خرجت دعوات إسرائيلية
بضرورة إنجاز
صفقة تبادل
الأسرى، خصوصا مع تزايد الحديث عن اختراق جديد تم تحقيقه
في مفاوضات الصفقة مع
حماس.
وأكد محلل الشؤون الأمنية
والاستخباراتية رونين بيرغمان، في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"
العبرية، وترجمته
"عربي21" أن جدول الأعمال يتضمن خفض الحد الأدنى لعدد
الأسرى الذين ستلتزم حماس بإطلاق سراحهم، وإزالة التقسيم بين أجزاء قطاع غزة، ما
يعني أنه كان ممكنا إعادة الأسرى في وقت سابق لولا تعنت حكومة اليمين.
وشكك بيرغمان بجدوى عملية
رفح وشعار "القضاء على حماس"، موضحا أنه "من الناحية العملية، فقد
تستغرق عملية رفح وقتا أطول، وليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت تستحق
ثمنها".
وشن بيرغمان هجوما على
قادة
الاحتلال في المستويين السياسي والعسكري، لأنهم يحاولون عبثاً إقناع الجمهور
الإسرائيلي بأن "المناورة البرية في رفح فقط هي التي ستجلب الرهائن من جديد،
رغم أن حماس طرحت على الطاولة عرضا مماثلا تقريبا قبل خمسة أشهر، وربما أفضل
لإسرائيل، قبل أن تقرر دخول غزة، دون أن تجد آذانا صاغية لديها، وبعد انفجار
الصفقة الأولى، قبل خمسة أشهر، قالوا إن احتلال خانيونس فقط، سيضغط على حماس،
ويدفعها لإطلاق سراح المختطفين، لكن ما ثبت أن هذا الاجتياح لم يفعل إلا التشدد في
شروط الحركة".
وأضاف أن "قادة
الاحتلال يقولون إننا فقط إذا اجتحنا رفح فسيتحقق النصر الكامل، بما فيه إطلاق
سراح الرهائن، لكن من المشكوك فيه أن يبقى بعد رفح أي رهائن أحياء للتفاوض بشأنهم،
رغم أن أوساطا في المؤسسة الأمنية يعتقدون أن هناك حدًا لمدى ما يمكن للحكومة أن
تحاول فرضه على الجمهور، لأنه سيأتي الوقت قريبًا الذي سيتم فيه الكشف عن كمية
الانحرافات، إن لم تكن الأسوأ، التي تعرض لها الجمهور الإسرائيلي في الأشهر الستة
الماضية، وربما سيفهم هذه المرة أن الحلول المزعومة لاستعادة الرهائن من حماس كانت
سحرا كاذبا، وجرعة مضللة بدعم قطاعات واسعة من وسائل الإعلام".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "المزاعم
التي دأب قادة إسرائيل على ترويجها تتركز في أن الضغط العسكري هو الوحيد الكفيل
باستعادة الأسرى؛ وأنه من المستحيل إنهاء هذه الحرب دون القضاء على كتيبة حماس في
رفح، ما يعني أن إسرائيل تواجه خيارين، خيارين فقط، إما أو، وليس هناك خيار وسط،
لاستعادة جميع المختطفين، نساء وأطفال ومسنون وجنود، وإلا ستبقى إسرائيل تراوح
مكانها في تفكيك البنية التحتية العسكرية والتنظيمية والسياسية لحماس، وهو الهدف
المستمر منذ بدء الحرب، رغم أننا نعلم تماما أن لحظة الانتقام منها قد أتت، وقد
دفعت، وحذرنا أن الحرب إذا لم تكن قصيرة وهادفة، فلن تحقق أيّاً من أهدافها".
وأشار إلى أن "أي
إسرائيلي لم يكن عليه أن يكون ذكياً جداً ليكتب هذه الأمور، فقط كان مطلوباً منه
أن يفكر بمنطق، ولا ينبهر بكلمات قادة المؤسسة الأمنية، وزير الحرب ورئيس الوزراء،
بعيدا عن الشعارات المضللة حول "النصر المطلق" لأننا فعلا أمام
"الجنون المطلق"، وسيتبين في النهاية أن إسرائيل وافقت على الشروط التي
طرحتها حماس مرارا وتكرارا، رغم مزاعم المستوى السياسي أنها لا تريد اتفاقا، لكن
الحاصل اليوم أنه إذا استمر كل شيء بالروح الإيجابية السائدة في الأيام الماضية،
فسنكون أمام منصة اتفاق على المرحلة الأولى الإنسانية".
وتابع: "اتهام
الوسطاء القطريين والمصريين لإسرائيل بأنها تطرح دائما الشروط التي تعرقل إنجاز أي
صفقة، لم يقتصر عليهم فقط، فقد انضم إليهم أيضا كبار المسؤولين الإسرائيليين، الذين
أتينا بتعليقاتهم في معظمها خلال الأشهر الأخيرة، فهم يتفقون معهم تماماً، بأن
رئيس الوزراء وفريقه طرحوا شروطاً لا جدوى منها سوى الاستمرار في البقاء عالقاً في
الهواء، حتى أنه طرد الضابط المسؤول عن إبرام الصفقة، وأرسل مستشاره السياسي أوفير
فليك للتأكد من أن الممثلين الإسرائيليين لن يظهروا مبادرة مفرطة في محاولة تحرير
المختطفين".
وأكد أنه "يمكن
التقدير أن الطرفين يقتربان من الصياغة النهائية للصفقة، لأنه من المرجح أن توافق
إسرائيل على جميع المطالب، مما يعني أنه كان من الممكن أن يوقعوا على الصفقة منذ
وقت طويل، وكان من الممكن أن يكون هناك عدد أكبر من المختطفين على قيد الحياة،
وكان من بقوا على قيد الحياة سيعانون أقل بكثير، في حين أن التأخير الأخير في
الصفقة يجب أن يُعزى للجيش الذي أصر على عدم إزالة التقطيع في غزة قبل شهرين،
ويكاد يدفع الآن في هذا الاتجاه، دون أن يتغير شيء في هذه الأثناء، باستثناء أقل
خطورة".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "إبرام
الصفقة الجاري إنجازها يأتي بينما تتضرر مكانة إسرائيل الدولية، عقب استهداف موظفي
مؤسسة "المطبخ العالمي" الذي شكل نقطة تحول في الحرب، وأسفر عن وقوع
المزيد من الجنود القتلى، فيما الجيش الإسرائيلي يتخبط وسط حالة من الركود دون
تغيير أي شيء مهم في ساحة المعركة منذ منتصف يناير، وما زال يخطط لاحتلال رفح، رغم
أن الكثيرين في صفوفه يأملون بشدة في التوصل إلى صفقة، كي ينقذهم جميعاً من
الاضطرار لاحتلال المدينة التي لم تكن أبداً معقلاً مركزياً لحماس، وبات الشعار
الإسرائيلي أن النصر الكامل مرهون باحتلال المدينة التي أصبحت رمزا".
الخلاصة الإسرائيلية أن
حماس سترفض إجراء المفاوضات أثناء القتال، وستطالب كشرط مسبق لوقفه، وحينها سيكون
الاحتلال عند النقطة التي يعني فيها الخروج من رفح عودة عناصر حماس لإدارتها، وفي
هذه الحالة ستحاول الحركة نصب كمين إعلامي عقب هجوم إسرائيلي محتمل على مخيم
اللاجئين في المدينة، ما سيدفع العالم لممارسة ضغوط كبيرة على الاحتلال، والأهم من
كل ذلك أن ثمن الصفقة لن ينخفض، لأنه ثبت أنه مع مرور الوقت، سيرتفع الثمن، وهو
بعكس التسويق الذي يحاول الاحتلال تغذية وسائل الإعلام به الآن.