قضايا وآراء

روسيا والصين من الشراكة إلى التحالف

حازم عيّاد
1300x600
1300x600
الضغوط الأمريكية على موسكو وبكين تدفع البلدان لمزيد من التقارب الذي عبر عنه في قمة الاتصال المرئي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ يوم أمس الأربعاء الموافق لـ 15 كانون أول (ديسمبر) من العام الحالي. 

فبعد أسبوع من انعقاد القمة الروسية الأمريكية التي جمعت الرئيس الأمريكي بايدن بالروسي فلاديمير بوتين عبر تقنية الاتصال المرئي؛ جاءت قمة بوتين مع نظيره الصيني شي جين بينغ كرد عملي يستبق العقوبات التي هددت بها الإدارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي روسيا في حال غزوها أوكرانيا؛ والصين في حال اجتياحها جزيرة تايوان بهدف ضمها للبر الصيني. 

آلية (SWIFT) والمنظومة المالية المستقلة

الرد العملي والاستباقي لكل من الصين وروسيا على الضغوط الأمريكية والأوروبية جاء سريعا على شكل إعلان صادر عن الكرملين؛ كشف عنه مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف)؛ أعلن فيه اتفاق الزعيمين (بوتين) و(شي جين) لإنشاء منظومة مالية مستقلة لا يمكن أن تتأثر بالدول الأخرى لخدمة العمليات التجارية بين البلدين المقدر لها أن تتجاوز الـ 200 مليار دولار.

الاتفاق جاء كخطوة استباقية للرد على التهديدات الأمريكية والأوروبية بعزل روسيا ماليا عبر حرمانها من  آلية "سويفت" (SWIFT) وتوسيع نطاق العقوبات المفروضة على تجارة الديون السيادية الروسية في السوق الدولية في الآن ذاته.

لم تقتصر الرود الاستباقية على المنظومة المالية المقترحة إذ كشف أوشاكوف أن بوتين وشي جين أيدا مسألة زيادة حصة التعاملات بالعملات الوطنية في التسويات التجارية بين روسيا والصين؛ كما تبادلا وجهات النظر في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية.

"نورد ستريم" وقوة سيبيريا

القمة الروسية الصينية جاءت بعد يوم واحد من بيان قمة دول (G7) للدول الصناعية الكبار التي كررت التحذيرات والتهديدات لموسكو؛ والتي انضمت إليها برلين مجددا ولكن برسالة أكثر وضوحا بعد أن حذرت من إمكانية وقف العمل بأنبوب غاز نورد ستريم 2 في حال تصعيد موسكو إجراءاتها ضد كييف؛ جاء ذلك على لسان المستشار الألماني الجديد (أولاف شولتز) أثناء زيارته بولندا الأحد الماضي 12 كانون أول (ديسمبر) الحالي.

تحذيرات وضغوط دفعت الزعيمين الروسي والصيني لمناقشة مشروع أنبوب (قوة سيبريا) المتوقع ان يصل حجم صادرات الغاز الروسي عبره للصين(50 مليارمترمكعب) في العام؛ فالأنبوب يمثل سوقا بديلا لروسيا في حال إغلاق نورد ستريم 2 ومردا معما للطاقة بالنسبة للصين في حال فرض عليها عقوبات؛ فالبلدان تعدان خططا مستقبلية للتعامل مع الضغوط الغربية.

ختاما .. 

الضغوط الأمريكية والأوروبية على كل من بكين وموسكو قربت البلدين إلى مستوى يتجاوز الشراكة الاسترايتجية ليقترب من مستوى التحالف السياسي والأمني والاقتصادي الاستراتيجي؛ تقارب توج خلال هذا الأسبوع بالقمة المرئية بين بوتين وشي جين يوم أمس الأربعاء؛ تقارب لم ترسمه حدود سياسية واقتصادية ضيقة؛ إذ امتد إلى كافة الملفات التي تربط البلدين سواء الأمنية؛ كإعلان بكين تضامنها مع موسكو في ملف الضمانات المكتوبة التي تطلبها موسكو من واشنطن ـ تتعهد فيه واشنطن الامتناع عن توسيع حلف الناتو شرقا أو نشر منظومات صاروخية بالقرب من حدود روسيا ـ أو رياضية بإعلان بوتين مشاركته في احتفالات افتتاح الأولمبياد الشتوي في بكين الذي أعلنت كل من واشنطن ولندن مقاطعته بحجة إنهاك حقوق الإنسان؛ فالخطوات الاستباقية الروسية الصينية للرد على واشنطن وحلفائها تحولت إلى إجراءات تراكمية تقربها من التحالف الاستراتيجي.

 hazem ayyad
@hma36

التعليقات (0)