قضايا وآراء

الأسير ماهر الأخرس وهزيمة معتقلي "فرع فلسطين"

نزار السهلي
1300x600
1300x600
بعد 103 أيام من الإضراب عن الطعام، أنهى الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس إضرابه عن الطعام، بعد اتفاقه مع سلطات الاحتلال للإفراج عنه في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، والأهم عدم تجديد اعتقاله الإداري، وتقضية الأيام المتبقية للأسير الأخرس في مستشفى كابلان الإسرائيلي.

منذ السابع والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، تنقل الأسير الأخرس من سجن حوارة، إلى زنازين سجن عوفر ومنها إلى سجن الرملة، الذي تدهور فيه وضعه الصحي ونُقل منه إلى المشفى. واستطاع الأخرس نقل رسائله إلى العالم الذي تضامن معه ومع قضيته، سلاحهُ عزيمته ووسائل الإعلام، واللقاء مع ذويه وأسرته وابنته التي عانقها أمام كاميرات الصحافة، وهو ممدد على سرير مشفى كابلان..

ومن على ذات السرير تمكنت مراسلة تلفزيون النظام السوري إجراء لقاء مع الأخرس، نقل من خلالها رسائل لنظام الأسد وجيشه الذي يُعد "مفخرة" للأسير الفلسطيني مع إنجازاته و"انتصاراته" التي حققها على الأرض السورية، بما فيها على أبناء شعبه في مخيم اليرموك الذي قُصف بطائرات ومدفعية الأسد، وما زال حطام البيوت المدمرة يخضع للسرقة حتى هذه اللحظة.

تحية الأسير الأخرس لجيش الأسد وحربه التي يخوضها ضد الشعب السوري بعد عشرة أعوام من ثورته، ووصف هؤلاء الذين خرجوا على النظام بالتكفيريين والعملاء للخارج، يعيد نفس الأسئلة عن الثقافة التي يتمتع بها أصحاب النضال ضد المحتل الصهيوني، وعلاقة العشق الأبدي مع سفاح شعبهم في سوريا أو مع أي طاغية عربي وغير عربي يتاجر بشعارات فلسطين..

هل يعلم الأسير في سجون الكيان الصهيوني تعداد المعتقلين من أبناء شعبه في سجون الطاغية السوري؟ وكم هو تعداد ضحايا التعذيب في الفروع والزنازين السورية؟

الرسالة التي يمكن توجيهها للأسير ماهر الأخرس، أن يقضي جزءا من وقته الذي سيمتلكه في حرية قادمة في قراءة تقارير أبناء شعبه، وعن الضحايا الذين سقطوا وعن الذين اغتصبهم جلاد الممانعة، دون كاميرات ودون تفخيم للمعاناة، فقد جرى دفن معاناتهم بعد حرقها بأفران بشرية مستوردة من روسيا.. وأن يقرأ أسماء أطباء مخيم اليرموك المعتقلين، والطلبة والمهندسين والأطفال والنساء والنشطاء الذين أعدموا بدم بارد، دون أن يتمكنوا من توجيه رسائل مماثلة للتي توفرت له.

والسؤال هل من المفيد قراءة ومراجعة ما يجري بعد عشرة أعوام إنكار؟ وهل هي الضمائر والأخلاق ذاتها التي تتملك الأسير والمعتقل، إن كان في زنزانة العدو أو معتقل الطاغية؟

جرائم الطاغية السوري لا يحب رؤيتها ولا سماعها ولا مناقشتها خريجو مدارس النضال الثوري الفلسطيني، وقد أسقطوا (من مفردات معرفتهم الواسعة عن عمالة السوريين وارتباطهم بمشاريع الإمبريالية الكونية) معرفتهم بمسلخ "فرع فلسطين" البشري، وعذابات ومعاناة ينكرها أصحاب النضال الحصري المسجل بعملقة النضال ضد المحتل، وتقزيمه وإخفائه لصالح الطاغية، الذي يتاجر بفلسطين وفرعها القائم ببنائه الحاوي أجساد آلاف المعتقلين والأسرى من مخيمات اللاجئين في سوريا؛ من أبناء القدس وحيفا ويافا وأم الزينات وطبريا وغزة وصفد، إلى جانب أشقائهم السوريين.

والأسير الفلسطيني الذي حظي بالانتقال لمشافي السجون الصهيونية، ورعاية طبية وإعلامية وفسحة إنسانية لعناق الأحبة والأبناء؛ لم يسمع ولم يقرأ من ثقافته الواسعة أن هناك زنازين أخرى تخنق هامات رجال ونساء وأطفال فلسطين في فرعها السوري.

لا أخبار تصدر من هناك، في أقبية التعذيب والمسالخ البشرية، لا كاميرات ولا تقارير مصورة، فقط صور مهربة جالت القارات الخمس دون اهتزاز لضمائر البشرية، وفوقها إنكار من زنزانة لمسلخ لم يظهر منه سوى الوشم المهرب من صورة لجثث معذبة ومرقمة الجباه، بدت على ذراع بعضها خارطة فلسطين في فرع فلسطين، والصورة أيضا لرجال الأسد الضاحكين فوق الجثث، والذين وصلتهم تحية الأسير الأخرس، وتحيات بقية المناضلين في حاكورة الإنكار المستمر لمذابح شعبهم في سوريا.

ينتصر الأسير ماهر الأخرس بأمعائه الخاوية على الجلاد الصهيوني، ويتضامن معه شارع عربي وغربي، بمن فيهم اليهود المتضامنين مع عدالة قضيته، بينما يُهزم الأسير الفلسطيني والمعتقل في "فرع فلسطين" الأسدي، وتهزم جثث مئات آلاف المعتقلين المجهولة المصير من سوريا وفلسطين، فلا يجرؤ أحد على توجيه سؤال لأسد الممانعة عن أحقية أبناء فلسطين في فرعها السوري بمصير مشابه لمصير الأخرس.. هل يتمتعون بحق الإضراب عن الطعام وتوجيه الرسائل وعناق الأحبة؟ هل سمع نزلاء زنازين العدو بهم كما سمعنا به؟

مخجلة ومعيبة تلك المقارنات التي تقارن وزن جثث نزلاء فرع فلسطين الأسدي وتلك المناضلة في وجه هراوة الجلاد الصهيوني، لا مقارنة هنا ولا هناك، ولا زنزانة عن زنزانة تختلف إلا بنزيلها؛ وقد أصبح حراً أو مناضلاً لا يرى إلا نفسه، وقد اختفت فلسطين وفرعها ومخيماتها وحطامها لصالح جلادٍ يَحضرُ دوماً على لسان المناضلين كردٍ لوفاء سحقهِ جثث عشرات الآلاف، لنعرف كيف يكون الانتصار على المحتل، وكيف يَهزم الطاغية أحلام الحرية بُنزلاء زنازين العدو وهم يهتفون تمجيدا لعصاباته وجرائمهِ.

twitter.com/nizar_sahli
التعليقات (1)
رائد عبيدو
الأربعاء، 11-11-2020 03:40 م
إذا كان بعض الخونة الذين يسمحون برفع علم الصهاينة في عواصمهم أو يتبادلون المليارات مع هؤلاء الإرهابيين أو يستقبلونهم في قنواتهم أو ملاعبهم أو فنادقهم يحظون بتبجيل جماعات من فلسطين وسوريا وغيرها تزعم أنها ترفض الظلم وتتمسك بالإسلام وتريد تحرير فلسطين فلا عجب أن يلقى بعض السفاحين الأحياء والأموات تبجيلا مشابها، ولا غرابة أن يذم من يسمي أمير الكويت -الذي وقف مع السيسي وسلمان وسمح للقوات الأمريكية التي يستضيفها في بلاده بقصف العراق- أميرَ الإنسانية شخصا يمدح بشار الأسد، لكن العجب هو في أن ترى مجموعات تمدح اردوغان رغم علاقاته مع الصهاينة ومع كبيرهم ترمب ومع أبرز حلفاء النظام السوري وهي تنتقد أسرى يقفون مع الأسد.