هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت مجلة "إيكونوميست" إن مصر تحضر "لمهزلة
انتخابات جديدة تعكس مشاكلها". لكن البرلمان سيكون مليئا بالنواب المتملقين للسيسي.
وأشارت المجلة في تقرير ترجمته
"عربي21"، إلى أن الانتخابات الحالية وبمعايير مصر حيث يتم شراء الأصوات
وسجن المعارضين، ليست ديمقراطية. فعبر الاستفزازات والمعوقات البيروقراطية
والاعتقال قام النظام بتنظيف الساحة من معظم نقاده. ويتنافس المرشحون للظهور بمظهر
من هو أكثر تأييدا للسيسي.
فيما يضخ رجال الأعمال الأثرياء المال للأحزاب
التي تدعمها الدولة. ومع أن النتائج لن تظهر إلا في كانون الأول/ديسمبر إلا أن
النتائج واضحة، فسيكون البرلمان حافلا بالساسة الذين يتملقون للرئيس.
وفي 2018 قال السيسي: "أنا لست سياسيا،
وهذا كلام". ومعظم حكومته من التكنوقراط فيما عين معظم حكام المحافظات من
الجنرالات المتقاعدين من الجيش وقوات الأمن.
وتقول المجلة إن السيسي يتصرف وكأنه فوق الخلاف
لكن رجاله يغوصون في وحل السياسة، فرجاله يسيطرون على البرلمان ويحلبون أنصارهم،
عبر عدد من الأحزاب الكبيرة. وأكبرها يدعى حزب مستقبل وطن والذي يقال إن المخابرات
العسكرية هي التي أنشأته.
ويزعم المرشحون أن الأماكن على قائمة المرشحين
بيعت بملايين الجنيهات المصرية. وسخرت صحيفة موالية للدولة من عمليات الشراء حيث
صورت نائبا في البرلمان وهو يحمل كرسيه الخاص إلى داخله لأن الكراسي فيه باهظة
الثمن. وعندما زعم محام مؤيد للسيسي في فيديو بث على يوتيوب أن المقاعد في
البرلمان بيعت تم اعتقاله حالا.
وتنفي الحكومة مزاعم بيع المقاعد لمن لديه مال
أكثر. كما يمنح مقعد في البرلمان رجال الأعمال سببا للتفاخر، فهو لا يعطيهم حصانة
من المحاكمة فقط، وهو رصيد جيد لكل من يريد التعامل بالتجارة في بلد ينتشر فيه الفساد،
بل ويقربهم إلى السلطة حيث بات القطاع الخاص يتنافس مع المؤسسة المفضلة للسيسي وهي
الجيش. وهناك تذمر من رجال الأعمال بسبب بصمات الجيش الواضحة على الاقتصاد،
فالشركات التي يملكها أو تلك المرتبطة به تصنع الثلاجات وتفتح الطرق وتصنع
المعكرونة.
اقرأ أيضا: هكذا تحولت شوارع مصر للافتات مؤيدة لتعديلات الدستور (صور)
ويدير الجيش الفنادق والمستشفيات ومعظمها معفاة
من ضريبة القيمة المضافة أو تعرفة الاستيراد. وبهذه المميزات يعيث اقتصاد الجيش
الخراب في القطاع الخاص. فمثلا قطاع الإسمنت الذي كان يعاني من وفرة بالعرض، عندما فتح الجيش مصنعا جديدا في 2018 علقت الكثير من المصانع إنتاجها. وسيغلق عدد
منها أبوابه وللأبد حالة استمرت الزيادة في الإنتاج. ولعدم وجود آليات لتقديم
معلومات فهذه التحذيرات لن تصل إلى الرئيس أو المقربين منه.
وقالت المجلة إن هؤلاء يفضلون تقارير مدح من
صندوق النقد الدولي، الذي قدم لمصر قرضا بـ 12 مليار دولار في 2016، بعدما عومت
العملة وخفضت من الدعم على المواد الأساسية. وينسب أنصار النظام له الفضل بعدما
أعاد الأمن والاستقرار في المرحلة المضطربة التي أعقبت الإطاحة بنظام حسني مبارك
في 2011. وكانت السياحة والاستثمار الأجنبي في تزايد قبل كورونا.
وسجل الاقتصاد نموا في 2019 بنسبة 5.6% وهو
الأسرع من بين الاقتصادات الصاعدة. لكن النمو مرتبط بانتعاش قطاع النفط والغاز
الذي تسيطر عليه الدولة. فالشركات الخاصة لا تحقق نموا جيدا. ويظهر مؤشر مدراء
المشتريات تراجعا في القطاع غير النفطي منذ وصول السيسي إلى السلطة.
ولا يحصل المصريون على دخل مثلما كانوا يفعلون
قبل 4 أعوام. وزاد مستوى الأشخاص الذين يعتبرون فقراء حسب الحكومة من 28% عام 2015
إلى 33% في العام الماضي. كما عانت الطبقة الفقيرة والمتوسطة أكثر من آثار التقشف
الذي تطبقه الحكومة. وزاد انتشار فيروس كورونا الأوضاع سوءا. وتحدى المئات في
الشهر الماضي الحظر على التجمعات للتعبير عن سخطهم.
وتمتع المصريون في ظل الرئيس السابق حسني مبارك
الذي حكم ما بين 1981- 2011 بحرية أوسع للتعبير والشكوى. وحصل رجال الأعمال على
تأثير من خلال الحزب الوطني. وتم التسامح مع أحزاب المعارضة (مع أنها لم تعامل
بإنصاف). وكان بإمكان المرشحين المعارضين التحدث مع الناخبين والاستماع إلى
مظالمهم والوصول إلى البرلمان. واعتُبرت الانتخابات كصمام تنفيس حتى 2010 عندما شدد
مبارك القيود ونظم عملية مزورة، وبعد شهرين خرج الملايين الذين طالبوا برحيله.
لكن السيسي المعروف بحساسيته ليس ميالا لمنح
المصريين فرصة للتنفيس عن حنقهم. وتعلم من مبارك أن منح السكان حرية أكبر للتعبير
عن أنفسهم تعني الإطاحة به. وفي آب/أغسطس أرسل له الناخبون رسالة عندما امتنعت
نسبة 85% عن التصويت في مهزلة أخرى لانتخاب مجلس الشعب. وكان رد الدولة الغريب هو
اتهامهم جميعا- 54 مليون نسمة- بخرق قانون الانتخاب.