قضايا وآراء

الفلسطينيون في تشيلي

نبيل السهلي
1300x600
1300x600

برزت بعد فوز اليساري التشيلي، "غابرييل بوريك"، في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التشيلية أخيراً، أسئلة حول الجالية الفلسطينية في تشيلي والقدرات الكامنة في كافة المستويات، حيث تعتبر الجالية الفلسطينية في هذا البلد الأكبر في دول أمريكا اللاتينية، وهي بذلك ثاني أكبر تواجد للفلسطينيين في خارج فلسطين بعد الأردن؛ إذ يصل عدد أفرادها إلى (500) ألف فلسطيني.

وكان للجالية الفلسطينية بالغ الأثر في نجاح "غابرييل بوريك" في الانتخابات قبل أيام، نظراً لثقلها السياسي والاقتصادي. وكانت الجالية الفلسطينية في تشيلي عبرت خلال مسيرة الكفاح الوطني على انتمائها للوطن والهوية الوطنية الفلسطينية.

المدخل الاقتصادي

هاجر الفلسطينيون من وطنهم فلسطين إلى تشيلي في وقت مبكر، مقارنة مع هجراتهم إلى باقي دول العالم. وكان معظمهم من بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، ومن بعض المناطق الأخرى، حيث بدأت في أواخر القرن الثامن عشر. 

ويكمن سبب الهجرة في المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى، ومن جهة ثانية، لعبت سياسة التجنيد الإجباري العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى دوراً كبيراً في فرار عدد من الفلسطينيين إلى تشيلي، إلا أن أكثر موجات الهجرة جاءت بعد نكبة عام 1948م، والاحتلال اللاحق 1967م، وتبعها موجات هجرة واسعة في أعقاب الحرب الأهلية في لبنان، والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م. 

 

الفلسطينيون في تشيلي هم من طبقة الأغنياء ويتبوأ الكثير منهم مناصب عليا في الدولة. إلا أن هذا لم ينسهم فلسطينيتهم وقضيتهم الأولى؛ فهم ما زالوا متمسكين بجذورهم وأصولهم التي تشدهم دائماً.

 



وكذلك جاءت موجات أخرى بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، وترحيل الفلسطينيين من العراق، بعد احتلاله من قبل الجيش الأمريكي ربيع عام 2003. وتعتبر الجالية الفلسطينية في تشيلي أكبر جالية فلسطينية في العالم، والأكبر في تشيلي، ويصل عددها بحسب مصادر رسمية فلسطينية في تشيلي إلى أكثر من خمسمائة ألف فلسطيني، يعتبرون الآن من الجيل الرابع والخامس؛ أبناء المهاجرين الفلسطينيين الأوائل.

ويتوزع أبناء الجالية الفلسطينية في كافة أقاليم ومناطق تشيلي، والغالبية منهم متواجدون في العاصمة سانتياغو والمناطق المحيطة بها بكونها منطقة جذب اقتصادي، وكذلك في الجنوب من تشيلي، وعلى وجه الخصوص في منطقة: كونسبسيون، تشيان، فاديفيا، لينارز، كوريكو، تالك. 

ونجح الفلسطينيون في الاندماج في المجتمع التشيلي، وأصبحوا من أهم المكونات على كافة الصعد الاجتماعية والاقتصادية، وباتوا ذوي نفوذ اقتصادي وتأثير سياسي كبير. 

والفلسطينيون في تشيلي هم من طبقة الأغنياء ويتبوأ الكثير منهم مناصب عليا في الدولة. إلا أن هذا لم ينسهم فلسطينيتهم وقضيتهم الأولى؛ فهم ما زالوا متمسكين بجذورهم وأصولهم التي تشدهم دائماً. وقد تجلى ذلك خلال تضامنهم في تعبيرات مختلفة مع شعبهم خلال هبة الأقصى الرمضانية في أيار/ مايو المنصرم. ومن أبرز العائلات الفلسطينية في تشيلي على سبيل المثال وليس الحصر: نزال، قسيس، سعيد، حنظل، أبومهر، إلياس، البندك.

نشاطهم الدؤوب 

يعمل الفلسطينيون في تشيلي في كافة القطاعات الاقتصادية، وعلى كافة المستويات، هناك رجال أعمال ومستثمرون كبارا، وثمة تقارير صحفية تؤكد أن الجالية الفلسطينية تستحوذ على 70 في المائة من الاقتصاد، ويوجد أكبر عشرة بنوك في تشيلي: ستة منها مملوكة لفلسطينيين، وهناك وزراء وأعضاء برلمان من أصل فلسطيني؛ ومرد ذلك ثقل الجالية الاقتصادي كما أسلفنا؛ وتعتبر الجالية الفلسطينية في تشيلي الأغنى في العالم خارج فلسطين، فبعض الفلسطينيين التشيليين ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم خلال العقد الأخير. 

وثمة الكثير من المؤسسات التابعة للجالية الفلسطينية في تشيلي، ومن أهمها: نادي فلسطين "أسسه الوافدون الأوائل إلى تشيلي من فلسطين، واسم النادي هو "باليستينو" وهو من الأندية العريقة في هذا البلد، وسبق له الفوز ببطولة الدوري التشيلي والكأس أكثر من مرة، ومعظم مشجعيه هم من أبناء الجالية الفلسطينية. وهنا: الفيدرالية الفلسطينية، ولجنة حق العودة، اللجنة الديمقراطية الفلسطينية، اتحاد المرأة الفلسطينية، الاتحاد العام لطلبة فلسطين، المدرسة العربية، ومؤسسة بيت لحم 2000.

ومن الشخصيات الفلسطينية البارزة في تشيلي "فرانسيسكو شهوان"، حيث تولى العديد من المناصب السياسية، منها: نائب رئيس الجمهورية، وعضو البرلمان التشيلي. أما "ألفارو صايغ"، فهو رجل أعمال وشغل منصب النائب الأول لأحد أكبر المؤسسات المصرفية في تشيلي. وهو أيضاً القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لوسائل الإعلام/ تكتل Copesa، وهو أيضاً صاحب فندق غراند حياة سانتياغو، وفور سيزونز في بوينس آيرس، وفور سيزونز كارميلو، هو مدير سانتياغو للأوراق المالية، ومستشار لسوسيداد دي Fomento Fabril  وعضو في المعهد الدولي للتمويل. 

أما "دانيال جادو" وهو من  مواليد 1976، وأصله من بيت جالا، فهو  مهندس معماري ويشغل منذ عام 2012 منصب رئيس بلدية ريكولتا. وكان مرشح الحزب الشيوعي التشيلي للانتخابات الرئاسية في نوفمبر2021. 

ومن الشخصيات "كارلوس توما"؛ وهو رجل أعمال ومستثمر، وينشط في عدد من الأنشطة المالية وفي تطوير الخدمات المصرفية في تشيلي، ووسائل الإعلام، وقطاعات العقارات، يملك حصة مسيطرة في ثاني أكبر وسائل الإعلام العملاقة. 

أما "خوسيه سعيد" فهو رجل أعمال فلسطيني من بيت لحم، يملك أكبر شركة للعقارات وإدارة الأسواق في تشيلي والأرجنتين، كما يعتبر "سلفادور سعيد" واحداً من أغنياء تشيلي والقارة اللاتينية، حيث يمتلك مشاريع في تشيلي والأرجنتين والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكولومبيا والبيرو، وتتنوع استثماراته مابين العقارات، والمراكز التجارية، والبنوك، والطاقة والقطاع الزراعي، والغذائي، وأخيراً دخل للاستثمار في مجال الرياضة، عندما اشترى نادي بالستينو التشيلي، أو نادي فلسطين الذي أسس في العشرينيات، على أيدي أبناء الجالية الفلسطينية في تشيلي. 

إضافة إلى ذلك فقد سطع نجم الكثيرين من الجالية الفلسطينية في مجالات الأدب والفن والرياضة؛ في وقت حافظوا فيه على انتمائهم الوطني لفلسطين وشعبها، وقد توضح ذلك خلال هبة الأقصى الرمضانية في أيار/ مايو من العام المنصرم 2021.

*كاتب فلسطيني 


التعليقات (0)

خبر عاجل