دعا الرئيس
المصري
عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام المنتدى والمعرض الثالث للصناعة في مصر إلى تعزيز
استخدام المكونات المحلية في
الصناعة، باعتبار ذلك نجاحا للصناعة المصرية، ويدعم
الاقتصاد
الوطني ويقلل من الاعتماد على الواردات.
وهذا الكلام في ظاهره
يمثل أمرا هاما لأي دولة، فقوة الدولة الاقتصادية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتصنيع لا
سيما الصناعة التحويلية، واستخدام الدولة مواردها الطبيعية في تعزيز التصنيع الذي يلبي
حاجة الداخل، ويعزز الصادرات للخارج.
إن الاعتماد على المكونات
المحلية في التصنيع تتعدد منافعه للدولة، فهو يسهم في الحد من الواردات، ويحفز الصناعة
الوطنية، ومن ثم دعم الشركات المحلية، فضلا عن توفيره فرص عمل والحد من مشكلة البطالة،
إضافة إلى تنمية الصادرات، وهو ما يصب في نهاية المطاف في أمر مهم ومطلوب وهو الحد
من استنزاف العملة الصعبة المستخدمة في استيراد المواد الخام أو المنتجات الوسيطة،
وزيادتها من جانب آخر من خلال زيادة الصادرات.
الحكومة نفضت يدها من الصناعات المهمة واتجهت إلى الخصخصة للمشروعات الناجحة، ومع ذلك فإن الصناعة المصرية بصفة عامة تعتمد اعتمادا كبيرا على استيراد العديد من مكوناتها، والتي تختلف من قطاع صناعي لآخر
ومع ذلك، فإن هذا
الأمر في عمومه ليس سهلا بل تقابله العديد من التحديات، من حيث توافر هذه المكونات
أصلا داخل البلد، وإذا توفرت فإن الأمر يحتاج إلى قياس جودتها وتكلفتها مقارنة مع المستورد
منها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتوقف كذلك على طبيعة البنية التحتية الصناعية،
وما إذا كانت الصناعة الوطنية تمتلك التكنولوجيا والقدرات الإنتاجية الكافية.
والناظر إلى واقع
الصناعة المصرية يجد أن الحكومة نفضت يدها من الصناعات المهمة واتجهت إلى الخصخصة للمشروعات
الناجحة، ومع ذلك فإن الصناعة المصرية بصفة عامة تعتمد اعتمادا كبيرا على استيراد العديد
من مكوناتها، والتي تختلف من قطاع صناعي لآخر.
وتشير التقديرات إلى
أن قطاع الصناعات الهندسية والإلكترونية يستورد مكوناته بنسبة تتراوح بين 60 و70 في
المائة، كما يستورد قطاع الصناعات الدوائية حوالي 90 في المائة من مكوناته، ويستورد
قطاع الصناعات الغذائية نسبة 20 إلى 40 في المائة من مكوناته، ويستورد قطاع السيارات
نسبة 50 إلى 60 في المائة من مكوناته.
وهذا الواقع نتيجة
طبيعية لضعف الإنتاج المحلي للعديد من المكونات الصناعية، وقلة الاستثمار في الصناعات
المغذية، وضعف البنية التكنولوجية، والبنية التحتية الصناعية، وتحجيم القطاع الخاص
في ظل عسكرة الاقتصاد.
وتشير البيانات
الرسمية عن العام المالي 2023-2024م إلى أن الصادرات المصرية بلغت قيمتها حوالي 32.5
مليار دولار، في حين بلغت الواردات المصرية 72.1 مليار دولار، وهو ما يعني تنامي العجز
في الميزان التجاري ممثلا في الفجوة بين الواردات والصادرات، ليصل إلى 39.6 مليار
دولار مقارنة بـ31.9 مليار دولار في العام المالي 2022-2023م، مما يعكس تحديات في تحقيق
الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الخارج.
مصر بسواعد أبنائها قادرة على تلبية حاجتها، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى أمن نفسي ومادي، من خلال الاستقرار المجتمعي والمصالحة المجتمعية، وتقديم أهل الخبرة على أهل الولاء، ووضع الجيش في مكانته العسكرية التي تتلاءم مع مكانته ومع مهامه في حراسة الحدود، وتشجيع رأس المال الوطني قبل الأجنبي، والتعامل مع رأس المال الأجنبي وفقا للمصالح المتبادلة والاستفادة منه في التكنولوجيا المتطورة
إن التوجه إلى تعزيز
استخدام المكونات المحلية في الصناعة لا يحتاج إلى كلام بقدر الحاجة إلى العمل ووضع
خطة شاملة تتضمن تطوير الصناعات المحلية، وتحسين البنية التحتية الصناعية، وتعزيز الصناعات
المكملة والمغذية، ودعم الابتكار لرفع جودة المنتجات، وفتح المجال بقوة لعمل القطاع
الخاص، والحد من توغل العسكر في الاقتصاد.
بل إن الفرصة سانحة
للجيش المصري لدعم الصناعة، ولا نقصد بذلك الصناعة المدنية بل الصناعة الحربية والتميز
فيها، والقدرة على الاستفادة من الموارد المحلية في التصنيع لحماية الداخل والتصدير
للخارج، وهو ما سوف يمثل نقلة نوعية في التسليح العسكري، جنبا إلى جنب مع دور القطاع
الخاص في تعزيز الصناعة المدنية.
إن مصر بسواعد أبنائها
قادرة على تلبية حاجتها، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى أمن نفسي ومادي، من خلال الاستقرار
المجتمعي والمصالحة المجتمعية، وتقديم أهل الخبرة على أهل الولاء، ووضع الجيش في مكانته
العسكرية التي تتلاءم مع مكانته ومع مهامه في حراسة الحدود، وتشجيع رأس المال الوطني
قبل الأجنبي، والتعامل مع رأس المال الأجنبي وفقا للمصالح المتبادلة والاستفادة منه
في التكنولوجيا المتطورة، وليس ببيع أصول الدولة لأجانب يتحكمون فيها بالاحتكار، ويمسون
سيادة البلاد ومعيشة العباد.
x.com/drdawaba