هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مرت الذكرى الثانية والأربعين لتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، التي تتزامن مع قرار إماراتي بحريني قد يلحق به دول عربية أخرى بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وسط تساؤلات عن تأثير الاتفاقية الموقعة في 17 أيلول/ سبتمبر 1978، وحجم مسؤولية الرئيس المصري أنور السادات عما يحدث اليوم من تطبيع.
البعض جزم بمسؤولية "كامب ديفيد" عن هذه الحملة من التطبيع الآن، ويقولون لولا تلك، ما كانت هذه، فيما يرى آخرون أن الفاصل الزمني كبير وأنه لا مبرر للإمارات والبحرين ومن سيلحق بهما كالذي كان يقول به السادات، فلا حدود مشتركة ولا حروب بينها ولا أرض محتلة لها.
وأعلنت الإمارات التطبيع السياسي والاقتصادي والشعبي مع إسرائيل في 13 آب/ أغسطس الماضي، وتبعتها البحرين بنحو شهر، ومن المنتظر أن يتبعهما دول عربية أخرى، حسب تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
"نظرية السم البطيء"
وفي رؤيته، ذكر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق الدكتور عبدالله الأشعل، قول الشاعر: "ومَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ... غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ"، موضحا أن "مصر هي غزية، التي غوت فغوى العرب بعدها".
اقرأ أيضا: تواصل الرفض العربي لتطبيع أبو ظبي والمنامة مع الاحتلال
الأشعل، أكد بحديثه لـ"عربي21"، أن "السادات ارتكب جريمة بحق مصر والأمة العربية، ليس عن قصر نظر -رغم أن العسكر جميعهم قصيرو النظر- لكنه من بدأ المأساة، وقلت حينها إنها خطوة تفتقر للرؤية الاستراتيجية، وتدمر مصر، وتمكن للمشروع الصهيوني".
وأشار السفير السابق، إلى أهمية ما فعله السادات بالنسبة للكيان المحتل، موضحا أنه "في كانون الثاني/ يناير 1980، اعتبرت مجموعة المؤرخين الجدد في إسرائيل أن اتفاقية السلام هي الميلاد الثاني لإسرائيل".
وأكد أنه رغم أن "الفاصل الزمني 4 عقود بين اتفاقية السادات وتطبيع الإمارارت، إلا أن إسرائيل خططت لهذا، وعندما قررت قيام دولتها خططت قبلها بـ50 سنة، وما أحدثه السادات صار كمفعول السم البطيء الذي انتشر في الجسد العربي".
وأشار أيضا إلى قول "رئيسة وزراء الكيان جولدا مائير: سيأتي اليوم الذي يقابل أبناؤنا في الدول العربية جيش إسرائيل بالورود"، لافتا إلى أن "إسرائيل عملت على نار هادئة وحطمت صنم عبدالناصر في 1967، وكامب ديفيد كانت هي البداية لما بعدها من جرائم التطبيع".
"حسابات الأنظمة وقناعات الشعوب"
وفي إجابته على التساؤل: هل بدأ السقوط العربي من "كامب ديفيد" أم إن حدود الزمان والمكان تبرئ الرئيس السادات؟ قال الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي: "أولا: يجب التفرقة بين حسابات الأنظمة الحاكمة من ناحية، وقناعات الشعوب من ناحية أخرى".
النائب السابق لرئيس تحرير وكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية الحكومية، أكد لـ"عربي21"، أن "النظم العربية الحاكمة ترى دوما أن الدعم الأمريكي- الغربي هو العامل الأساسي لاستمرار بقائهم في الحكم والسلطة".
وأضاف: "من هذا المنظور يمكن اعتبار (كامب ديفيد ١٩٧٩)، بداية (هرولة) الأنظمة العربية للتطبيع ليس خدمة للقضية الفلسطينية أو إزالة الاحتلال أو الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، بقدر كونها خدمة للحاكم الفرد وبقاء نظامه المستبد، الذي لا يعبر عن شعبه ولا يمثله خير تمثيل".
وتابع، الشرقاوي: "لو افترضنا أن الدول العربية جميعها أصبحت نظما ديمقراطية تنتخب حكامها بشفافية ونزاهة، هل تتصور أن مواقف هذه النظم (الديمقراطية) من التطبيع سيكون نفس موقف النظم الحالية؟ بالتأكيد: لا".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: أسئلة عديدة وراء إشادة مصر بتطبيع الإمارات
ولفت إلى أن "الكيان الصهيوني يعرف ذلك جيدا، ويحرص على تنصيب ودعم ومساندة الحكام الطغاة في بلادنا؛ لأنه يدرك أن الشعوب العربية إذا حكمت بلادها وانتخبت ممثلين حقيقيين لها، فإن مواقف بلادهم العربية والإسلامية من التطبيع مع الكيان الصهيوني ستكون مختلفة عن مواقف النظم الحالية منها".
وخلص الكاتب الصحفي المصري للقول؛ إن "شعوب الأمتين العربية والإسلامية لم تتسلم بعد ملف التعامل مع الصراع العربي الصهيوني منذ تأسيس الكيان ١٥ أيار/ مايو ١٩٤٨ وحتى الآن".
وجزم بأنه "عندما تتسلم الشعوب وممثلوها الحقيقيون هذا الملف، فسوف يختلف الأمر برمته، وربما عندئذ لا نتحدث عن كامب ديفيد أو الهرولة نحو التطبيع كما تفعل الأنظمة الحالية".
"البداية من الكيلو 101"
الكاتب الصحفي والمعارض اليساري المصري حسن حسين، أرجع الأمر تاريخيا إلى ما أبعد من كامب ديفيد، إلا أنه في النهاية أكد أن المعاهدة سبب ما نحن فيه من هرولة نحو التطبيع.
حسن، قال لـ"عربي21"؛ إن "رحلة السقوط العربي بدأت من مفاوضات فض الاشتباك بخيمة الكيلو 101، بين مصر وإسرائيل بإشراف الأمم المتحدة لتحديد خطوط وقف إطلاق النار أعقاب حرب أكتوبر 1973؛ ثم انفرطت حبات المسبحة".
وأضاف: "لم تكن كامب ديفيد سوى أحد نتائج المفاوضات المصرية الصهيونية برعاية وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر في أثناء حرب أكتوير 1973 ".
ويعتقد حسين أن "نظام كامب ديفيد القائم الآن؛ هو استمرار لما بدأه السادات"، مضيفا: "ولا ننسى أن السيسي آلى على نفسه قيادة مسيرة التطبيع؛ عندما نادي صراحة بالسلام الدافئ".
وفي ختام حديثه قال الصحفي والمعارض: "وبالطبع لولا ما فعله السادات ما وصلنا لما نحن فيه الآن".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعاد نشطاء نشر صورة لخارطة فلسطين المحتلة، في ذكرى ما أسماه البعض توقيع "معاهدة العار" الشهيرة بـ "كامب ديفيد".
كما دشن أعضاء بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين حملة توقيع لرفض التطبيع، ودعوا ببيان لهم النقابات المهنية والعمالية لتجديد قراراتهم بحظر التطبيع.
وحمّل البعض السادات واتفاقية كامب ديفيد المسؤولية، وقال الكاتب الصحفي المعارض وائل قنديل عبر صفحته بـ"فيسبوك": "لولا تلك، ما كانت هذه"، مؤكدا أن "رحلة السقوط بدأت من كامب ديفيد".
وقال الأكاديمي المصري الدكتور هاني سليمان، عبر "فيسبوك": "نحن السابقون وهم اللاحقون".
وعلى الجانب الآخر، أكد نشطاء أن اتفاق السلام المصري الإسرائيلي والأردني الإسرائيلي، لم يصل للتطبيع الذي تحقق باتفاقيتي الإمارات والبحرين.
وقال الناشط مصطفى كمشيش، إن معاهدتي مصر والأردن، قل فيهما ما شئت قبولا أو رفضا؛ ولكن منذ عقود ولم يصل قطارهما إلى محطة التطبيع بعد، مؤكدا أن "معاهدة الإمارات والبحرين، التطبيع محطته الأولى".