قضايا وآراء

هجوم أوريون.. رسائل بوتين لبايدن

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

في آذار (مارس) من العام 2013 انشغلت وسائل الإعلام الأمريكية بالتهديد الكوري الشمالي؛ فترسانتها من الصواريخ الباليستية قادرة على تهديد الساحل الغربي لأمريكا بما فيه اللاسكا؛ لتنشر وزارة الدفاع الأمريكية منظومة باتريوت للدفاع الجوي للتصدي لهذا التهديد المعلن من الرئيس الكوري الشمالي.

شوارع نيويورك والأماكن العامة انشغلت بالرئيس الكوري الشمالي (كيم جونغ أون) وقنبلته الذرية وصواريخة؛ فـ (كيم جونغ أون) بات من الموضوعات المفضلة في اللقاءات العابرة كحالة الطقس وغيره؛ رغم ذلك لم يكن التهديد الوحيد الذي أشغل وسائل الإعلام الأمريكية؛ فالصحف الرئيسية ومن ضمنها نيويورك تايمز وواشنطن بوست زخرت بالكثير من التقارير والمقالات التي ناقشت التهديد السبراني واستراتيجية التعامل مع العدو الافتراضي الخفي طبعا إلى جانب مناقشة الإغلاقات الحكومية.

الهجمات السبرانية التي تعرضت لها بعض المنشآت الأمريكية في العام 2013 أطلقت العنان للتفكير الاستراتيجي؛ تفكير لم يختلف من حيث الجوهر عن التفكير المقترح لمواجهة الصواريخ الباليستية والقنابل النووية؛ سواء بتعزيز الدفاعات السبرانية أو بتوجيه ضربة استباقية أو انتقامية مدمرة وشاملة من الممكن أن تعطل الشبكة العنكبوتية لتفوق خسائرها الأضرار التي تسبب بها الهجوم الخارجي.

البعض اقترح إغلاق كاملا للشبكة العنكبوتية لوقف الهجمات التي تتهدد الأمن الأمريكي سواء القطاع الصحي أو النقل الكهربائي والقوة النووية؛ بيد أن الإغلاق سيتسبب بوفيات وأضرار كبيرة تمس القطاعات المذكورة.

 

من المؤكد أن روسيا معنية بصياغة علاقة جديدة مع إدراة بايدن بإطلاق مفاوضات جادة تتناول اتفاقية الأسلحة النووية طويلة المدى والقصيرة ولعلها تتوصل مع الإدراة الحالية لاتفاق يستهدف الأمن السبراني؛ فالمواجهة السبرانية رسالة قاسية تذكر القادم الجديد للبيت الابيض بعالم متغير تتربع على قمته الصين وروسيا إلى جانب أمريكا وأوروبا

 



الدفاع السبراني واستراتيجية التعامل مع الهجمات الشاملة معضلة حقيقية؛ إذ يتطلب الأمر تأمين القطاعات المعرضة للضرر وتوفير بنية تحتية تمكن من الصمود في حال اندلاع مواجهة شاملة؛ والبعض اقترح فصل الشبكة العنكبوتية الأمريكية عن العالم معلنا بذلك نهاية نظام العولمة القائم على الشبكة العنكبوتية والإنترنت؛ والبعض طبعا اقترح فصل الكهرباء عن الحواسيب المتضررة وإنشاء نظام إنذار مبكر والرد بالمثل المستشفيات بالمستشفيات وقطاع النقل بالنقل وهكذا.

نقاش شارك فيه المشرعون بالكونغرس؛ فالتهديد السبراني عام 2013 شمل تعطيل وسائل النقل والاتصالات والمستشفيات وشبكة الكهرباء ومؤسسات حساسة كالبنتاغون والمفاعلات النووية والترسانة النووية ذاتها التي دارت شبهات حول وجود خروقات سبرانية وجهت فيها الاتهامات والشبهة حينها للصين وكوريا الشمالية لتكشف الأيام والأشهر فيما بعد عن خروقات عميقة ومؤسسات فاعلة ونشطاء كان أبرزهم أسانج وسنودن.
 
الخروقات والتسريبات فجرت أزمات سياسية في أمريكا أطاحت بوزيرة الخارجية حينها هيلاري كلينتون وألحقت ضررا كبيرا بوزارة الخارجية الأمريكية؛ فالتهديد السبراني جدي؛ ألحق أضرارا كبيرة بالولايات المتحدة ونخبتها السياسية كان ضحيته الأبرز هيلاري كلينتون؛ ليتواصل مسلسل الخروقات والتهديدات فيما عرف بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016؛ فالتهيديد السبراني بات سمة أساسية للتوتر بين القوى الكبرى والإقليمية منذ ذلك الحين .

الجدل ذاته عاد بقوة في اليوم الذي حسم فيه المجمع الانتخابي فوز الرئيس جوزيف بايدن بالإعلان عن هجوم واسع دفع الحكومة الفيدرالية الأمريكية لقطع الكهرباء عن أجهزة الكمبيوتر المتضررة من الاختراق الذي بات يعرف بهجوم أوريون ( Orion)؛ البرنامج الذي ثبتته شركة سولر ويند SolarWinds على أجهزة حاسوب حكومية في إطار عملية تحديث روتينية ما أدى إلى اختراق أكثر من 33 ألف عميل، فالهجوم استهدف وزراة التجارة ووزارة الخزانة الأمريكية؛ وشمل أجهزة الأمن القومي (National security agencies) علما بأن شركة سولر ويند متعاقدة مع أجهزة الدفاع الخمس في البنتاغون فالأضرار لم تحصى بعد ولم يكشف عن حجمها الحقيقي حتى اللحظة.

الكشف عن الهجوم السبراني ترافق مع اتهامات لروسيا؛ فأصابع الاتهام لم تتجه للصين أو كوريا الشمالية أو حتى إيران ليفتتح الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن رئاسته بأزمة كبيرة ستشغل طاقم إدارته لفترة غير قصيرة؛ فهل كان الهجوم رسالة روسية وتذكيرا بقدرات موسكو أم كان مجرد هجمات مجهولة المصدر يراد من ورائها توتير العلاقة بين روسيا وأمريكا بحسب المصادر الروسية؛ إذ دعت وزارة الخارجية الروسية إلى ضرورة تعاون روسي أمريكي لمواجة التهديدات السبرانية التي يواجهها الأمن العالمي.
 
من المؤكد أن روسيا معنية بصياغة علاقة جديدة مع إدارة بايدن بإطلاق مفاوضات جادة تتناول اتفاقية الأسلحة النووية طويلة المدى والقصيرة ولعلها تتوصل مع الإدارة الحالية لاتفاق يستهدف الأمن السبراني؛ فالمواجهة السبرانية رسالة قاسية تذكر القادم الجديد للبيت الأبيض بعالم متغير تتربع على قمته الصين وروسيا إلى جانب أمريكا وأوروبا؛ في المقابل يطرح سؤال مباغت وسريع حول الرسائل التي وجهها العرب لبايدن من خلال التطبيع مع الكيان؟ 
 
hazem ayyad
@hma36

التعليقات (0)