ملفات وتقارير

آمال أقليات ليبيا تصطدم بالإقصاء والمجهول

تستعد ليبيا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري- جيتي
تستعد ليبيا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري- جيتي

يتكون المجتمع الليبي من فسيفساء مجتمعية، تضم العديد من الأعراق، وخاصة الأقليات التي تطالب بالكثير من الحقوق المجتمعية والسياسية، والتي تبدي تخوفات من المرحلة المقبلة، خاصة مع الحديث عن احتمالية تأجيل الانتخابات.

 

ويعيش في ليبيا العرب والأمازيغ والطوارق والتبو، على امتداد مساحة البلاد الواسعة.

 

ويعيش مكون الأمازيغ في منطقة الجبل الغربي على الحدود التونسية الجزائرية بامتداد الساحل في مدينة زوارة، أما مجتمع الطوارق فيعيش أغلب أبنائه في الجنوب الشرقي، على الحدود مع الجزائر    والنيجر، في حين يمتد تواجد مجتمع التبو بوسط الجنوب وشرقه على الحدود مع النيجر وتشاد، أما العرب فهم الأغلبية العظمى لمجتمع لم يصل تعداد سكانه 7 ملايين نسمة، وفقا لـأرقام البنك الدولي.

 

اقرأ أيضا: ستيفاني وليامز وقطار التسوية المتعثر في ليبيا

 

رؤية ومطالب الطوارق

وأكد المتحدث السابق باسم مجلس شيوخ قبائل الطوارق المقيم بمدينة أوباري الليبية، حسين كويوي، لـ"عربي21"، أن مجتمع الطوارق، يترقب العرس الانتخابي بكل جدية.


وأضاف: "آمالنا وتطلعاتنا بأن تنتهي كل المراحل الانتقالية التي أفرزت حكومات فاسدة لم تستطع أن تقوم بخطوة إيجابية واحدة نحو استقرار البلاد أمنيا واقتصاديا واجتماعيا عبر المصالحة الوطنية".


وتابع: "بالفعل نحن اليوم بجميع شرائح مجتمع الطوارق، نرحب بجهود بعثة الأمم المتحدة والمستشارة الأممية ستيفاني ويليامز التي فتحت مسارا في الطريق نحو الانتخابات الذي كنا نتمناه".

وقال: "مسألة الانتخابات فيها جدل كبير ولكن هذا الجدل ليس عند مجتمع الطوارق، نحن من أكبر المجتمعات التي لم ترتكب ما يضر الدولة، من حيث سيادتها وأمنها.. كنا دائما قريبين من كل ما يتعلق بالمصالحة واستتباب الأمن بالبلاد".


وأكد الناشط السياسي لـ "عربي21" أن الجدل الحالي الحاصل ينحصر عند الفرقاء السياسيين في الغرب والشرق، مضيفا: "نحن اليوم في الجنوب في وضع المتفرج لكن نوايانا وطموحاتنا أن يصل أهلنا في الغرب والشرق إلى حالة وفاق ونتمنى أن ينتهي هذا الجدل وهذه الخلافات التي أتعبت المواطن وليبيا عامة آملين أن لا تعود البلاد إلى حالة الانقسام مجددا".

وبخصوص الوضع الحالي الذي تعيشه ليبيا وتقييم مكون الطوارق للوضع السياسي الحالي أكد كويوي أن "حكومة الوحدة الوطنية، للأسف رغم تعهد رئيس الحكومة أمام لجنة الحوار بأنه سيهتم بأكبر معضلة يعاني منها مجتمع الطوارق ألا وهي السجل الإداري وأصحاب الحقوق المدنية الذين لديهم قرارات منح الجنسية الليبية، إلا أنه تم التغاضي عنهم وتم تهميشهم بقصد".


وأضاف: "للأسف لقد تعهد أمام لجنة الحوار وأمام بعثة الأمم المتحدة بأنه سيقوم بحل هذه الإشكالية التي لا تحتاج سوى إلى إذن كتابي لتعطى لهم الأحقية في المشاركة بالعملية الانتخابية ولكنه لم يف بوعده، حيث أنه تخوف من الأمر".

وتابع: "نحن كمجتمع طوارق يؤسفنا ويؤلمنا جدا أننا لم نكن من المشاركين، رغم أننا نشكل قرابة 60 في المائة من مجتمع الطوارق ولا نستطيع المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والسبب يعود لحرماننا من حقوقنا المدنية المتمثلة في الرقم الوطني".


وأكد كويوي: أنه لدى مكون الطوارق "قرارات منح جنسية من ضمنها القرار 823 لسنة 2009 وقرارات أخرى، ولكن السلط القائمة منذ 2011 تتعمد إقصاء واضطهاد مجتمع الطوارق".


وأضاف: "كنا دائما حلقة وصل بمجالسنا وحكمائنا وبمشايخنا، لكن تم تهميشنا من كل الحكومات".


وأكد: "اليوم لدينا قرابة 13 ألف أسرة مقيدة بصفة مؤقتة، بالسجل المدني بالدولة الليبية".. متسائلا" "لم نعد نعرف، هل نحن مواطنون أم أجانب؟".


وأضاف: "اليوم هناك أسر وشباب تم منعهم من الدراسة ومن جوازات السفر" منوها: "نتمنى أن ينتهي هذا الجدل".

 

موقف ومطالب تبو ليبيا

من جانب آخر قال المحلل السياسي والباحث التباوي، موسى ترسي لـ "عربي21": "نحن التبو نتطلع إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية من أجل الخروج بليبيا من هذا النفق المظلم، ومن حالة الاقتتال والاحتراب السياسي والاجتماعي".

 

وأضاف ترسي: "من المستبعد إجراء انتخابات في ظل الظروف الحالية، ولكن يبقى الأمل في صندوق الاقتراع للخروج بليبيا والمنطقة من مشكلة عدم الاستقرار".


وفيما يخص الوضع الحالي للبلاد، قال الناشط التباوي إنه "بوجود رئيس منتخب من الشعب بصلاحيات واسعة، يمكنه مطالبة المجتمع الدولي بتفكيك المليشيات ونزع السلاح بالقوة، وإخراج القوات الأجنبية المتواجدة حاليا في الأراضي الليبية التي تهدد الأمن الوطني".


وتابع: "أطالب المجتمع الدولي بالتدخل بشكل عاجل لوقف الاقتتال الحاصل في مدينة سبها فالمدينة تعيش حالة أمنية وصحية واقتصادية صعبة جدا".

 

اقرأ أيضا: مساع أممية لإنقاذ انتخابات ليبيا.. تفاصيل لقاءات ويليامز بسرت

 

تصور أمازيغ ليبيا

ومن جهته قال الكاتب الصحفي والناشط السياسي الأمازيغي المقيم بمدينة زوارة الليبية، حافظ معمر، لـ "عربي21" إن "الأمازيغ عامة كان رأيهم واضحا منذ البداية، بأنه لا بد من دستور يعطي لكل مكونات الشعب الليبي حقوقه دون استثناء، ولذلك امتنع الأمازيغ في الانتخابات البرلمانية السابقة عن الدخول فيها وللأسف كانوا أكثر الخاسرين، لأن الانتخابات حصلت ونحن كنا خارج الدائرة وازداد تهميشنا عما هو عليه".

وأضاف: "هذه المرة هناك تعامل آخر، ومن خلال متابعاتي للوضع الحالي الكل سيكون موجودا في الانتخابات هذه المرة لأنه لا يوجد دستور في الأساس، فالعملية غير واضحة ويشوبها الغموض".

 

وفي معرض إجابته عن سؤال "عربي21" حول تقييم المجتمع الأمازيغي للوضع الحالي، أكد الكاتب أن "الوضع العام للدولة يكتسيه الغموض، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التي بات مرجحا أن يتم تأجليها".


وأضاف: "لذلك الوضع العام غير مريح ولا أحد يعرف أين ستسير بنا الأمور" واعتبر معمر أن أداء حكومة الوحدة الوطنية أفضل من سابقتها، حيث حاولت توحيد كل المدن الليبية فيما يتعلق بتوفير الخدمات رغم تميز هذه الحكومة بالمحاصصة في كل شيء.. ولكن إجمالا أفضل من الأخريات فهي على الأقل حاولت أن تتلمس مشاكل المواطن عامة.

 

اقرأ أيضا: حفتر وعقيلة يرفضان لقاء ويليامز.. وحديث عن مخطط للفوضى

 

رؤى و مواقف


وقال الناشط السياسي والخبير الاستراتيجي في شؤون الأمازيغ والطوارق، آكلي شكا في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "موقف الأمازيغ كان ولا يزال واضحا في موقف رسمي من خلال مجالسهم الاجتماعية والمنظمات المدنية أو على مستوى النشطاء والرأي العام الأمازيغي".

وأضاف: "اشترط الأمازيغ منذ البداية انخراطهم في العملية الانتخابية والحكومة، دستورا واضحا وشاملا دستورا توافقيا يضمن حقوقهم وحقوق كل الليبيين، هذا الشرط كان قائما منذ عام 2012".

وأكد مؤلف كتابي "توماست: مصل الحقيقة" و"رجل الصحراء: طريق طويل نحو دولة الطوارق" أن "الأمازيغ بمن فيهم الطوارق يرفضون رفضا قاطعا، على كافة مستوياتهم الرسمية وغير الرسمية العملية الانتخابية بصيغتها الحالية".

وتابع: "نحن سنقاطع ولن نشارك في هذه الانتخابات إذا لم تجر على قاعدة دستورية واضحة تعطي الحق للجميع بالمساواة، والأمازيغ رفضوا وجود بعض الشخصيات الجدلية التي ارتكبت جرائم في حق الأمازيغ والليبيين ضمن العملية الانتخابية ومن بينهم سيف الإسلام القذافي المطلوب دوليا بتهم جرائم دولية".

واستدرك أن "عدم سماع صوت الأمازيغ الذي ينادي دائما بدولة قانون ومؤسسات ذات دستور توافقي، أدى إلى الوضع الحالي للبلاد، ونحن الآن دولة مقبلة على حرب جديدة وفشل تام في القوانين المعيبة التي أصدرها مجلس نواب طبرق، والمفوضية العليا للانتخابات".


وتابع: "لو استمعت هذه الأجسام للنخب الليبية السياسية والاجتماعية ما كنا وصلنا لما نحن فيه حاليا".

وحول تقييم مكون الأمازيغ والطوارق للوضع الحالي للبلاد، أكد آكلي أن الأمازيغ أعلنوا منذ تسلم حكومة الوحدة الوطنية السلطة، ترحيبهم بها لكن بشرط أن تكون حكومة توافقية، تختلف عن بقية الحكومات السابقة بأن تضع برنامجا يشمل كل الليبيين.


واستدرك أن الأمازيغ خاصة لاحظوا أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، أقدم على قرارات شجاعة التمسنا فيها أنها تسعى لحكومة وطنية موحدة وتوحيد المؤسسات ومصالحة وطنية شاملة ودعم السلطة القضائية، لكن تم محاربتها حتى أن برلمان طبرق انتزع الشرعية منها.

وأكد الناشط السياسي، أن الأمازيغ لن يدعموا أي مشروع لا يستند إلى دستور ومؤسسات معترف بها تتجاهل مطالب الأمازيغ في حقوقهم اللغوية والثقافية وأيضا في حقوقهم الوطنية.


وأضاف: "بكل آسف، نحن نرى أن مشروع حكومة الوحدة الوطنية قد أفشل".. منوها أن "الانتخابات لا يمكن أن تجري في موعدها وحتى إن جرت الانتخابات في موعدها هناك إشكالية بأن الفائز فيها ربما  لن يتم الاعتراف به من قبل الأطراف المنافسة وبالتالي سنعود للمربع الأول وهو مربع المنافسة والحرب".

وقال: "هذا الأمر للأسف الشديد لا يمكن تجاوزه أو تجاهله.. ليبيا مقبلة على حرب لا محالة للأسف ونأمل أن يكون هذا التقييم خاطئا".


واستنتج الخبير الاستراتيجي في ختام تصريحه لـ "عربي21": "على ما يبدو أن الأطراف الليبية تتجه نحو الحرب والدليل على ذلك، ما يحدث حاليا في العاصمة طرابلس من مناوشات بين مختلف التشكيلات المسلحة، والأخطر من ذلك، ما تشهده مدينة سبها من انتشار عسكري لقوات حفتر بالدبابات والأسلحة الثقيلة في شوارع المدينة.. وعندما تندلع الحرب سيصعب إطفاؤها".

 

ويعيش على الأراضي الليبية مكونات أخرى من أصول إغريقية وأندلسية وبلقانية وتركية ولكنها انصهرت في المجتمع الليبي.

يشار إلى أن ليبيا تستعد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وفق الخطة التي ترعاها الأمم المتحدة وتحظى بدعم دولي، لكن المفوضية العليا للانتخابات أعلنت إرجاء إعلان القائمة النهائية للمرشحين على الرئاسة إلى حين تسوية بعض المسائل القانونية.

التعليقات (0)