قضايا وآراء

ما بعد نتنياهو .. الاتفاق النووي وحل الدولتين

حازم عياد
1300x600
1300x600

فشل نتنياهو في تشكيل حكومة ائتلاف جديدة دفعه لاقتراح استفتاء شعبي على شخصية رئيس الوزارء او انتخابه عبر الاقتراع المباشر؛ مناورة لن يكتب لها النجاح خصوصا وأن الأصوات المطالبة بتنحي نتنياهو عن زعامة حزب الليكود عادت لتتعالى في أوساط الحزب.

قابل ذلك قلق متزايد لدى اليمين الإسرائيلي من فقدانه لعرابة وتشرذمه وانقسامه على أنغام التصارع بين أحزابه ونخبه العلمانية والدينية؛ فنتنياهو جمع بين اليمين الديني والعلماني عبر تسويات لم تعد تصلح في العامين الأخيرين خصوصا أمام تنامي قوة اليمين العلماني بقيادة ليبرمان تارة ولابيد وبينت تارة أخرى.

نتنياهو سيغادر تاركا اليمين ممزقا بعد أن كان سببا في توحده؛ يمين أقل توحدا خصوصا بعد تعرض نخبه وأحزابه للاستنزاف في أربع جولات انتخابية؛ جولات استهلكت لابيد وليبرمان وبنيت وغانتس وأشكنازي بل وحتى رئيس الموساد يوسي كوهين المرشح المفضل لخلافة نتنياهو عند نتنياهو وبعض الدول في الإقليم وعلى رأسها الدول الخليجية المطبعة؛ فالجولة الأخيرة من التسويات لتشكيل حكومة ائتلافية عمقت الانقسام داخل اليمين حول شخصية رئيس الوزراء القادم بين يمين ديني وآخر علماني قومي.

 

سعى نتنياهو لإجراء المزيد من المناورات على أمل أن يدفع نحو تعديل يتيح اختيار رئيس الحكومة عبر استفتاء وانتخاب مباشر لن ينقذ مستقبله السياسي الذي وصل إلى نهايته؛ إلا أنه لا يزال يراهن على فشل خصومه في تشكيل تحالفات وحكومات ائتلافية كرهانه على هواجس اليمين ومخاوفه من الإدارة الأمريكية الجديدة؛ رهان من الممكن أن يقود إلى انتخابات سادسة وليس فقط خامسة.

 



عكس هذا الانقسام دعوة نفتالي بينت زعيم حزب "يمينا"وحليفه يائير لبيد زعيم حزب "هناك مستقبل" لاستنساخ تجربة غانتس نتنياهو (الليكود وحزب أزرق أبيض) لتشكيل حكومة يتبادل فيها الرجلان الرئاسة بدءا بـنفتالي بينت؛ حكومة لا يتوقع لها أن تصمد طويلا في حال تشكلها.

حكومة لابيد بينت المقترحة تتوافر على فرصة معقولة للتشكل في ظل مخاوف متصاعدة لدى اليمين بشقيه الديني واليميني من إدارة بايدن التي تدير مفاوضات غير مباشرة إلا أنها جادة مع طهران في فيينا؛ وتستأنف في الوقت ذاته تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنين الأونروا؛ ووعدت بالإفراج عن مساعدات للسلطة الفلسطينية التي تستعد لانتخابات تشريعية في 22 أيار (مايو) القادم.

الأهم من ذلك كله أن إدارة بايدن وعبر خارجيتها الممثلة بوزير الخارجية أنتوني بلينكن أعلنت غير مرة عن دعمها وتمسكها بحل الدولتين؛ فاتحة الباب لإمكانية استعادة مسار المفاوضات القائم على حل الدولتين والأرض مقابل السلام حتى مع النظام السوري؛ فإدراة بايدن لا تعترف بالإجراءات غير القانونية التي اتخذتها حكومة نتنياهو بضم الجولان في حقبة ترامب البائدة.

اليمين الاسرائيلي يعيش أزمة حقيقية؛ ففي الوقت الذي ينتظر قادة اليمين الديني الفتوى الشرعية للانضمام لحكومة لابيد وبينت إلى جانب ضمانات بالحفاظ على اميتازات الحريديم في التعليم والمؤسسات الأمنية؛ فإن يوسي كوهين ينشط لتقديم نفسه كمنقذ للكيان الإسرائيلي من الاتفاق النووي بتسريبات تؤكد تورط جهازالموساد الذي يقوده في هجمات على إيران؛ وكراعي للتقدم الحاصل في العلاقات مع بعض الدول الخليجية التي أشرف على ترجمة العلاقات معها عبر اتفاقات تطبيعية أطلق عليها اتفاقات أبراهام.

المناورات داخل الكيان لا تتوقف مستنزفة الرصيد السياسي لكافة النخب السياسية والأمنية والقوى اليمينة الدينية والقومية العلمانية؛ فرغم تراجع بيني غانتس زعيم أزرق أبيض عن المشهد مؤقتا إلى جانب رئيس الموساد يوسي كوهين المرشح المستقبلي لليكود لرئاسة الحكومة وزعامة الحزب؛ إلا أنهما لا يزالان حاضرين في الملفات الإقليمية كملف العلاقة مع الأردن والمفاوضات الدائرة مع إيران في فيينا.

 فكوهين دخل السباق الانتخابي من خلال تسريب معلومات عن مشاركة جهازه (الموساد) بعمليات تستهدف مصالج إيرانية في المنطقة وداخل إيران؛ وهو ما تسبب باستياء إدارة بايدن وبعض الجهات الأمنية في الكيان الإسرائيلي؛ في حين أن غانتس ومن ورائه وزير الخارجية أشكنازي لازال فاعلا في تقديم حزبه كقوة سياسية تحظى بالقبول الإقليمي في الأردن ومصر وبدرجة أقل لدى السلطة الفلسطينية؛  وهو ما تبحث عنه الإدارة الأمريكية في المرحلة الحالية؛ إذ لا يعقل أن تتحمس أمريكا لاستئناف الاتفاق النووي والمسار التفاوضي مع إيران في حين تزهد في مسار التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي القائم على حل الدولتين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولعل ذلك يفسر الحماسة الأردنية لاستئناف المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي وزيارة وزير الخارجية الصفدي للرئيس محمود عباس في رام الله يوم أمس الأربعاء؛ والتي ناقش فيها إمكانية استئناف مسار المفاوضات مع الرئيس عباس.
 
ختاما .. سعى نتنياهو لإجراء المزيد من المناورات على أمل أن يدفع نحو تعديل يتيح اختيار رئيس الحكومة عبر استفتاء وانتخاب مباشر لن ينقذ مستقبله السياسي الذي وصل إلى نهايته؛ إلا أنه لا يزال يراهن على فشل خصومه في تشكيل تحالفات وحكومات ائتلافية كرهانه على هواجس اليمين ومخاوفه من الإدارة الأمريكية الجديدة؛ رهان من الممكن أن يقود إلى انتخابات سادسة وليس فقط خامسة.

  hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)

خبر عاجل