سياسة عربية

مصادر تكشف لـ"عربي21" أسباب تأخر إعلان حكومة السوداني

صراعات محتدمة تدور بين مكونات الإطار الشيعي بشأن وزارتي النفط والداخلية- فيسبوك
صراعات محتدمة تدور بين مكونات الإطار الشيعي بشأن وزارتي النفط والداخلية- فيسبوك

لم يتمكن رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد شياع السوداني من إعلان حكومته، السبت الماضي، رغم كل التصريحات التي صدرت من القوى السياسية، ولا سيما الإطار التنسيقي الشيعي صاحب الأغلبية البرلمانية بأن مهمة اختيار الوزراء لن تكون عملية صعبة.

لكن الخلافات داخل المكونات السياسية (شيعية، سنية، كردية) بخصوص الوزارات حالت دون إكمال مهمته، الأمر الذي فتح باب التساؤل واسعا عن مدى احتمالية تقديم رئيس السوداني اعتذاره جراء الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها للقبول بشخصيات محددة لتولي وزارات بعينها.

صراعات محتدمة

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة لـ"عربي21" عن الصراعات التي تدور بين مكونات الإطار الشيعي بشأن وزارتي النفط والداخلية تحديدا، وخلافات الكتل السنية حول وزارتي الدفاع والتخطيط، وهذا الأمر يشمل الكتل الكردية.

وأوضحت المصادر- طالبة عدم الكشف عن هويتها- أن "ائتلاف دولة القانون يسعى إلى الحصول على وزارتي الداخلية والنفط، فيما تريد منظمة بدر بقيادة هادي العامري وزارة الداخلية، وكذلك عمار الحكيم زعيم تيار الحكومة يسعى إلى إبقاء وزارة النفط من حصته رغم إعلانه عدم المشاركة بالحكومة".

وأشارت إلى أن "السنة يتصارعون على ست وزارات مخصصة للمكون، فتحالف العزم يريد نصفها مع منصب نائب رئيس الوزراء، لأن تحالف السيادة حصل على رئاسة البرلمان، لكن الأخير يريد إعطاءهم اثنتين فقط، هما الدفاع والثقافة".


ونوه إلى أن "السنة قد يحصلون على وزارة الثقافة بدلا من الشباب والرياضة، وكذلك ربما تذهب إليهم وزارة التعليم بدلا من التربية، فيما قد يحافظ الأكراد على ذات الوزارات، وهي الخارجية، والعدل، والبلديات، والبيئة في حال جرى فصلها عن وزارة الصحة".

 

اقرأ أيضا: قوى العراق تفشل بتمرير حكومة السوداني.. مفاوضات عسيرة

وذكرت المصادر أن "وضع رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني بات صعبا في حال لم تتفق الكتل الشيعية ابتداء على تقاسم الوزارات، ثم ينسحب الأمر على باقي المكونات سواء السنية منها أو الكردية، لأن عليه إكمال مهمته خلال 30 يوما".

وأفادت بأن "السوداني طلب من القوى والكتل البرلمانية منحه تفويضا بحرية اختيار مرشحي أربع وزارات اثنتان منها أمنية هي الدفاع والداخلية، واثنتان خدمية هي الصحة والكهرباء، كونه يريد أن يفي بما وعد به من تقديم حكومة خدمات، تعالج ملفي الطاقة والصحة أولا".

ولفتت إلى أن "المؤشرات الأولى تشير إلى أن عقد جلسة البرلمان لمنح الثقة لحكومة السوداني، ربما يكون الخميس المقبل في حال توصلت جميع القوى السياسية إلى اتفاقات نهائية بخصوص تقاسم الوزارات وتسمية المرشحين لشغل المناصب الوزارية".

تمرير محتمل

من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد لـ"عربي21" إن "الوقت ما زال مبكرا للتكهن في موضوع اعتذار السوداني عن تشكيل الحكومة بسبب الصراعات الدائرة حول المناصب الوزارية، رغم أن الصراعات قوية جدا داخل المكونات السياسية، وهذا ما تسبب بتأخر إعلان الحكومة".

وتوقع العابد أنه "من الصعب تمرير الحكومة في هذا الأسبوع، لأن الصراعات محتدمة وتحقيق التوافق أمر صعب جدا، ففي البيت السني هناك صراع على وزارة الدفاع داخل تحالف العزم، فهناك اثنان يسعيان للحصول عليها، هما أحمد الجبوري (أبو مازن) ووزير الدفاع السابق النائب الحالي خالد العبيدي، وكذلك يطالبان بوزارة المالية".

وأضاف الخبير العراقي أن "هؤلاء يرون أن تحالف السيادة حصل على منصب رئيس البرلمان، ففي المقابل يجب أن يكون لتحالف العزم وزارتان سياديتان، لذلك لا زال الوضع غامضا بشأن اكتمال الحكومة".

وأعرب العابد عن اعتقاده بأن "حكومة السوداني ستمرر في البرلمان بطريقة النصف زائد واحد، أي أكثر من نصف الكابينة الوزارية بواحد، كما حصل مع حكومتي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي لحين الوصول إلى اتفاقات ما بين الأطراف السياسية حول الوزارات".

ولفت الخبير العراقي إلى أن "تشكيل حكومة السوداني بنفس الطريقة والمعايير التي شكلت بها حكومة عادل عبد المهدي قد يكون مشابها للأداء نفسه، وبالتالي يكون مبررا لعودة الشارع في التظاهر مجددا".

 

اقرأ أيضا:  ما مستقبل تيار الصدر بالعراق بعد مغادرته البرلمان والحكومة؟

تحذيرات أمريكية

وبخصوص الحديث عن صراع بين الفصائل المسلحة القريبة من إيران لتولي مناصب أمنية حساسة، قال العابد إن "هناك تسابقا بين عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله للاستئثار بمنصبي مدير رئيس جهازي المخابرات والأمن الوطني مع تنازلهما عن الوزارات المخصصة لهما".

وشدد العابد على أنه "إذا جرى تسليم هذين المنصبين للفصيلين، فإن حكومة السوداني باعتقادي قد لن تنال الشرعية الدولية، وأنها قد تكون حكومة هشة وآيلة للسقوط، وهنا لا ننسى التحذيرات التي وجهتها السفيرة الأمريكية في بغداد آلينا رومانوسكي حينما التقت السوداني الأسبوع الماضي".

وأوضح أن "سفيرة واشنطن حذرت السوداني من أنه إذا كانت حكومته لا تسحب السلاح المنفلت ولا تحاسب الفساد فإنها ستلقى نفس مصير حكومة عادل عبد المهدي، وهذا تهديد صريح، مما يعني أن حكومة السوداني ستكون تحت أنظار الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. بالتالي صعب جدا تسليم مثل هذه المناصب الأمنية إلى فصائل مسلحة".

وأكد العابد أن "هناك صراعا آخر كان داخل الإطار التنسيقي الشيعي على وزارة الداخلية، وتحديدا بين نوري المالكي وهادي العامري، وأيضا يوجد صراع آخر على وزارة النفط بين عمار الحكيم ونوري المالكي".

وتابع: "لكن منظمة بدر بزعامة العامري انسحبت من الصراع على وزارة الداخلية، وربما يكون ذلك لحسابات مستقبلية هو أن هذه الحكومة قد تتجه للاصطدام مع التيار الصدري، وبالتالي استبقت بدر هذه الأحداث وسحبت نفسها من الصراع على هذه المناصب".

"الحكومة ناضجة"

وفي المقابل، قال المحلل السياسي القريب من الإطار التنسيقي عائد الهلالي لـ"عربي21" إن "التصويت على الحكومة ربما لن يتجاوز الأسبوع الحالي وإن لم تكن مكتملة بجميع وزرائها، فإن الإعلان عنها سيكون بنحو 15 وزارة وتؤجل البقية لحين اكتمال التفاهمات مع القوى السياسية".

وأشار الهلالي إلى أن "الخلاف على الوزارات خرج من البيت الشيعي، بعدما كانت منحصرة تقريبا في وزارتي النفط والداخلية، لكن اليوم جرى حسم الأولى لصالح كتلة سياسية في الإطار التنسيقي، وأن الثانية صار الاتفاق عليها شبه مكتمل".

وأضاف أن "النزاعات على الوزارات حاليا بقيت داخل البيتين السني والكردي، فالسنة لديهم 6 وزارات منها اثنتان سيادية هما الدفاع والتخطيط، ويجري عليها تنافس بين تحالفي السيادة والعزم".

وأردف الهلالي: "أما الصراع داخل البيت الكردي، فإن الحزبين الكرديين (الديمقراطي، الاتحاد الوطني) الطرفين يؤكدان أنهما لا يبنيان ترشيح رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، وبالتالي الطرفان يريدان الوزارات المخصصة للمكون الكردي".

واستبعد الهلالي أن "يعطى تفويض للسوداني في تسمية وزراء الداخلية والدفاع والصحة والكهرباء بناء على طلبه، لأن المكونات لن تفرط بوزاراتها، بعيدا عما يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام، لأن العملية لا تزال تجري وفقا للمحاصصة".

وأوضح أنه "بعد إلغاء مناصب نواب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، أصبح لدينا خلل في ملء المناصب من جميع الكتل السياسية، وهذا أمر صعب جدا حاليا كون أن لدينا اليوم لدينا 22 وزارة فقط، لذلك التنافس شديد بين الكتل السياسية".

وخلص الهلالي إلى أن "الأمور نضجت بشكل جيد جدا، وأن رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني ماض في إعلان حكومته خلال الأيام القليلة المقبلة، ولا تواجهه مشكلة في ذلك حتى الآن".

وبخصوص بيع وشراء الوزارات التي دأبت عليها الحكومات العراقية السابقة، كشف السياسي المستقل محمود الحياني، الجمعة، عن بلوغ سعر الوزارة السيادية 75 مليون دولار بينما سعر الوزارات الخدمية أقل من ذلك في خضم الخلافات القائمة حول حصص الوزارات في كابينة المكلف السوداني.

 

التعليقات (2)
اسامة
الأربعاء، 26-10-2022 05:49 ص
الحل في طهران .. فالعراق لم يعد دولة .. وهؤلاء كمبارس ينفذون تعليمات ايران .. فمال الشعب العراقي يجد طريقه بسهولة الى ايران بواسطة هؤلاء الخونة الذين باعوا ارضهم وتجردوا من كل انتماء .. العراق لم يعد دولة .. فمن مكونات الدولة حسب قوانين الامم المتحدة انتكون مستقلة تماما وبها برلمان مستقل ومنتخب وقضاء مستقل وخزانة مستقلة تصون اموال العراق وكذلك اعلام حر لفضح المرتزقة ..
نبيل
الأربعاء، 26-10-2022 12:19 ص
من الطبيعي جدا أن يتصارعون بل ويتقاتلون فهم قد جاء بهم المحتل الأول والثاني خدمة لمصالح المحتلين ثم المصالح الشخصية لهؤلاء الذيول والعملاء. فعندما تتقاطع المصالح لرؤوس الفساد تظهر خلافاتهم ويضرب المذهب كما يدعون والوطن عرض الحائط. وهكذا هو خال السراق منذ الأزل.