أفكَار

عثمان سعدي ناب عن الدولة الجزائرية في الدفاع عن اللغة العربية

أحمد بن نعمان: الراحل عثمان سعدي كان له دور مشهود في صدور  أول قانون للغة العربية بالجزائر
أحمد بن نعمان: الراحل عثمان سعدي كان له دور مشهود في صدور أول قانون للغة العربية بالجزائر
توفي يوم 30 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي الدبلوماسي الجزائري السابق عثمان سعدي، وهو رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، وكان دبلوماسيا منحازا للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث أسهم في فتح أول مكتب لحركة التحرير الفلسطينية "فتح" في الجزائر قبل عام 1965.

عُرف عن سعدي استماتته الكبيرة في الدفاع عن التعريب واللغة العربية في الجزائر، ورفضه القاطع لتمركز اللغة الفرنسية في النظام التعليمي والإداري، وعارض دسترة اللغة الأمازيغية، واعتبرها كضرة لغوية مع العربية في الجزائر..

نائبه في رئاسة الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية الدكتور أحمد بن نعمان، يكتب عن الراحل الدكتور عثمان سعدي خصيصا لـ "عربي21"، شهادة تؤكد انحيازه لثورة تشرين الثاني (نوفمبر) التي حققت استقلال الجزائر، ودفاعه المستميت عن عروبة الجزائر إلى آخر رمق في حياته..


لا أملك في هذه اللحظات الحزينة الثقيلة بالألم والمليئة بالآلاف من الذكريات التي جمعتني بفقيد الأمة والوطن الصديق العزيز الدكتور عثمان سعدي رفيق الدرب الطويل في مواجهة كل تقلبات الاستحلال بعد نكبات وأهوال الاحتلال الذي قضى عليه الشعب في سبع سنين ليجد نفسه أمام الاستحلال الأخطر الذي استفحل في غفلة من الرجال وتواطؤ الانذال المتوارثين للخيانة مع العدو الظاهر والباطن الغائب الحاضر بقوة  بعد السن الخمسين..

لا يسعني إلا أن أعبر بهذه الكلمات النثرية الشبيهة بالشعرية وما أنا بشاعر..

ولكن إن خانتني العبارات لوصف ألم الحزن عن فراق الشخص المناسب في الظرف غير المناسب فإن عزائي للجزائر والعائلة السعدية الصغرى والعائلة الوطنية الكبرى هو صدق المشاعر والجود بالموجود الحاضر إلى أن نفرد له ما يستحقه من ذكر لأبرز مناقبه الجهادية المتعددة في الداخل والخارج دفاعا عن هوية الجزائر وأمجادها عبر التاريخ في الماضي والحاضر ..

لقد عرفت الفقيد منذ الستينيات في جامعة الجزائر هو الأستاذ النشيط المجادل والمحاضر وأنا الطالب المجتهد الخارج من جيش التحرير الوطني المهتم بمواصلة الجهاد ضد الاستحلال المستمر بقوة في  شكل آخر!؟ .

وقد وجدت نفسي وإياه على خط دفاعي وطني واحد مستقيم منذ الفاتحين الأولين إلى فاتح تشرين الثاني (نوفمبر) في القرن العشرين وبقينا سائرين على نهجهم في السراء والضراء ومجابهة الأعداء في كل النكسات المتعاقبة على الثوابت الوطنية وجوهر الهوية عبر التاريخ مع مجموعة من الأصدقاء والزملاء والرفاق الراحلين منهم والأحياء المنتظرين معنا إلى يوم اللقاء والجزاء والبقاء مع الأوفياء في زمرة السعداء!؟

فنبنا عن الدولة المغيبة حينذاك عن تطبيق المادة الثالثة من الدستور الوطني بتأسيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية وكان هو رئيسها بالانتخاب وكنت أنا نائبه منذ ذلك التأسيس وبقيت معه إلى الآن دون تحول أو انقلاب..

وقد كان لنا دور مشهود مع كل الوطنيين الشرفاء في صدور أول قانون للغة العربية عندنا على غرار قانون اللغة الفرنسية الصادر في فرنسا السيدة على أرضها اعتقادا منا بأننا مستقلون على أرضنا بسيادة  لساننا مثلها على أرضها دون غنيمة حرب الألمان عندها..

ورغم كل المناورات والعراقيل التي واجهت القانون، إلا أن عزيمة الرجال الأوفياء أوصلته إلى مرحلة التصديق عليه بالإجماع في البرلمان.. ولكن الأعداء وإن فشلوا في عرقلة التصديق عليه وصدوره في الجريدة الرسمية فقد نجحوا في تأجيل تطبيقه إلى ما بعد سنتين بعد الصدور، فتأخر توقيعه في الجريدة الرسمية عن قطع الذّنَبِ (كما قال حينها رحمه الله في خطاب رسمي: ضربنا الاستعمار لرأسه حرك ذَنَبَه!!!)

فذهب به الذّنَبُ وما كسب بعد سنتين وبقي الحال على ماهو عليه حتى الآن دون إلغاء القانون نفسه ودون تطبيقه في الميدان بعد تقلبات السنين الثلاثين الثقال..

ولكن الفقيد ظل ينافح عن قانون الشعب بكل إخلاص حاضرا وغائبا دون توقف لنشاطه إلى آخر لحظة من حياته حيث ألحلقه الله بالخالدين في جنة النعيم المعدة لأمثاله من المجاهدين الصادقين ..

وقد رحل عنا وفي نفسه شيء كثير منه يشفع له عن وفائه وإخلاصه لشعبه ووطنه وصدقه عند ربه.. وإننا نقول له بأن الحق مهما غطاه غمام الباطل المزيف فلا بد أن يظهر ويسطع مثل الهلال بعد أكثر من 130 سنة من ظلام الاحتلال وأن شمس الحقيقة لا تلبث أن تظهر إلى العيان مهما غمت على مجموعة من  العميان.

والتاريخ ينصف المجتهدين العاملين الصادقين غير الخاطئين، وقد يغفر للجاهلين ولكنه لا يرحم ولا يغفر أبدا  للخائنين عن سبق إصرار وحقد دفين..

والتاريخ الوطني مبسوط أمامنا كالحصيرة لكل ذي بصر وبصيرة ممن وهبه الله القدرة على التفريق والتمييز بين الوطنية والبَطَنِيّة وبين الشرف والعلف والجنسية والهوية والغاية والوسيلة والأمة والقبيلة وبين الاحتلال العسكري المباشر والاستقلال المبطن بالاستحلال الثقافي واللساني الظاهر الذي يعكس الحقائق ويقلب المفاهيم ليصير الهزائم غنائم والانتصارات أوهاما وهزائم في قاموس الأعداء، ولكن هيهات أن ينقلب الدخيل إلى أصيل والخيانة إلى أمانة مهما زوقت وغلفت بالتزوير بعد توقيع المصير الأخير تحت إشراف جيش التحرير.

والخبر اليقين عند شعب الشهداء الذي قرر مصيره بكل إرادته مرتين وسيكررها كلما أتيحت له الفرصة في أي حين.. وفقيدنا هو من أبناء هذا الشعب الأصيل الذي لا ينسى  أبناءه الشرعيين  الأوفياء  الأحياء والراحلين الساكنين في وجدانه إلى يوم الدين ..

لا أملك في هذه اللحظات الحزينة الثقيلة بالألم والمليئة بالآلاف من الذكريات التي جمعتني بفقيد الأمة والوطن الصديق العزيز الدكتور عثمان السعدي رفيق الدرب الطويل في مواجهة كل تقلبات الاستحلال  بعد نكبات وأهوال الاحتلال الذي قضى عليه الشعب في سبع سنين ليجد نفسه أمام الاستحلال الأخطر الذي استفحل في غفلة من الرجال وتواطؤ الانذال المتوارثين للخيانة مع العدو الظاهر والباطن الغائب الحاضر بقوة  بعد السن الخمسين..

لا يسعني إلا أن أعبر بهذه الكلمات النثرية الشبيهة بالشعرية وما أنا بشاعر..

ولكن إن خانتني العبارات لوصف ألم الحزن عن فراق الشخص المناسب في الظرف غير المناسب فإن عزائي للجزائر والعائلة السعدية الصغرى والعائلة الوطنية الكبرى هو صدق المشاعر والجود بالموجود الحاضر إلى أن نفرد له ما يستحقه من ذكر لأبرز مناقبه الجهادية المتعددة في الداخل والخارج دفاعا عن هوية الجزائر وأمجادها عبر التاريخ في الماضي والحاضر ...

لقد عرفت الفقيد منذ الستينيات في جامعة الجزائر هو الأستاذ النشيط المجادل والمحاضر وأنا الطالب المجتهد الخارج من جيش التحرير الوطني المهتم بمواصلة الجهاد ضد الاستحلال المستمر بقوة في  شكل آخر!؟ .

وقد وجدت نفسي وإياه على خط دفاعي وطني واحد مستقيم منذ الفاتحين الأولين إلى فاتح تشرين الثاني (نوفمبر) في القرن العشرين وبقينا سائرين على نهجهم في السراء والضراء ومجابهة الأعداء في كل النكسات المتعاقبة على الثوابت الوطنية وجوهر الهوية عبر التاريخ مع مجموعة من الأصدقاء والزملاء والرفاق الراحلين منهم والأحياء المنتظرين معنا إلى يوم اللقاء والجزاء والبقاء مع الأوفياء في زمرة السعداء!؟

فنبنا عن الدولة المغيبة حينذاك عن تطبيق المادة الثالثة من الدستور الوطني بتأسيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية وكان هو رئيسها بالانتخاب وكنت أنا نائبه منذ ذلك التأسيس وبقيت معه إلى الآن دون تحول أو انقلاب..

وقد كان لنا دور مشهود مع كل الوطنيين الشرفاء في صدور أول قانون للغة العربية عندنا على غرار قانون اللغة الفرنسية الصادر في فرنسا السيدة على أرضها اعتقادا منا بأننا مستقلون على أرضنا بسيادة  لساننا مثلها على أرضها دون غنيمة حرب الألمان عندها..

ورغم كل المناورات والعراقيل التي واجهت القانون، إلا أن عزيمة الرجال الأوفياء أوصلته إلى مرحلة التصديق عليه بالإجماع في البرلمان.. ولكن الأعداء وإن فشلوا في عرقلة التصديق عليه وصدوره في الجريدة الرسمية فقد نجحوا في تأجيل تطبيقه إلى ما بعد سنتين بعد الصدور، فتأخر توقيعه في الجريدة الرسمية عن قطع الذّنَبِ (كما قال حينها رحمه الله في خطاب رسمي: ضربنا الاستعمار لرأسه حرك ذَنَبَه !!!)

فذهب به الذّنَبُ وما كسب بعد سنتين وبقي الحال على ماهو عليه حتى الآن دون إلغاء القانون نفسه ودون تطبيقه في الميدان بعد تقلبات السنين الثلاثين الثقال..

ولكن الفقيد ظل ينافح عن قانون الشعب بكل إخلاص حاضرا وغائبا دون توقف لنشاطه إلى آخر لحظة من حياته حيث ألحلقه الله بالخالدين في جنة النعيم المعدة لأمثاله من المجاهدين الصادقين ..

وقد رحل عنا وفي نفسه شيء كثير منه يشفع له عن وفائه وإخلاصه لشعبه ووطنه وصدقه عند ربه.. وإننا نقول له بأن الحق مهما غطاه غمام الباطل المزيف فلا بد أن يظهر ويسطع مثل الهلال بعد أكثر من 130 سنة من ظلام الاحتلال وأن شمس الحقيقة لا تلبث أن تظهر إلى العيان مهما غمت على مجموعة من  العميان.

والتاريخ ينصف المجتهدين العاملين الصادقين غير الخاطئين، وقد يغفر للجاهلين ولكنه لا يرحم ولا يغفر أبدا  للخائنين عن سبق إصرار وحقد دفين..

والتاريخ الوطني مبسوط أمامنا كالحصيرة لكل ذي بصر وبصيرة ممن وهبه الله القدرة على التفريق والتمييز بين الوطنية والبَطَنِيّة وبين الشرف والعلف والجنسية والهوية والغاية والوسيلة والأمة والقبيلة وبين الاحتلال العسكري المباشر والاستقلال المبطن بالاستحلال الثقافي واللساني الظاهر الذي يعكس الحقائق ويقلب المفاهيم ليصير الهزائم غنائم والانتصارات أوهاما وهزائما في قاموس الأعداء، ولكن هيهات أن ينقلب الدخيل إلى أصيل والخيانة إلى أمانة مهما زوقت وغلفت بالتزوير بعد تقرير المصير الأخير تحت إشراف جيش التحرير.

والخبر اليقين عند شعب الشهداء الذي قرر مصيره بكل إرادته مرتين وسيكررها كلما أتيحت له الفرصة في أي حين.. وفقيدنا هو من أبناء هذا الشعب الأصيل الذي لا ينسى  أبناءه الشرعيين  الأوفياء  الأحياء والراحلين الساكنين في وجدانه إلى يوم الدين ..
التعليقات (1)
ناصحو أمتهم
الثلاثاء، 13-12-2022 02:52 م
رحم الله فقيدنا واسكنه الفردوس الأعلى في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبعد المناصب السفاراتية بين الكويت والشام (مآثره فيها لا تنسى في حماية النشطاء الفلسطينيين من أمثال خليل الوزير و زوجته إنصاف من تعسف حافظ الأسد) والعراق، عاش قلما مقاتلا من أجل عنصري الهوية الحضارية لأمتنا ووطننا العربي (العربية والإسلام). أبا مها (كنّيناك بها وحدها لأنها فيما نعلم كانت الأثيرة عندك)؛ نم قرير العين فالمغرب العربي الكبير عربي مسلم إلى قيام الساعة رغم الكيد الدائم للعدو الصليبي العَالَمَاني الفرنسي وأزلامه المحليين.