هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
من ناحية المبدأ، قناعتي أن الشعب الفلسطيني يؤيد كل تقارب عربي إذا كان فيه خدمة للشعوب العربية، وتأكيدا على الإرادة السياسية الحرة للحكومات العربية. ولا أرى أن الشعب الفلسطيني متحفظ أو ناقد للمصالحة الخليجية، وإنما هو مترقب لتطورات الأوضاع والسياسات ليحكم في النهاية على ما هو مترتب على هذه المصالحة.
والأسئلة المطروحة في أذهان الناس تتلخص في المسألتين الفلسطينية والإيرانية. هل ستساهم هذه المصالحة في دعم الشعب الفلسطيني أم في التضييق عليه بالمزيد؟ أي الكفتين سترجح: كفة السعودية التي تصنف المقاومتين الفلسطينية واللبنانية على أنها إرهاب، أم كفة قطر التي لديها الاستعداد للتعامل على الأقل مع المقاومة الفلسطينية؟ هل ستزج الدول الخليجية نفسها في صراع دموي مع إيران أم إنها ستحافظ على مقدراتها وتتجنب الخوض في حرب ستكون مدمرة للجميع؟
تمد قطر يد العون لقطاع غزة، والجميع يدرك أن هذا العون لا يمكن أن يتم بدون موافقة الكيان الصهيوني. وهذا يعني أن الاتصالات بين قطر والكيان ما زالت مستمرة منذ أن فتحت قطر مكتبا تجاريا صهيونيا في الدوحة لتتراجع عنه بعد ذلك. وبسبب وجود هذه الاتصالات فإنه من الوارد أن تمتثل قطر للطلب السعودي والأمريكي للتطبيع مع الصهاينة على طريقة الإمارات والبحرين والمغرب. أي أن الرغبة بالتطبيع لها أرضية يمكن أن تنطلق منها. لكن قطر بيدها المبادرة العربية غير المقبولة على المستوى الشعبي الفلسطيني، ويمكن أن تستعملها كحجة في مواجهة السعودية على اعتبار أن التطبيع يجب أن يلي إقامة دولة فلسطينية على 22% من مساحة فلسطين الانتدابية.
من الوارد أن تحالف السعودية قد حاصر قطر ظنا من أقطابه أن قطر لن تتمكن من تدبير أمورها، وأن الحصار سيقتلها ما سيدفعها إلى الامتثال لمطالب التحالف. قطر تدبرت أمورها من خلال إيران وتركيا، وصمدت لعدة سنوات في وجه الحصار. ولهذا من المستبعد جدا أن يعود التحالف السعودي إلى ممارسة الحصار خشية الخيبة مرة أخرى.
ومن ناحية المقاومة الفلسطينية في غزة وبالتحديد حركة حماس ستجد نفسها أمام خيارين: إما أن ترفض تطبيع قطر إن حصل وتقف ضده وتفقد بذلك الدعم المالي القطري الحيوي لقطاع غزة، أو أن تصمت وتقبل به دون إعلان رسمي.
وهنا يجب ألا نغفل عن أن السعودية قد جرت معها قطر عند نشوب الحرب على اليمن. أي أن الغلبة كانت للسعودية في دخول حرب لم تخدم شعوبا عربية وأرهقت الجميع، ومن المحتمل الآن أن تكون يد السعودية هي العليا في جر قطر إلى مربع التطبيع. لكن قطر ذات تجربة أفضل الآن، ومن المحتمل أن تكون أوراقها الآن أكثر قوة.
من الوارد أن تحالف السعودية قد حاصر قطر ظنا من أقطابه أن قطر لن تتمكن من تدبير أمورها، وأن الحصار سيقتلها ما سيدفعها إلى الامتثال لمطالب التحالف. قطر تدبرت أمورها من خلال إيران وتركيا، وصمدت لعدة سنوات في وجه الحصار. ولهذا من المستبعد جدا أن يعود التحالف السعودي إلى ممارسة الحصار خشية الخيبة مرة أخرى.
من الجدير الانتباه إلى أن أمريكا لعبت دورا كبيرا في تحقيق المصالحة الخليجية لخدمة أهدافها في الحفاظ على الكيان الصهيوني ومواجهة إيران. ولا شك أن دول الحصار استجابت للضغوط الأمريكية. دول التحالف تتبنى التعريف الأمريكي للإرهابيين في المنطقة وعلى الدول المتحالفة أن تمتثل للرغبات الأمريكية في عدم التعامل مع قوى المقاومة العربية، وأن تستمر في صناعة الفتن في نقاط متعددة على الساحة العربية. فهل تورط دول التحالف قطر في حرب أمريكية صهيونية عربية ضد إيران؟ وطبعا الدعم الإيراني لقوى المقاومة في فلسطيني ولبنان يشكل محركا أساسيا في عداء أمريكا لإيران. أي أن حربا على إيران ستفقد الفلسطينيين شريانا أساسيا يقدم مختلف أنواع الدعم للمقاومة. أي أن قدرة المقاومة على مواجهة الكيان الصهيوني ستتأثر سلبا.
الشعب الفلسطيني ينتظر، ويرجو ألا تنحو قطر نحو ذلك التطبيع الخليجي الذي يقدم خدمات كبيرة للصهاينة على حساب فلسطين. ويبقى الانتظار سيد الموقف.