آراء ثقافية

فرقة إسلامية غزت الصين بعرض مسرحي

آراء ثقافية
آراء ثقافية

قرأت مقالات عدة عن "الظواهر المسرحية عند العرب" وهو اسم كتاب لعلي عقلة عرسان، في محاولة مستميتة من الكتاب لتأصيل المسرح، وهو فن غربي خالص، فذكروا المنائح والمنادب والمآتم، ونقّبوا في بطون الكتب، فذكروا الأسواق الأدبية، ووجدوا القصاص ابن المغازلي في القرن الثالث الهجري الذي كان يقلد الخلفاء، وذكروا الحكواتي، وهو ممثل وحيد، وفي ملّتي واعتقادي أنّ المسرح فن غربي محض، وأن فنّ العرب هو الكلام، بل إنّ الممثل العربي هو الخطيب، يمثل بلسانه وقوله على المنبر، إذا جاز القول، كان يأنف من التمثيل بيده، وأجد المذيعين يحرصون على تجنب التمثيل بأيديهم ويتحاشون "لغة الجسد"، وروي أن المنصور ألحّت عليه ذبابة فأنف أن يردها بيده حتى لا يفسد عرض الكلام، حتى لجّت عليه فطردها، وشهيرة قصة الجاحظ عن القاضي سوار بن عبد الله، الذي ألحت عليه الذبابة، فجسدُ العربي جسد وقور، وإنما لسانه من يقوم بالحركة والتمثيل، فالخطاب هو خطاب العقل والإفهام لا خطاب العين والحواس، ويردّ الباحثون أصل المسرح إلى الرقصات حول الأصنام، ولا تعدم التاريخ العربي ومروياته مسرحيات، منها هذه المسرحية البديعة التي يرويها ابن جرير الطبري طيب الله ثراه، والذي خلب ألباب ملوك الصين. ويشبه فلم أمريكي وسترن معاصر، عنوانه الأصدقاء الثلاثة، تروي قصة فرقة مسرحية استطاعت دحر عصابة بعروضها المضحكة، ومن الفلم أُخذ فلم "حياة حشرة" الكرتوني.

قال الطبري في كتابه "تاريخ الأمم والملوك":

وغل قتيبة حتى قرب من الصين قال: فكتب إليه ملك الصين أن ابعث إلينا رجلًا من أشراف من معكم يخبرنا عنكم، ونسائله عن دينكم، فانتخب قتيبة من عسكره اثني عشر رجلًا- وقال بعضهم: عشرة- من أفناء القبائل (الأفناء الأخلاط والجماعة، إذا لم يعلم من هم) لهم جمالٌ وأجسام وألسنٌ وشعورٌ وبأس، بعدما سأل عنهم فوجدهم من صالح من هم منه، فكلمهم قتيبة، وفاطنهم (اختبرهم) فرأى عقولًا وجمالًا، فأمر لهم بعدّة حسنة من السلاح والمتاع الجيد من الخزّ والوشي واللين من البياض، والرقيق والنعال والعطر، وحمّلهم على خيول مطهمة (الحسنة التامة) تقاد معهم، ودواب يركبونها قال: وكان هبيرة بن المشمرج الكلابي مفوّها بسيط اللسان، فقال: يا هبيرة، كيف أنت صانع؟ قال: أصلح الله الأمير! قد كفيت الأدب، وقل ما شئت أقله وآخذ به، قال: سيروا على بركة الله، (لم يكلفهم بنص يلزموا به) وبالله التوفيق، لا تضعوا العمائم عنكم حتى تقدموا البلاد (العمائم تيجان العرب)، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت ألا أنصرف حتى أطأ بلادهم (بالجزمة)، وأختم ملوكهم (أذلّهم)، وأجبي خراجهم.

الفصل الأول من مسرحية الحياة عند المسلمين:

قال: فساروا، وعليهم هبيرة بن المشمرج، فلما قدموا، أرسل إليهم ملك الصين يدعوهم، فدخلوا الحمام، ثم خرجوا، فلبسوا ثيابًا بياضًا تحتها الغلائل (شعارٌ تحت الثوب)، ثم مسوا الغالية (الطيب)، وتدخنوا (بالبخور) ولبسوا النعال والأردية (الفاخرة)، ودخلوا عليه وعنده عظماء أهل مملكته، فجلسوا، فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه، فنهضوا، فقال الملك لمن حضره: كيف رأيتم هؤلاء؟ قالوا: رأينا قومًا ما هم إلا نساء، ما بقي منا أحد حين رآهم ووجد رائحتهم إلا انتشر ما عنده (أيقظ العطر عندهم الشهوة الجنسية).

الفصل الثاني:


قال: فلما كان الغد أرسل إليهم، فلبسوا الوشي وعمائم الخزّ والمطارف، وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم: ارجعوا، فقال لأصحابه: كيف رأيتم هذه الهيئة؟ قالوا: هذه الهيئة أشبه بهيئة الرجال من تلك الأولى، وهم أولئك.

الفصل الثالث:

فلما كان اليوم الثالث: أرسل إليهم، فشدّوا عليهم سلاحهم، ولبسوا البيض والمغافر (الخوذ)، وتقلدوا السيوف، وأخذوا الرماح، وتنكبوا القسي، وركبوا خيولهم، وغدوا، فنظر إليهم صاحب الصين، فرأى أمثال الجبال مقبلة، فلما دنوا ركزوا رماحهم، ثم أقبلوا نحوهم مشمّرين، فقيل لهم قبل أن يدخلوا: ارجعوا، لما دخل قلوبهم من خوفهم.


قال: فانصرفوا، فركبوا خيولهم، واختلجوا رماحهم، ثم دفعوا خيولهم كأنهم يتطاردون بها، فقال الملك لأصحابه: كيف ترونهم؟ قالوا: ما رأينا مثل هؤلاء قط، فلما أمسى أرسل إليهم الملك، أن ابعثوا إليَّ زعيمكم وأفضلكم رجلًا، فبعثوا إليه هبيرة، فقال له حين دخل عليه: قد رأيتم عظيم ملكي، وإنه ليس أحد يمنعكم مني، وأنتم في بلادي، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم.

قال: سَلْ
قال: لمَ صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث؟

قال: أما زيّنا الأول، فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم، وأما يومنا الثاني: فإذا أتينا أمراءنا، وأما اليوم الثالث: فزيّنا لعدوّنا، فإذا هاجنا هيجٌ وفزعٌ كنا هكذا.

قال: ما أحسن ما دبرتم دهركم! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له: ينصرف، فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه.

قال له: كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون! وكيف يكون حريصًا من خلف الدنيا قادرًا عليها وغزاك! وأما تخويفك إيانا بالقتل، فإن لنا آجالًا إذا حضرت فأكرمها القتل، فلسنا نكرهه ولا نخافه.

قال: فما الذي يرضي صاحبك؟
قال: إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم، ويختم ملوككم، ويعطى الجزية.

قال: فإنا نخرجه من يمينه، نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم، ونبعث إليه بجزية يرضاها، قال: فدعا بصحاف من ذهب فيها تراب، وبعث بحرير وذهب، وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم، فساروا، فقدموا بما بعث به، فقبل قتيبة الجزية، وختم الغلمة وردهم، ووطئ التراب، فقال سوادة بن عبد الله السلولي:

لا عيب في الوفد الذين بعثتهم ... للصين أن سلكوا طريق المنهج
كسروا الجفون على القذى خوف الردى ... حاشا الكريم هبيرة بن مشمرج

نعود إلى المسرح:

قال النبي عليه الصلاة والسلام عن مشية أبي دجانة المتبخترة في الحرب: تلك مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع، وكنت أرغب في ذكر "مسرحية" في صدر النبوة لولا مخافة سوء الظن، وجهل الجاهلين، وقد راع مطعم بن عدي ما رآه، في صلح الحديبية. نؤجلها لمقال آخر.

يقول أحمد ديدات خطيبًا في وفد من البيض الغربيين عن هيئة الصلاة في الإسلام: المتسول عندما يتسول فإنه يتذلل، ويمد يده متضرعًا توسلًا للصدقة، وكذلك المصلّي يفعل، متسولًا ربه، متخشعًا.

الحج كمشهد "مسرحي"، يلبس فيها المسلم كفنه، مضطبعا، لينظر إلى نفسه عاريًا من زينته ودنياه لكنه هنا في حالة عبادة وتضرع، غير أن المسرح والتمثيل بمعناه.. فن وافد وليس فنًا عربيًا.

 

التعليقات (2)
نسيت إسمي
الخميس، 14-04-2022 08:06 م
'' كيف غيَّر بروس لي '' جاء بروس لي من عائلة ترفيهية. كان والده ، مغني الأوبرا الكانتونية الشهير ، ووالدته التي كانت تعمل بالخياطة وخزانة الملابس. 1 ـ فيلم ذا كيد (1950) حصل لي على دور البطولة الأول مع فيلمه الرابع ، مرة أخرى عن طفل شوارع قاسي بقلب من الذهب. في سن العاشرة فقط ، يُظهر لي مجموعة من المشاعر والكاريزما الخام. في أحد المشاهد ، يقلد أستاذه بروح الدعابة. في فيلم آخر ، ينفخ نفسه بشجاعة مغرورة من خلال رمي كتفيه للخلف وإبهام أنفه في وجه الخصم إحدى حركات توقيعه كممثل بالغ. حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر وتم التخطيط لتكملة ربما حولت لي إلى ماكولي كولكين من هونج كونج ، لكن والده رفض السماح له بتكرار الدور. كان لي يسبب مشاكل في المدرسة ويخوض معارك في الشوارع ، لذلك وضع والديه له وقتًا مستقطعًا في عرض الأعمال حتى يتحسن سلوكه. (لم يحدث ذلك ، لكنهم سمحوا له في النهاية بمواصلة التمثيل على أي حال). 2 ـ فيلم ذا غايدنغ لايت (1953) في الميلودراما هذه تحرك الأحداث ، يتبنى طبيب وزوجته طفلًا متبنيًا يديران دارًا للأيتام للفتيات المكفوفات. عندما كبرت شخصية لي ، اكتشف علاجًا للعمى. ينتهي الفيلم بنداء مباشر إلى الكاميرا: "كل طفل يمكن أن يكون مثله تمامًا. الأطفال المعوقون الفقراء ينتظرون حبك ، من أجل التعليم والرعاية ". بحلول هذه المرحلة من حياته المهنية ، كان لي قد أتقن الدور اليتيم ، وغرس أدائه بدمية ثقيلة من الشفقة. 3 ـ فيلم ان أورفان تراجيدي فيلم بروس لي الدرامي هذا في هونج كونج عام 1955 رائع ، هنا يلعب لي دور يتيم سعيد ، وإن كان ذلك لفترة وجيزة تتعطل حياته الريفية المثالية من قبل مجرم هارب يتضح أنه والده البيولوجي. المشاهد التي حوصر فيها لي في كوخ مع هذا الرجل اليائس والعنيف هي أفضل ما في الفيلم ، لأنه من الممتع مشاهدة بروس لي البالغ من العمر 15 عامًا وهو يحاول أن يلعب دورًا ضعيفًا. 4 فيلم الحب 1 و 2 (1955) تدور أحداث هذه الميلودراما المكونة من جزأين على متن سفينة بخارية في ست حلقات تتناول ستة جوانب مختلفة من الحب. في القصة الخامسة ، يلعب لي دور الابن الأصغر في عائلة من فناني الشوارع المتعثرين. يسمح الفلاش باك لأب وابنه أثناء أدائه أمام حشد من الناس ، بروس لي ، وهو لديه روح قوية في القلب ، بعرض موهبته في الظهور. إنه ساحر تمامًا و أحد أفضل المشاهد في مسيرة لي المهنية. 5 ـ كيف غيَّر بروس لي .. عُرف عالمياً بملك الأفلام القتالية بعد تصويره الفيلم القتالي الأول في هوليوود .. توفي صغيراً و سنه لم يتجاوز الثانية و الثلاثين ، تلك السنوات القليلة صنع فيها بروس لي لنفسه صيتاً عرفه الكبير و الصغير ، كرائد الأفلام الفنون القتالية صيتاً لم يصنعه أحد قبله أو بعده . بروس لي : نجح في حياته الدنيا لأن الله أراده أن يكون كذلك و هو عمل الأسباب " قوة الإرادة و العزيمة و الصبر و الحكمة و العلم و الثقة " كل هذه الأمور تقربك من النجاح أما ضمان النجاح فهو بيد الله .