أوصت
دراسة استراتيجية الدبلوماسية
الفلسطينية المقاومة بأن تولي العلاقة مع القوى التحررية الأفريقية اهتماماً أكبر، خصوصاً أن هناك قاعدة مجتمعية أفريقية مهيأة للتعاون مع الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية والشعبية. كما أنها أوصتها بأن تعمل على التشاور الدائم مع الدبلوماسية العربية والأفريقية الرافضة للتطبيع، وخصوصاً الدبلوماسية الجزائرية ذات الخبرة الواسعة والعميقة في الشأن الأفريقي.
ودعت الدراسة الصادرة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان "التغلغل الأمني الإسرائيلي في
أفريقيا جنوب الصحراء" وهي من إعداد الدكتور وليد عبد الحي، الخبير في الدراسات المستقبلية، إلى التنسيق بين أطراف قوى محور المقاومة لمحاصرة النشاط الإسرائيلي في أفريقيا، خصوصاً أن هناك قنوات عربية شعبية كثيرة يمكنها أن تساند نشاطات المحور.
ودعت الدراسة، التي أرسلت نسخة منها إلى
"عربي21"، لإيلاء موضوع التغلغل الأمني الإسرائيلي في أفريقيا أهمية أكبر في الأدبيات السياسية والإعلامية الفلسطينية.
وأشارت الدراسة إلى أن رئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع يولي أهميةً كبيرة للقارة الأفريقية، ويعمل على تعميق نشاطات جهازه في مختلف الدول الأفريقية، خصوصاً أنه كان مسؤولاً عن القسم الخاص بتجنيد العملاء لصالح الموساد في مختلف مناطق العالم، ما يعني أن تجنيد العملاء في القارة الأفريقية سيتزايد بشكل كبير خلال المستقبل القريب. وأشار الباحث إلى أن دراسة أكاديمية إسرائيلية اقترحت ما نصّه حرفياً أنه "يجب على إسرائيل تدريب المهاجرين الأفارقة لها وإعادتهم إلى دولهم الأفريقية ليعملوا على تشكيل شبكات تجسس محلية داخل الدول الأفريقية".
ونقلت الدراسة عن زويلفيليل مانديلا، أحد أحفاد الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، حديثه عن طرق التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية؛ وذلك من خلال تزويد الأنظمة الديكتاتورية في أفريقيا بأدوات التجسس، وتزويد حركات التمرد الانفصالية بالأسلحة تحت غطاء الأدوات الزراعية، ومن خلال تغذية الحروب الأهلية بهدف اختراق المجتمعات الأفريقية، وقدَّم أمثلة على ذلك في أحداث: رواندا، وجنوب السودان، والكاميرون، وأوغندا، وتوغو، وغينيا الاستوائية.
ورأى الباحث أن هذه النشاطات تتعزَّز بما انكشف عن التجسس السيبراني، خصوصاً نشاطات برامج بيغاسوس الإسرائيلية، كما جرى مع الرئيس الجنوب الأفريقي سيريل رامافوزا منذ سنة 2019، حيث يمكن لهذا البرنامج الذي طورته شركة أن أس أو الإسرائيلية الخاصة، قراءة الرسائل والاستماع وحتى تسجيل المكالمات، وكذلك التقاط الصور عن بعد، وفق ما أكدته تقارير منظمة العفو الدولية.
ونقلت الدراسة عن تقرير صدر في سنة 2020، أن سبع دول أفريقية تستخدم أدوات التجسس السيبراني الإسرائيلية للتجسس على المكالمات والرسائل النصية ومواقع هواتف الشخصيات المتنفذة في مختلف القطاعات. ونقلت الدراسة أيضاً عن تقارير الصحافة الأفريقية توظيف الموساد لبرامج بيغاسوس للتأثير على الانتخابات الأفريقية، كما تبين في كل من: بوتسوانا سنة 2014، وغانا في 2016 و2020، ومالاوي سنة 2020، إلى جانب دول أخرى مثل زيمبابوي وزامبيا والسنغال وأنغولا والنيجر.
وخلصت الدراسة إلى أن العلاقة الأمنية الإسرائيلية-الأفريقية تعلو في الحساب الاستراتيجي الإسرائيلي على
العلاقات الاقتصادية والسياسية، وتمثّل عمليات التجسس واختراق النخب والمؤسسات الأفريقية أبرز عمليات النشاط الأمني الإسرائيلي في أفريقيا. وأن الشركات الإسرائيلية العاملة في مجالات الطيران أو الزراعة أو التعدين أو المياه…إلخ، هي شركات مرتبطة بشكل وثيق بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية وتؤدي وظائف مهمة في هذا المجال، ما يجعل منها غطاءً للنشاط التجسسي.