نشرت صحيفة "
إكسبرت" الروسية تقريرا
سلطت فيه الضوء على الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس
التونسي قيس سعيّد في ذكرى إعلان
الجمهورية، المتمثلة في تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإقالة الحكومة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"؛ إن البلد الذي يُعتبر واجهة مضيئة للربيع العربي عاش انقلابا في
25 تموز/ يوليو الجاري، وبذلك تكون قد فشلت محاولة أخرى لبناء نظام ديمقراطي في المنطقة.
إجراءات رئاسية مفاجئة
وأكدت الصحيفة أن الوضع في تونس تدهور بسرعة
على خلفية احتجاجات عفوية شهدتها العديد من مناطق البلاد التونسية يوم الأحد، حيث صب
المحتجون غضبهم على حركة النهضة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وتفشي فيروس كورونا.
وعلى وقع الاحتجاجات، انتشرت القوات الأمنية
في العاصمة التونسية، وتم منع أعضاء البرلمان والحكومة من الدخول إلى مؤسساتهم ومباشرة
عملهم. ومن بين الإجراءات التي اتخذها الرئيس، إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي من
منصبه.
وبعد الإعلان عن هذه القرارات، وقعت اشتباكات
بين مؤيدي حركة النهضة وخصومها، وأعلن زعيم الحركة راشد الغنوشي، أن سعيد نفذ انقلابا،
داعيا أنصاره إلى القيام باحتجاجات سلمية.
وفي خطاب تلفزيوني، قال سعيّد: "تجميد عمل
البرلمان، قرارٌ كان يجب اتخاذه قبل بضعة أشهر. لا يسمح دستور البلاد بحل البرلمان، لكنه
لا يمنع تجميد أنشطته". وحسب الصحيفة، فقد وعد الرئيس بأن يكون التجميد مؤقتا،
ولكن تجارب الدول العربية الأخرى تظهر أن حالة الطوارئ قد تستمر لفترات طويلة، وأن
الإجراءات المؤقتة قد تتحول في معظم الأحيان إلى تدابير دائمة.
الاستثناء الوحيد في المنطقة
تضيف الصحيفة أن تونس بقيت حتى وقت قريب الاستثناء
الوحيد في المنطقة، حيث لم تشهد على عكس الدول العربية الأخرى التي شملها
الربيع العربي
حربا أهلية أو ديكتاتورية عسكرية.
وقد تحوّل حزب النهضة من حزب ديني راديكالي إلى
قوة سياسية عاقلة ومعتدلة. وفي الانتخابات البرلمانية التي أُجريت عام 2019، حققت الحركة
فوزا ساحقا، بعد حصولها على 52 مقعدا في البرلمان من أصل 217، وحصل حزب "قلب
تونس" على المركز الثاني بـ38 مقعدا، في حين كان المركز الرابع من نصيب حزب
"ائتلاف الكرامة" المقرّب من النهضة، وقد اصطفت هذه القوى الثلاث لمعارضة
القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي.
مشاكل عميقة
رغم مرور أكثر من عشر سنوات على الإطاحة بالرئيس
السابق زين العابدين بن علي، فشلت السلطات التونسية في حل أخطر المشاكل الاقتصادية،
مثل البطالة وتدني مستوى المعيشة، فضلا عن استفحال الفساد في مفاصل الدولة.
ومع تعاقب الحكومات طيلة الفترة الانتقالية،
غاب الاستقرار السياسي، وتزايدت التحديات الأمنية جراء الهجمات الإرهابية التي عرفتها
البلاد عام 2015، واستمرت حالة الطوارئ في البلاد طوال السنوات الماضية.
ومع انتشار الوباء وتعطّل القطاع السياحي، تفاقمت
المشاكل وزادت الضغوط الشعبية على الحزب الحاكم، لكن سعيّد لا يبدو -وفقا للصحيفة-
الشخص القادر على حلّ كل الأزمات التي تمرّ بها البلاد وتحقيق طموحات الشباب الذي انتخبه،
لا سيما أن صلاحياته محدودة جدا بموجب القانون.
وترى الصحيفة أن الديمقراطية التونسية تمر حاليا
باختبار صعب، لكن يمكن للبلاد أن تسلك طريقها الخاص المختلف عن بقية التجارب العربية،
ويعتمد ذلك أساسا على نوايا الرئيس قيس سعيّد.