هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يكن الطالب أحمد دراغمة متحمسا للعودة إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع استمر ستة أشهر إثر جائحة كورونا، لكن السبب هذه المرة مرتبط باحتلال ينغص حياتهم الدراسية بمدرسة قرية اللبن الشرقية الواقعة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة.
تقع المدرسة على
الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس، وحوّله الاحتلال إلى شارع يخدم
المستوطنين للوصول إلى عدة مستوطنات أقيمت جنوب نابلس، حتى بات مصدرا للاعتداء على الطلبة الفلسطينيين خدمة للمستوطنين.
وأثناء توجه
الطالب أحمد دراغمة إلى مدرسته برفقة عدد من أصدقائه مع بداية العام الدراسي
الجديد، أصبح مشهد آليات الاحتلال وجنوده ومستوطنيه المنتشرين قربها مألوفا، بما يعكر
صفو العملية التعليمية.
ويقول دراغمة لـ"عربي21"
إنه يحب مدرسته ويسعى للتخرج منها بمعدل عال، لكنها تختلف عن بقية المدارس بسبب
الاعتداءات المستمرة من الاحتلال ومستوطنيه، حيث ينشغل الطلبة برحلة الذهاب
والإياب من المدرسة سالمين.
اقرأ أيضا: حملة اعتقالات بالضفة.. وإصابة شاب بمواجهات مع الاحتلال
وفي المنطقة
مدرستان للمرحلة الثانوية أقيمتا قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، ويرتادهما أكثر
من 800 طالب وطالبة، وتخدمان الفلسطينيين من قرى جنوب مدينة نابلس (اللبن الشرقية
والساوية وعمورية)، ومع تحويل الاحتلال الشارع الرئيسي الواقع قربهما لشارع استيطاني
باتت حياة الطلبة محفوفة بالخطر.
ويوضح الطالب أن
جنود الاحتلال احتجزوه وزملاءه عدة مرات أثناء توجههم إلى مدرستهم أو مغادرتها، إلى
جانب الاعتداءات اللفظية عليهم ورشقهم بالحجارة من قبل المستوطنين.
اعتداء ممنهج
ولا يقتصر
الاعتداء فقط على الطلبة، بل يطال المعلمين والمعلمات العاملين في المدرستين والمباني
التابعة لهما، حيث اقتحم جنود الاحتلال المدرستين عدة مرات وأطلقوا القنابل
الغازية والصوتية، وخلعوا في أحد الاقتحامات السياج المقام على أسوارها، وعرقلوا
وصول المعلمات للمدرسة ومنعوهن من الخروج منها.
وبحسب الرئيس
السابق لمجلس قرية اللبن الشرقية سامر عويس فإن الأهالي أصبحوا يضطرون لاصطحاب
أبنائهم للمدرسة خوفا عليهم.
ويقول عويس لـ"عربي21"
إن أعضاء المجلس القروي أصبحوا يشكلون واجهة حماية للطلبة من خلال التواجد الدائم
أمام المدرسة لمنع اعتداءات الجنود، مبينا أن حياة الطلبة معرضة لخطر شديد في معظم
الأحيان.
ويوضح أن هدف
المستوطنين هو إغلاق هذه المدارس كي يتسنى لهم السيطرة على الأرض المقامة عليها.
ويبين عويس أن جنود الاحتلال أقاموا ثكنة عسكرية على مداخل المدرستين بحجة حماية المستوطنين، ويشمل ذلك الاعتداء الجسدي والنفسي على الطلاب والطالبات أثناء ممارسة حقهم الطبيعي في التعليم.
مطامع أبعد
أما الطالبة
ميار عويس، وابنة الصف الأول الإعدادي وترتاد المدرسة منذ عامين، فلا تستطيع الوصول
إليها وحدها.
وتقول لـ"عربي21"
إنها تفاجأت في أول أيام الدوام المدرسي، الأحد الماضي، بوجود آلية عسكرية تغلق
مدخل المدرسة وتمنع الطالبات من العبور.
وتضيف: "الجنود يقومون باستفزازنا طمعا في خلق إشكاليات تؤدي إلى إغلاق المدرسة كما حدث
عدة مرات سابقة، لكننا اعتدنا على تجاهل الجنود مهما فعلوا لأننا نعرف أهدافهم
ومطامعهم".
وإلى جانب شرح المعلمين
قواعد ونظم التعليم الأساسية للطلاب، يقع على عاتقهم توجيههم إلى كيفية التعامل مع
اعتداءات الجنود المتمركزين باستمرار على
أبواب المدرسة، وكيفية إخلائها عند حدوث إطلاق قنابل غازية صوبها.
ويؤكد مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس أن المستوطنين يبذلون جهدهم من أجل إغلاق المدرسة دون أي مبرر لذلك.
اقرأ أيضا: فيروس الاحتلال هو الأخطر من كل الفيروسات
ويقول لـ"عربي21"
إن الاحتلال وبسبب شكاوى المستوطنين المتكررة عرض على أهالي قرية اللبن إقامة شارع
ترابي يمر من خلف المدرسة كي يسلكه الطلبة، ولكنهم رفضوا بسبب نية الاحتلال سرقة
الأراضي المقام عليها الشارع وما حوله، وكذلك بسبب عدم وجود ممرات آمنة للطلبة من
خلف المدارس، كما أن ذلك يعني إغلاق مداخلها.
وبعد ذلك أنشأ الاحتلال رصيفا بعرض متر واحد فقط مسيج بسياج حديدي على طول كليومترين من أجل مرور الطلبة، لكن ذلك لا يعني إلا حماية المستوطنين فقط والذين ينزعجون من مرور الطلبة على الشارع الذي يعتبرونه مخصصا لهم.
ويوضح دغلس أن
هذا الرصيف الضيق لا يخلو من اعتداءات جنود الاحتلال، حيث يقفون عليه ويمنعون مرور
الطلبة في كثير من الممرات ويستفزونهم ويضايقونهم ويعرقلون بعضهم كي يسقطوا أرضا،
وفي المقابل لا يمكن للطلبة الشكوى أو الاحتجاج لأن ذلك سيعني إغلاق مدرستهم بكل
سهولة.
وعلاوة على ذلك
يشتكي المستوطنون من صوت مكبر الصوت في المدرسة بحجة الإزعاج، كما حاولوا إحراق
المدرسة وأغلقوا بوابتها عدة مرات.
ويتابع: "مطامع
الاحتلال أبعد من مجرد مرور الطلبة، فهو يسعى للسيطرة على الأراضي المقامة عليها
وكذلك تأمين مرور المستوطنين على الشارع الذي لا يريد لأحد من الفلسطينيين المرور
عليه، فمطامع الاحتلال لن تتوقف وسيكون التمادي سيد الموقف إذا وافقنا على أي
تنازل لهم".
يشار إلى أن
الاحتلال حول خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 إحدى المدرستين
لثكنة عسكرية وأقام فيها خياما للتحقيق مع الفلسطينيين بعد اعتقالهم من القرية، والمدرستان
هما الوحيدتان في الضفة اللتان أقام بقربهما الاحتلال شارع رئيسيا للمستوطنين ما
يعرقل وصول الطلبة إليهما بشكل دائم.