قضايا وآراء

هل "الاختيار" لأجل الإعدام والقتل؟

محمود جابر
1300x600
1300x600

هكذا يبدو مسلسل الاختيار بوابة تنفيذ الإعدام، ومن خلاله يتقبل الناس تنفيذ أحكام الإعدام دون غضب، دون تعاطف، ودون احتجاج، دون مراعاة للإنسانية، والمناسبات الدينية، ودون اكتراث بقرارات الهيئات والمنظمات المعنية بحماية حقوق الإنسان، التي طلبت وأوصت بوقف تنفيذ الإعدام في القضايا السياسية.

في رمضان الماضي وبالتحديد في ١٤رمضان ١٤٤٢هـ، ٢٦/٠٤/٢٠٢١ بالتزامن مع عرض النسخة الثانية من مسلسل الاختيار، قامت السلطة المصرية بتنفيذ حكم إعدام ١٧مواطنًا مصريًا، وهي قضية أحداث كرداسة، التي تعرضت لها أحداث مسلسل الاختيار٢، كأنَّ غاية الاختيار التمهيد والتهيئة لقبول تنفيذ الإعدام بحق مواطنين بغض النظر عن تحقق العدالة في محاكمتهم من عدمها، وبالتغافل عن الأبرياء الذين قتلوا دون تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم.

لا تكرروا مأساة العام الماضي، وكل الأعوام التي مضت، وكفى قتلا، واعتداء على الحق في الحياة.

أوقفوا تنفيذ الإعدام ريثما يتم الفصل في الشكاوى المنظورة أمام الهيئات الدولية والإقليمية ـ فهناك اللجنة الإفريقية تحقق في شكوى ضحايا الإعدام في قضية فض اعتصام رابعة، وقضية أتوبيس رشيد، وغيرها من القضايا.

ثمانية أعوام تدور فيها رحى الإعدام في مصر بلا توقف

ثمانية أعوام مرت في مصر، وحبل المشنقة ما زالت دماء ضحايا الإعدام التعسفي عالقة به لم تجف.

١٠٥ ضحايا تم إعدامهم، حوكموا في قضايا ذات طابعٍ سياسي، في محاكمات وصفت دائمًا بغير العادلة، وهناك رهن الإعدام ٦٩ إنسانًا صادرة بحقهم أحكام نهائية باتة، قد يتم إعدامهم في أي وقت فور تصديق رئيس الجمهورية على الأحكام، في غضون ١٤ يوما من هذا التصديق.

مصر قد تصدرت العالم في عام 2015، صُنفت في المركز الأول عالميًا في إصدار أحكام الإعدام ـ حسب منظمة العفو الدولية في تقريرٍ لها صدر في بداية عام 2016، واستمر مسلسل إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في مصر بشكلٍ ممنهج وواسع الانتشار حتى تم تصنيفها في المركز الثالث عالميًا في عام 2020، من بين خمس دول الأكثر تنفيذًا لأحكام الإعدام، من قِبل التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام.

فعقوبة الإعدام المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري، معلومٌ أنها تُشكل تهديدًا للحق في الحياة المنصوص على ضرورة احترامه في المواثيق الدولية، وذلك بسبب توسع المُشرع المصري في النص على العقوبة في جرائم قد تتعدى الثلاثين نصًا.

 

١٠٥ ضحايا تم إعدامهم، حوكموا في قضايا ذات طابعٍ سياسي، في محاكمات وصفت دائمًا بغير العادلة، وهناك رهن الإعدام ٦٩ إنسانًا صادرة بحقهم أحكام نهائية باتة، قد يتم إعدامهم في أي وقت فور تصديق رئيس الجمهورية على الأحكام، في غضون ١٤ يوما من هذا التصديق.

 



وبسبب حالات الاضطراب السياسية داخل مصر عقب ثورة يناير 2011 ـ الأمر الذي أدى إلى إساءة استعمال العقوبة، والإسهاب في القضاء بها، وتنفيذ الأحكام رُغم الانتقادات الدولية، وصدورها بمخالفة ضمانات المحاكمات العادلة.

ولعل من أبرز الضمانات المفتقدة في أحكام الإعدام في مصر هي:

1 ـ الحرمان من المحاكمة أمام القاضي الطبيعي المستقل ومخالفة الدستور المصري لسنة 2014، في المادة 97 على "ألا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، وأن المحاكم الاستثنائية محظورة."

إلا أن أحكام الإعدام تصدر من محاكم استثنائية ـ غير مختصة يطلق عليها "دوائر الإرهاب" المُشَّكلَة بالمخالفة للدستور المصري وقانون السلطة القضائية، أو محاكم عسكرية تحاكم مدنيين، أو محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، أحكامها نهائية باتة واجبة النفاذ لا تقبل الطعن عليها.

2 ـ استناد الأحكام على محاضر تحريات ضباط الأمن الوطني التابعين لوزارة الداخلية، في الوقت الذي لا يجوز فرض عقوبة الإعدام، إلا حينما يكون ذنب الشخص المتهم قائمًا على دليلٍ واضحٍ ومُقنعٍ لا يدع مجالًا لأي تفسير بديلًا للوقائع.

3 ـ الإكراه على الاعتراف بطريق التعذيب البدني والمعنوي، بالمخالفة لما جاء في نصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، " ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب".

4 ـ الحرمان من حق حضور محام أثناء التحقيقات أمام النيابة العامة.

5 ـ الإخلال بحق الدفاع عن المتهمين في كثير من القضايا، بعدم تمكينهم من تقديم شهود نفي لكل الاتهامات الموجهة إلى المتهم مع الاكتفاء بشهادة شهود الإثبات فقط، وهم غالبيتهم تابعون للسلطة، وعدم الاستجابة لطلبات الدفاع فيما يتعلق بالأدلة الفنية وطلب ندب الخبراء المختصين.

بالإضافة إلى عدم تمكين الدفاع من طلب التماس إعادة نظر القضايا المحكوم فيها بالإعدام على مدنيين أمام القضاء العسكري، أو محاكم أمن الدولة طوارئ.

وكثيرًا ما تُعلن الحكومة المصرية في المحافل الدولية أنها تلتزم بضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في الدستور وفي القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو الأمر الذي لا يعدو كونه كلاما لا وجود له على أرض الواقع، فإن تطبيق معايير وضمانات المحاكمة العادلة يلزمه بالضرورة وجود سلطة قضائية نزيهة ومستقلة، والواقع في القضاء المصري عكس ذلك تمامًا، خاصة عند محاكمة المعارضين السياسيين.

أقول لا للإعدام التعسفي ـ لأجل الحق في الحياة، الذي ورد في المادة 6/1 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية "الحق فـي الحياة حقٌ مُـلازمٌ لكل إنسـان، وعلــى القانـون أن يحمي هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا".

يا شعوب العالم كونوا ضد الإعدام، وضد تنفيذ أحكام الإعدام في مصر في القضايا السياسية.

ولأجل ذلك نحن بحاجة إلى تحقيق التالي:

ـ العمل على وقف وتعليق عقوبة الإعدام في مصر، تمهيدًا لإلغاء تطبيقها.
ـ وقف تنفيذ الأحكام النهائية الباتة الصادرة في القضايا السياسية بصفة خاصة، واستبدال عقوبة بديلة بها.
ـ ضرورة تصديق الحكومة المصرية على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بهدف العمل على إلغاء عقوبة الإعدام.
ـ تفعيل حق الفرد في المثول أمام قاضيه الطبيعي.
ـ وقف إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري أو الاستثنائي.
ـ فتح حوار مجتمعي شامل، حول جدوى وضرورة عقوبة الإعدام، من نواحيه القانونية والمجتمعية والشرعية.

#أوقفوا_الإعدامات


التعليقات (1)
ام سعد
الثلاثاء، 19-04-2022 10:42 م
حسبي الله ونعم الوكيل في الظالمين واعوانهم..اللهم ارنا عجائب قدرتك فيهم