أفاد إعلام عبري، الاثنين، بأن دولا غربية
باتت تخشى من "تزايد نفوذ" اليمين المتشدد في حكومة بنيامين
نتنياهو، بعد
استقالة زعيم حزب "الوحدة الوطنية" بيني
غانتس وشريكه في الحزب غادي آيزنكوت
من مجلس الحرب الذي شكل بعد الهجوم على قطاع غزة.
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية
عن دبلوماسيين غربيين - لم تسمهم أو تكشف عن جنسياتهم - قولهم إن استقالة غانتس
"تثير قلقا كبيرا بين الحكومات المؤيدة لإسرائيل، بشأن خطوات تل أبيب التالية
في الحرب" (في إشارة إلى مسار الحرب على غزة).
وأرجع الدبلوماسيون خوفهم إلى "تزايد
نفوذ العناصر المتطرفة داخل الحكومة" بعد استقالة غانتس.
اظهار أخبار متعلقة
ومساء الأحد، أعلن الوزيران غانتس وآيزنكوت،
الشريكان بحزب "الوحدة الوطنية"، استقالتهما من حكومة الطوارئ برئاسة نتنياهو،
كإحدى تداعيات الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وانضم حزب غانتس إلى حكومة نتنياهو إثر
اندلاع الحرب، وباتت تُسمى حكومة الطوارئ، وعلى إثرها جرى تشكيل حكومة أو مجلس الحرب
المصغر.
ولا يعني انسحاب غانتس، رئيس ائتلاف
"معسكر الدولة" (12 نائبا) تفكيك الحكومة، فحين انضم إليها كان نتنياهو مدعوما
بالفعل من 64 نائبا من أصل 120 بالكنيست، ما يخول لحكومته الاستمرار طالما أنها تحظى بثقة
61 نائبا على الأقل.
وفي هذا الشأن، قال دبلوماسي من دولة صوتت
باستمرار لصالح "إسرائيل" في الهيئات الدولية منذ بداية الحرب، لـ"هآرتس":
"نحن لا نتدخل في القضايا السياسية الإسرائيلية الداخلية، لكن لا شك أن جميع الحكومات
الغربية التي تدعم إسرائيل تدرك أنه سيكون من الصعب الاستمرار في دعمها".
وأضاف أن وجود غانتس وآيزنكوت في مركز صنع
القرار منذ الأسبوع الأول للحرب "ساعد إسرائيل على صد بعض الضغوط الدولية الموجهة
إليها، وساعد في إقناع الدول المهمة في أوروبا بعدم تبني موقف أكثر صرامة ضدها".
وأعلن غانتس عن مغادرة الحكومة قبل يوم من
وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى "إسرائيل"، في زيارة قصيرة
ستخصص بالأساس لمحاولات الترويج للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المختطفين وإنهاء الحرب.
وقالت الصحيفة: "في إدارة الرئيس الأمريكي
جو بايدن، كان يُنظر إلى غانتس لفترة طويلة على أنه محاور مهم داخل الحكومة".
وفي السياق، نقلت "هآرتس" عن
مسؤول أمريكي، لم تسمه قوله إن "غانتس قدم للإدارة الأمريكية بطريقة أكثر إقناعا
الحجج المؤيدة للعملية الإسرائيلية في رفح، والتي أثرت في نهاية المطاف على قرار الإدارة
بعدم المعارضة الكاملة لدخول الجيش الإسرائيلي إلى المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع
غزة".
وأوضح دبلوماسي آخر: "عندما كان غانتس
وآيزنكوت جزءا من حكومة الحرب، كنا نعلم أن هناك أشخاصا يمكننا التحدث معهم ونثق بهم
ليقولوا الحقيقة، حتى لو لم نحب سماعها، وبمجرد مغادرتهما، فسيصبح وزير الدفاع غالانت
الشخص الوحيد في دائرة صنع القرار الذي نعتبره شريكا".
لا تعامل مع بن غفير وسموتريتش
وأوضح الدبلوماسي ذاته للصحيفة العبرية:
"جميع الحكومات المهمة في العالم الغربي لا تقيم أي علاقات مع وزيري اليمين المتطرف
بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، كما أن معظمهم يختلفون بشدة مع نتنياهو والوزير المقرب
منه رون ديرمر (وزير الشؤون الاستراتيجية)".
وتابع: "نتنياهو وديرمر يُنظر إليهما
(من قبل الدول الغربية) على أنهما من يتدخلان باستمرار في السياسة الداخلية لدول أخرى،
خاصة الولايات المتحدة ولكن في بعض الحالات أيضا دولا في أوروبا".
وفي السياق ذاته، اعتبر الدبلوماسي أن القلق
الرئيسي يكمن في "التأثير الكبير الذي سيتمتع به بن غفير وسموتريتش الآن"،
قائلا إن "هؤلاء أشخاص متطرفون، لا نتحدث معهم ولا يتحدثون إلينا".
ولفتت الصحيفة إلى أن "الخوف من تنامي
نفوذ سموتريتش وبن غفير في حكومة لن يكون فيها غانتس وآيزنكوت يتعلق بعدة مجالات".
وقالت: "الأول والأكثر إلحاحا في نظر
أغلب دول العالم هو إمكانية التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، والذي سوف يتضمن
وقفا مطولا لإطلاق النار في غزة".
الاتفاق في غزة أصبح "مستحيلا"
واستكمالا لموقف الدبلوماسيين الغربيين، فإن "هآرتس" نقلت عن دبلوماسي ثالث، لم تسمه قوله: "الجميع يدرك أنه سيكون
من المستحيل تقريبا القيام بذلك (التوصل إلى اتفاق مع ’حماس’ في غزة) في ظل حكومة تعتمد
بشكل كامل على المتطرفين".
وأضاف: "إذا ما كان هناك أمل في الأسابيع
القليلة الماضية في أن يؤدي خطاب الرئيس بايدن إلى نتائج، فمن الواضح الآن أنه فشل".
وكان بن غفير وسموتريتش رفضا علانية الخطة
التي أعلن عنها بايدن لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وقال إنها بالأصل "خطة
إسرائيلية".
وعلى صعيد آخر، لفتت "هآرتس"
إلى أنه من القضايا الأخرى التي تثير قلق الحكومات الداعمة لإسرائيل هي "السياسة
التي ينتهجها سموتريتش في الضفة الغربية، والتي تسعى بشكل علني إلى إضعاف السلطة الفلسطينية
وربما تؤدي إلى انهيارها الكامل".
وقالت: "في هذه القضية أيضا، كان يُنظر
إلى غانتس وآيزنكوت على أنهما شخصان يمكن التحاور معهما على أساس تصور مشترك لأهمية
السلطة الفلسطينية للاستقرار في الضفة الغربية".
واعتبرت أنه في ظل غيابهما فإن "هناك خوفا بين عدد غير قليل من الحكومات من أن نتنياهو سوف يخضع لإملاءات سموتريتش، الأمر الذي
سيؤدي إلى اندلاع أعمال عنف واسعة النطاق في المناطق" أي الضفة الغربية.
يذكر أن استقالة غانتس وآيزنكوت ستترك
مجلس الحرب، الذي تم تشكيله في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، دون تمثيل من أي حزب
آخر غير "الليكود" (يمين) بزعامة نتنياهو.
وتألف مجلس الحرب من الأعضاء نتنياهو وغانتس
ووزير الدفاع يوآف غالانت، بالإضافة إلى مراقبين هم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر
وآيزنكوت وزعيم حزب "شاس" أرييه درعي.
وفي وقت سابق الاثنين، قال إعلام عبري،
إن نتنياهو، يدرس حل مجلس الحرب؛ إثر استقالة الوزيرين فيها بيني غانتس وآيزنكوت.
وتمثل استقالة غانتس وآيزنكوت انفراجة لحزبي
"القوة اليهودية"، برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، و"الصهيونية
الدينية" بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
اظهار أخبار متعلقة
وكثيرا ما أعرب الحزبان، وهما من اليمين
المتطرف، عن عدم رضاهما عن كون قرارات الحرب بيد حكومة حرب لا تضم ممثلين عنهما.
وفي أكثر من مناسبة، دعا بن غفير وسموتريتش،
وهما من أشد الداعمين لاستمرار الحرب على غزة، إلى الانضمام لمجلس الحرب أو على أقل
تقدير حلها.
وتتهم المعارضة نتنياهو بالخضوع لبن غفير
وسموتريتش، اللذين يرفضان إبرام اتفاق مع حركة حماس لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى،
وهددا مرارا بالاستقالة وإسقاط الحكومة.
ويتمسك نتنياهو بالاستمرار في منصبه، ويرفض
دعوات متصاعدة منذ أشهر لإجراء انتخابات مبكرة؛ بزعم أن من شأنها "شلّ الدولة"
وتجميد مفاوضات تبادل الأسرى لفترة قد تصل إلى 8 أشهر.