قضايا وآراء

سيسي الإخوان!!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

يبدو أن تأثير الانقلاب العسكري في مصر، تعدى أثره ليصل إلى رافضيه، فترى آثار سلوكه تنضح في تصرفات وقرارات شريحة من الإخوان المسلمين. كنت لفترة مضت أكرر هذه الجملة، وكنت أقابل عند قولها بهجوم حاد وشديد من أنصار الإخوان، لكن الخلافات التي حدثت منذ ما يقرب من عامين، بين المرحوم الأستاذ إبراهيم منير، والدكتور محمود حسين، كانت تؤكد ما قلته مرارا.

في عام 2014 تنبأ محمود حسين بأن الإخوان ستنشق إلى ثلاث أو أربع جماعات، ولا ندري من أين جاءه التنبؤ؟ هل عن خبرة، أم عن أمنية؟! وبالفعل بدأت بوادر الخلافات التي يمكن علاجها، لكن بفعل فاعل كنا نراها فجأة تتحول لانشقاق غريب الشكل، فقد كانت كل المشاكل يسيرة الحل، ولا يمكن أن تؤدي لهذه النتائج، إلا أن فاعلا حولها من مشكلات يسيرة إلى مشكلات جذرية، وبلا حل، وتتجه لطريق بلا عودة، والخلاف والانشقاق بدأ خارج الإخوان أولا، أي: عن طريق المؤسسات التي أقامها رافضو الانقلاب، وإذ فجأة يتم تجميد عملها، وعن طريق مجموعة محمود حسين أيضا.

كان أول خلاف داخل الإخوان أدى لانشقاق في الجماعة سنة 2015م، بسبب تحول الجماعة للعمل المؤسسي واللائحي، أي أنه عمل مهم، ولا يستدعي فرقة أو خلافا، ولكن فجأة برز علينا محمود حسين بمجموعته الملتفة حوله، بانقلاب على ما قام به الإخوان وقتها، وادعاء استقالة من عارضوه وقتها، أو فصلهم، وكان يصدر للرأي العام وقتها لكسب المعركة، حجة في منتهى التضليل، ولا أريد أن أصف وصفا آخر، هو الأليق، كانوا يقولون للإعلام: إن الخلاف بيننا وبين معارضينا حول العنف والسلمية، فنحن نريد السلمية، وهم يريدون تبني العنف في الجماعة.

وهو كلام غير دقيق بكل مقاييس عدم الدقة، لكنه هو الذي يأتي بتعاطف الرأي العام، ويشوه الخصم الإخواني، نفس الوسيلة التي كان يستعملها السيسي: العنف والإرهاب المحتمل، وقتها كنت أستضاف على قنوات إخوانية وغير إخوانية، وكنت أعلن أن الخلاف فقط هو صراع على مناصب، وصلاحيات إدارية وفقط، ولا علاقة لهذا الخلاف بالعنف أو السلمية من قريب أو بعيد، وكنت أواجه بعض متحدثي الجماعة، مما جعل بعض هذه الوسائل تتخذ قرارا بعدم استضافتي، بناء على احتجاج مجموعة حسين وقتها على كلامي.

 

لا يوجد حتى الآن شخصية جامعة تجمع الجسم العريض للصف الإخواني، وتقوم بإجراءات مهمة تتعلق بالرؤية والفكر والخطة والعمل، مما يجعل كل خارج أو شارد عنها في اتجاه وحده، وبلا أثر، ويظل الجسم الكبير يتحرك، إن رزق العافية في الإجراءات والتوجه،

 



سعى المرحوم الشيخ القرضاوي للم شمل الجماعة، ودعا طرفي الخلاف، ولكن بعد أن اتضح أن سعيه سينتهي بتوحد الجماعة، وعمل انتخابات شاملة، بالتأكيد لن يكون فيها حسين ومجموعته، لاستشعارهم كم الغضب من الصف الإخواني ضدهم، فإذ بهم يزورون رسالة باسم الدكتور محمود عزت لا تليق بمقام القرضاوي، لم أجد القرضاوي في حياتي كلها يتكلم بهذه الحرقة، على سوء التصرف، ولما أكدت له أن محمود عزت مستحيل أن يكتب مثل هذا الكلام، أو يقوله، فأسرعوا بكتابة رسالة أخرى يسترضون بها القرضاوي، وأيضا باسم محمود عزت، فك الله أسره وأسر الجميع!!

ثم جاء الخلاف الأخير بين منير وحسين، فبعد وفاة محمود عزت، أصبح منير القائم بعمل المرشد، وتعارضت الإرادتان هنا، منير أصبح الرقم الأول في الجماعة، وما كان يتم من خلف ظهره باسم القائم بالأعمال في مصر، لم يعد مقنعا، وكان كلام منير في بادئ الأمر حول لم شمل الجماعة، وتم الالتفاف على هذا المطلب، لأنه عند الجلوس لهذا الأمر ستتضح الأمور، وأن الخلاف لم يكن كما يعلن، وكان طلب حسين أن يكون نائبا لمنير، ولكن الصراع انتهى بحسم أن منصب الأمين العام ملغى لائحيا من سنة 2012م! 

وانتهى الصراع بقرار الفصل لحسين ومجموعته، وكان الأمر واضحا وقتها للجميع أن محمود حسين يريد أن يكون قائما بالأعمال رسميا، وذلك بأن يكون نائبا لمنير، بحيث في حالة مرض منير أو وفاته، يكون رسميا هو القائم، بدل أن يكون قائما بالفعل والإدارة الخفية، يكون علنا ورسميا، لكنه لم يصبر على ذلك، فكان انشقاقه ومجموعته.

وبالاستفادة من الانقلاب السيساوي أيضا، تم تعيين عدلي منصور للجماعة، وذلك بتعيين الدكتور مصطفى طلبة قائما مؤقتا بالأعمال، وأن محمود حسين زاهد في الموقع، ولا يريده، وأن هناك لجنة ستدير، ينتهي عمل طلبة واللجنة في يونيو سنة ألفين ثلاثة وعشرين، أي: بعد ثمانية أشهر من الآن، لكن منير توفي والمنصب أصبح فارغا رسميا، وهذه فرصة للطموح الداخلي لحسين بالمنصب.

فتم التعجيل بتنحي طلبة، وتولي محمود حسين منصب القائم بالأعمال، بحجة أنه عضو مكتب الإرشاد الوحيد بالخارج، ناسيا ومن معه أنه صدر قرار بفصله، وهو ما يذكرنا بقاعدة الفقهاء القائلة: من تعجل شيئا قبل أوانه، عوقب بحرمانه، أو ما يقوله العامة المصريون: لو صبر القاتل على المقتول لقتل وحده. 
ولو تم تصالح بين الجماعة وحسين، وبتطبيق معايير حسين نفسه على من انشق ورجع للجماعة، لن يتولى المنصب، فقد كان محمود حسين لتعقيد إجراءات عودة المختلفين مع القيادات الأخرى، يضع شروطا مجحفة، لا تعبر عن دعوة، فقد كانت شروطه كالتالي: أن يعتذر العائد للجماعة عما فعل، وأن يتعهد بعدم تكرارها، وأن يعود إلى آخر الصف، وليس إلى موقعه التنظيمي. فلو تم تطبيق لائحة حسين للعودة، فمعناها أيضا عدم عودته لمواقعه.

لا حل إذن سوى إتمام بقية إجراءات الانقلاب، ولو بشكل واضح، حيث إنه لا أمل في لم شمل الجماعة، فبعد وفاة منير بأيام، سعت مجموعة من العقلاء من أهل العلم والدعوة للم الشمل مرة خامسة أو سادسة، لكن القرار الصادر يوم الأربعاء عن مجموعة حسين بتوليه منصب القائم بالأعمال، يقطع الطريق على أي حوار، أو سعي، فإكمال الطريق لنهايته خيار وحيد لحسين ومجموعته.

منذ أيام صرح السيسي في برنامج مع يوسف الحسيني أنه قضى على الإخوان وقواعدهم في ثمان سنوات، ووقتها قلت: لقد كذب السيسي، فإنه لم يفعل بالإخوان ما يقضي عليهم أو يضعفهم، فطوال عمرهم يسجنون، لكن ما فعلته مجموعة محمود حسين بالجماعة هو الأشد مما فعله السيسي، منذ الانقلاب وحتى اليوم، وفي كل إجراء يتخذونه، يدلل على ذلك بوضوح، ويدل على أن صراع الأجنحة داخل الجماعة مستمر، ومخطط إنهاء الجماعة لصالح النزق الشخصي مستمر. 

ولا يوجد حتى الآن شخصية جامعة تجمع الجسم العريض للصف الإخواني، وتقوم بإجراءات مهمة تتعلق بالرؤية والفكر والخطة والعمل، مما يجعل كل خارج أو شارد عنها في اتجاه وحده، وبلا أثر، ويظل الجسم الكبير يتحرك، إن رزق العافية في الإجراءات والتوجه، وهذا ما نتمناه، فإن أحداث 11/11 أثبتت بما لا يدع مجالا للشك إلى الآن: أنه لا ثورة ولا حراك بدون القاعدة الشعبية الإخوانية.

[email protected]


التعليقات (6)
ك م
الخميس، 24-11-2022 04:35 ص
تجربة إرسال
محمد
الجمعة، 18-11-2022 12:06 م
غريب هذا المقال وغريب نشره في عربي21
الكاتب المقدام
الجمعة، 18-11-2022 04:21 ص
*** -2- ولذلك فإن المشكلات التنظيمية الحالية داخل جماعة الإخوان أو غيرها من التجمعات الوطنية هي الأقل في الأهمية، وخلافاتها هي الأسهل في إيجاد الحلول بين قياداتها إن صلحت النوايا واستقرت الأوضاع، فمع وجود عشرات الآلاف في معتقلات الانقلابيين، ومع اضطرار عشرات الآلاف غيرهم من الشخصيات السياسية والشعبية والإعلامية القيادية لنقل إقامتهم ونشاطهم لدول أخرى خارج مصر، فقد تحولت مصر بشعبها وكل مؤسساتها إلى شبه دولة، وذلك باعتراف الجنرال المنقلب بلسانه، وقد صدق في ذلك وهو الكذوب، ونتيجة لفساد وعمالة العصابة الانقلابية، فإن كل المؤشرات تدل على أننا مقبلون في الأشهر القليلة القادمة على هوة الانهيار الاقتصادي، وتفكك شبه دولة جمهورية السيسي الجديدة المزعومة، بكل مؤسساتها وقياداتها الفاشلة والمتضاربة المصالح، والمتصارعة على نهب مواردها، وحينها سيعلم ملايين المصريين الذين ستتدهور معيشتهم وتتضارب وتنهار مصالحهم، من أعضاء هوجة 30 يونيو 2013، الذين ما زالوا يصدقون أكاذيب عصابة الانقلاب ويؤيدونهم ويتعاونون معهم، أنهم لن يمكنهم الاستمرار في التعايش مع حكم الانقلاب، ولا العيش في أمن تحت قياداتهم العميلة، وستتغير بذلك موازين القوى، ويكون هناك شأن آخر للمواجهة في تلك المرحلة المصيرية في تاريخ الشعوب العربية، وليست تلك دعوة للخمول والسكون والانتظار، فثورات الربيع العربي ما زالت مستمرة وشابة وقوية وفاعلة، ومواجهة الأوضاع المتردية في مصر وغيرها أصبحت فرض عين على كل مواطن فيها، دون انتظار لأوامر قيادات تأتي من أعلى، كل في مجاله وفي حدود قدراته، وفي ميادين المواجهة المتعددة، والطريق واضح المعالم، ومواجهة الباطل ليس فرض كفاية على التنظيمات والنخبة والقيادات وحدها، والله أعلم بعباده.
الكاتب المقدام
الجمعة، 18-11-2022 04:17 ص
*** -1- جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي الحرية والعدالة، يتعرضان لنفس التهديدات المصيرية والعقبات والمشكلات التنظيمية الداخلية، التي تتعرض لها كافة الأحزاب السياسية الوطنية في مصر اليوم بكافة اتجاهاتها، ورغم ذلك فخلافات القيادات بينها ليس لها اليوم الأهمية أو الأولوية الأولى، فالشعب المصري بأسره بكل جماهيره تحت الحصار في داخل مصر، والشعب هو الجهة الأصيلة التي تملك تفويض الأحزاب السياسية، والتي تنشأ التيارات والأحزاب والجماعات السياسية من صفوف جماهيره، لتمثيله من خلال الانتخابات النزيهة، وخدمته والتعبير عنه والدفاع عن مصالحه، وطالماُ بقيت مصر تحت حكم عصابة الانقلاب العسكري، فستزداد وتتفاقم وتنحدر أوضاع مصر والمصريين لهوة دون قرار، فسلطة الانقلاب تعوق بل وتقمع إمكانية أي حياة سياسية أو حتى اقتصادية ومعيشية سليمة حقيقية لأي مواطن مصري، وهو نفس ما تتعرض له منظمات المجتمع المدني وحتى الجمعيات الخيرية، بل والشركات الاقتصادية ذاتها تتعرض للابتزاز وتحجيم وعرقلة أنشطتها والاستيلاء عليها أو حلها بدعاوى ملفقة، بل والأخطر أن التزوير الممنهج لانتخابات المجالس التشريعية قد حولها من ممثل للإرادة الشعبية إلى مجرد بوق للحكم الانقلابي لإضفاء شرعية مزورة عليه، كما أن السلطة القضائية التي كانت تتفاخر باستقلالها، لم تسلم من بغي الانقلابيين، فتحولت هي الأخرى إلى مجرد سكرتارية للانقلابيين، وصارت العدالة عمياء عن الحقيقة، تصدر الأحكام الملفقة والمزورة، ضد كل من يعارض حكم الانقلابيين الفاقد للشرعية بكل المعايير الوطنية والدولية.
زاهد صابر
الخميس، 17-11-2022 09:04 ص
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ? وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى? أَلَّا تَعْدِلُوا ? اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى? ? وَاتَّقُوا اللَّهَ ? إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) قل الحق يا شيخ بدون تدليس، ماذا حدث بالضبط وعلى ما الخلاف ؟