هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتبر
عدد من الخبراء الخطوات الأخيرة التي اتخذتها إثيوبيا بشأن سد النهضة، من فتح بعض
البوابات، وتجفيف الممر الأوسط، تحركا خطيرا، ويضع دول المصب في مأزق حقيقي؛ نظرا
لقصر المدة المتاحة للوصول إلى حل للأزمة، حيث سينتهي الأمر مع فيضان يوليو القادم.
وأكد
الخبراء على أن الأمور باتت صعبة للغاية على القاهرة والخرطوم، خاصة إذا لم يتم اتخاذ
إجراء ما، سواء سياسيا أو عسكريا، موضحين أنه حتى لو كان استكمال لملء ثان، فإن
الخطورة لا تزال قائمة؛ نظرا لصعوبة أو استحالة الإجراء العسكري وقتها.
ومؤخرا، أعلنت إثيوبيا استعدادها للملء الثالث من خلال تجفيف الممر الأوسط واستكمال البناء،
والوصول للارتفاع المطلوب لمنسوب المياه المطلوب للملء المناسب، لتشغيل باقي
التوربينات لتوليد الكهرباء خلال الشهور القادمة.
وفتحت
إثيوبيا بوابتي التصريف العلويتين في سد النهضة عند مستوى 560
مترا، وهو ما اعتبره الخبراء أولى خطوات التخزين
الثالث بعد أن عجزت التوربينات عن عمل ذلك، حيث تتوقف كمية التخزين الثالث على مدى
رفع جانبي السد وليس الممر الأوسط فقط، والذي ينخفض حاليا بمقدار 14 مترا عن
الجانبين، ويجب ألا يقل عن ذلك حتى يستطيع إمرار كامل الفيضان في أغسطس المقبل، وإلا
سوف يدمر الفيضان محطتي الكهرباء خلف جانبي السد.
استحالة
الحل العسكري
وقال
خبير السدود محمد حافظ، إن ما تم الإعلان عنه لا يمكن اعتباره ملئا ثالثا، بل هو استكمال
الملء الثاني الذي بدأ العام الماضي، خاصة أن هناك صعوبة شديدة في ملء ثالث هذا
العام؛ لاحتياجه إلى حجز قرابة 11.0 مليار متر مكعب إضافية.
ورأى
في حديث لـ"عربي21" أن نجاح إثيوبيا في تحقيق ما فشلت فيه العام الماضي
سيكون إنجازا حقيقيا، حيث سيتم حجز قرابة 10.5 مليار متر مكعب من الفيضان القادم، لكنه
توقع أن الخصم لن يكون فقط 10.5 مليار متر مكعب، بل سيزيد بقرابة 5.0 مليار متر
مكعب إضافية.
وأوضح
أن استكمال الملء الثاني، ووصول المنسوب لـ595، يعني ضمنيا وصول المخزون لقرابة 19
مليار متر مكعب، منها قرابة 14 مليارا أمام السد الخرساني و5 مليارات متر مكعب أمام سد
السرج، ما يعني انتهاء فاعلية الحل العسكري المصري لسد النهضة، في ظل استحالة
المساس بالسد الخرساني ولا بالسد الركامي (السرج)
اقرأ أيضا: خبراء: توليد إثيوبيا للكهرباء من سد النهضة مأزق جديد لمصر
المحكمة
الأفريقية هي الحل
واتفق
خبير العلاقات الدولية، سيد أبو الخير، أن الملء الثاني يجعل السد واقعا، ويصبح
الحسم أو التعامل العسكري مخاطرة كبيرة، بل يكاد يكون مستحيلا، مشيرا إلى قيام الإمارات
الآن بدور الوساطة بين الدول الثلاث؛ مصر والسودان وإثيوبيا.
وبين
في حديث مع "عربي21" أن الوساطة الإماراتية ستنتهي بمنح مصر والسودان
حزمة من المساعدات المالية؛ حتى يتم غض الطرف عن الملء الثاني، مؤكدا أن التعامل
العسكري بعد انتهاء عملية الملء سيكون مستحيلا وانتحارا لكل من القاهرة والخرطوم.
وحول
وجود فرصة لتصحيح الأوضاع، رأى خبير العلاقات الدولية أن المشكلة الأساسية تتمثل
بعدم توافر الرغبة لدى القيادة في مصر والسودان لحسم الموضوع لصالحهما، كما اتهم الدولتين
بالتآمر فيما أسماه جريمة الخيانة العظمى ضد شعب وادي النيل.
وأضاف:
"لأن بعدها يكون الأمر واقعا، وسوف تخضع كل من مصر والسودان لهذا الواقع الذي
تسببتا فيه، متسائلا عن مصير سلطة البلدين حال حدوث ذلك.
ودعا
إلى اللجوء للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لإصدار حكم ملزم بوقف الملء
الثاني، لكن المشكلة أن مصر والسودان قد وافقتا على جدول الملء بكافة مراحله بواشنطن
في شباط/ فبراير سنة 2020، لافتا إلى أن مصر والسودان لن تفعلا أي شيء لمنع وقوع الكارثة،
لأن القيادتين متورطتان وشريكتان في المؤامرة ضد بلديهما.
الحلول
الخشنة باتت مطروحة الآن
بدوره، قال مدير مركز تكامل مصر للدراسات، مصطفي
خضري، إن البدائل المتاحة أصبحت أمام دول المصب، خاصة مصر، معتبرا أن النظام المصري
لم يرضخ للأمر الواقع، فالسد الإثيوبي سيؤثر على كافة قطاعات المجتمع وليس
المواطنين قليلي الحيلة فقط، وبالتالي فهناك أصحاب مصالح سيتأثرون من استمرار
تنفيذ مشروع السد، مثل الجهات السيادية ومجموعات الضغط من رجال الأعمال والمستثمرين
الأجانب، وهؤلاء سيسعون في الضغط على النظام لإيجاد حل لهذه المشكلة.
وأضاف
في حديثه لـ"عربي 21": "ما دام الملء الثالث لم يتم، فما زالت الفرص
المتاحة كثيرة، فالأمر لا يحتاج إلّا قرارا سياسيا، وأعتقد أن ما يعطل صدور مثل هذا
القرار هو تورط السيسي في توقيع اتفاق المبادئ، فهذا الاتفاق هو الذي وفر الغطاء
القانوني للتمويل اللازم للسد من قبل البنك الدولي والشركاء المساهمين في المشروع،
وأعتقد أن السيسي يخشى من المضي قدما في أي حل خشن؛ خوفا من افتضاح بنود سرية قد
تكون موجودة في هذا الاتفاق.
ورأى
أن التفاوض انتهى، وليس أمام مصر إلا الحلول الخشنة، فإما ضربة عسكرية محدودة
ومركزة تعطل السد وتوقف العمل به، وإما عملية مخابراتية تدمر قدرة السد على
التخزين وتوليد الكهرباء.
واعتبر
أن الظروف الدولية باتت مناسبة لتنفيذ مثل تلك العمليات، فالحرب الدائرة بين الروس، ومن ورائها الصين، وبين أمريكا وأوروبا، توفر لمصر غطاءً مناسبا لتنفيذ أي عمل عسكري، دون الخوف من ردود فعل دولية.