للحرية في
كل مكان، يجب أن نتحدث. يجب أن ننهض. يجب أن تردد أصواتنا نداء التحرير الفلسطيني
واللبناني، ليس فقط في هذه اللحظة، ولكن حتى تتحقق العدالة الحقيقية ".
ستيفن كابوس، أحد الناجين من المحرقة، ألقى
كلمة مؤثرة حول ضرورة دعم الشعوب المضطهدة، مشيرًا إلى التشابه بين الظلم التاريخي
الذي عايشه وبين ما يعيشه الفلسطينيون اليوم. وتحدثت زارا سلطانة، النائبة
المستقلة، وحمزة يوسف، رئيس الوزراء السابق لأسكتلندا، وجيريمي كوربين، النائب
المستقل، وأدانوا الجرائم الإسرائيلية المتصاعدة ضد غزة، والضفة الغربية، ولبنان.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ورددوا
شعارات مثل "أوقفوا تسليح إسرائيل" و"أنهوا الاحتلال"، مؤكدين
على ضرورة وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية فورًا. ودعا المحتجون إلى إنهاء
المجازر في غزة، ورفع الحصار العسكري عن الضفة الغربية، ووقف القصف والغزو
الإسرائيلي للبنان، الذي أسفر عن سقوط آلاف الضحايا المدنيين وتدمير واسع للبنية
التحتية.
وفي نداء لرئيس الوزراء البريطاني كير
ستارمر، دعا المتظاهرون الحكومة البريطانية إلى وقف دعمها لإسرائيل ووقف تزويدها
بالأسلحة التي تُستخدم في الاعتداءات المتواصلة على الفلسطينيين واللبنانيين. وبعد
عام كامل من الاحتجاجات التي تطالب بالعدالة، شدد المتظاهرون على ضرورة استماع
ستارمر إلى أصوات الجماهير التي تطالب بالتحرك الفوري لإنهاء العنف.
تأتي هذه المسيرة في وقت وصلت فيه الأزمة
الإنسانية في المنطقة إلى مستويات حرجة، مع نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين
واللبنانيين، ومقتل أعداد كبيرة من المدنيين، وتدمير المرافق الحيوية مثل
المستشفيات والمدارس. وطالب المتظاهرون المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات صارمة وفرض
عقوبات على إسرائيل حتى يتوقف العدوان.
اختتمت المسيرة مع دعوات لاستمرار الضغط على
الحكومة البريطانية لاتخاذ موقف أقوى لدعم حقوق الفلسطينيين. وشدد المنظمون على
أهمية الحفاظ على التركيز العالمي على المنطقة مع استمرار تصاعد العنف الإسرائيلي.
تُعد هذه المسيرة الوطنية من أجل فلسطين
جزءًا من حركة دولية متنامية تطالب بالعدالة للفلسطينيين، وإنهاء الاحتلال، ورفع
الحصار عن غزة، ووقف الهجمات العسكرية الإسرائيلية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وكان المنتدى الفلسطيني في بريطانيا قد دعا الفلسطينيين
وأصدقاءهم وجميع الأحرار في بريطانيا لمشاركة واسعة في المظاهرة الوطنية الكبرى
والتي تحمل الرقم 20 على مستوى بريطانيا في ذكرى مرور عام على الإبادة الهمجية في
غزة قبل أن يتوسع عدوان الاحتلال ليشمل لبنان واليمن.
وأكد المنتدى الفلسطيني في بلاغ له، أن هذه المسيرات
الوطنية ليست مجرد تجمعات؛ بل هي وقفات تاريخية للمطالبة بالعدالة وإنهاء
العدوان المستمر على شعبنا .
وأضاف: "تعكس هذه المسيرات الحاشدة في
لندن وأدنبره موقفًا موحدًا ضد القمع وتدعو إلى جهد شعبي عاملي عاجل من أجل نصرة فلسطين ووقف الإبادة وملاحقة مجرمي الحرب من قادة
الاحتلال".
وأكد المنتدى أنه "لمن لا يستطيعون
السفر إلى لندن أو إدنبرة، فإن بإمكانهم المشاركة في الاحتجاجات المحلية التي
ستقام في مانشستر ونيوكاسل ومدن أخرى".
وقال: "إن كل جهد له تأثير كبير في
إيصال رسالة التضامن والدعم للفلسطينيين الذين يواجهون إبادة جماعية وللبنانيين
الذين يذوقون مرارة الهجمات الإسرائيلية الهمجية. مشاركتكم، بغض النظر عن المكان،
تساهم في بناء حركة مستمرة من أجل العدالة"، وفق البلاغ.
وحولت إسرائيل قطاع غزة إلى أكبر سجن في
العالم، إذ إنها تحاصره للعام الـ18، وأجبرت حربها نحو مليونين من مواطنيه، البالغ
عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في
الغذاء والماء والدواء.
وبينما يجري الحديث عن مستويات التطرف غير
المسبوقة التي وصلت إليها حكومة إسرائيل الراهنة، يهمل كثيرون التركيز على التفاعل
الشعبي مع الإبادة الجارية في غزة.
وتشير استطلاعات عديدة إلى أن أغلبية
الإسرائيليين على اختلاف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية تؤيد الإبادة في غزة،
لكن الاختلافات الراهنة تتعلق بفعل ذلك والأسرى بقبضة الفصائل الفلسطينية، أم بعد
تحريرهم ضمن صفقة.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة
جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء،
وما يزيد على الـ10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في
إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.