قضايا وآراء

سبع سنوات على مذبحة رابعة والدماء لم تجف!

خالد الشريف
1300x600
1300x600
هي جريمة حرب وإبادة ضد الإنسانية، بل أكبر جريمة قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث، تمت ضد معتصمين سلميين كل ذنبهم أنهم يرفضون انقلابا عسكريا غاشما ضد رئيس منتخب؛ فكان جزاؤهم القتل والإبادة في وضح النهار وأمام عدسات الفضائيات.

أعتقد أن جريمة مذبحة رابعة دُبرت بليل لإدخال مصر في نفق مظلم؛ من أجل تدمير الدولة المصرية وتجريف الساحة الوطنية والإسلامية من دعاتها وعلمائها ومناضليها الأحرار.

رابعة جريمة بشعة لم يُعرف عدد ضحاياها حتى الآن، لكنهم تجاوزوا الألف، ولم يُعرف مصير المفقودين فيها حتى الآن، بل لم يخضع القتلة والمجرمون للحساب ولا للعقاب. والضحايا إما في القبور أو السجون أو مطاردون في المنافي، بل الأغرب أن الضحايا خضعوا للمحاكمات تحت مسمى قضية "فض رابعة" وحُكم على 75 منهم بالإعدام. وضع معكوس في ظل انهيار منظومة العدالة في مصر بعد الانقلاب العسكري ضد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي رحمه الله.

قطعا يتحمل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وعصابته المسؤولية كاملة عن جرائم مجازر رابعة، وفي ذات الوقت تتحمل النخبة السياسية، متمثلة في جبهة الإنقاذ وحزب النور، المسئولية السياسية عن تلك الدماء الزكية التي سالت في رابعة.. هذه النخبة السياسية التي تحالفت مع السيسي للانقلاب على رئيس منتخب ظنا منها أنها تزيح منافسا قويا (وهو الإخوان المسلمين) عن الساحة السياسية، فإذا بها تنقلب على جميع فئات الشعب فتتحول مصر إلى بركة من الدماء.

كما يتحمل المسئولية الإعلامُ الذي فقد المهنية، وقام بشيطنة اعتصام رابعة، وزيّف الحقائق، وروّج الأكاذيب من أجل التخلص من هذا الشباب الطاهر النقي الذي يدافع عن حريته وثورته.

لقد كرّس هذا الإعلام الانقسام والاستقطاب بين المجتمع المصري لأول مرة حتى صار شعبين، ورقص بعضهم على جثث الشهداء، وهي مشاهد مفجعة لا يمكن أن تنسى أو تمحى من الذاكرة الوطنية للأسف الشديد.

وكان من أكبر تداعيات هذه المجزرة الانقلاب على الحريات وتحويل مصر لسجن كبير، فتصاعدت وتيرة القمع والكبت ضد جميع المصريين بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية، بل تمزقت الحياة السياسية في مصر وماتت بموت الأحرار في رابعة.

الأخطر من وجهة نظري هو الانقلاب على الثوابت الوطنية، وتمدد عصابة الانقلاب خارج حدود مصر لتخريب الربيع العربي. وقد أصبحت إسرائيل حليفا وشريكا استراتيجيا لعصابة الانقلاب، بينما الإخوان وحماس وجميع ثوار الربيع العربي إرهابا يجب أن يحارب ويحاصر.

ثم كانت الكارثة في تدمير الدولة المصرية وتآكلها، والتفريط في أراضي وحقوق المصريين، فتم التفريط في تيران وصنافير ومياه النيل وحقول الغاز في شرق المتوسط، بل وإفقار مصر وتكبيلها بالديون والقروض من خلال صندوق النقد الدولي.

وللأسف الشديد، رغم مرور سبع سنوات لا يزال سوط السيسي يدمي ظهور الناجين من مجزرة رابعة والمتعاطفين مع ضحاياها، بل لا يزال السيسي يذبح الأحرار في السجون والمعتقلات بسلاح الإهمال الطبي ومنع الزيارات وسوء المعيشة في زنازين انفرادية عديمة التهوية.

لعلنا فُجعنا جميعا بنبأ وفاة الدكتور عصام العريان، القطب الإسلامي المعروف وصاحب التاريخ الطويل في النضال من أجل الحرية والعدالة، وقد مارس نظام السيسي هويته في الانتقام من الأموات، فتم دفن جثمان الدكتور عصام العريان بليل، وحرمان أهله وأحبابه وتلاميذه من وداعه إلى مثواه الأخير.

ولم تمر أيام حتى اكتشفنا وفاة المعتقل مصطفى الجبروني داخل محبسه في سجن طرة بالقاهرة، دون إخطار أسرته لاستلام الجثمان والقيام بإجراءات الدفن. والجبروني محبوس احتياطيا منذ ثلاثة شهور، وهو عضو بحركة "6 أبريل"، لنتأكد جميعا أن مذابح رابعة مستمرة، والدماء الزكية تتدفق ظلما وعدوانا على يد هذا النظام المتوحش.. فرابعة ليست مجزرة لبضع آلاف أو مئات من الإسلاميين، بل هي كارثة ضخمة حلت على مصر والوطن العربي.. أعتقد أنها لن تزول وتنقشع إلا بزوال السيسي وعصابته.

"وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبا".
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الأربعاء، 19-08-2020 05:59 م
... مجزرة رابعة ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، ولكنها ليست حدث عارض منفرد، ولا يصح تناولها بمعزل عن مسار الأحداث والجرائم الأخرى التي ارتكبت ضد الشعب المصري منذ يوم الثورة الأول والمستمرة إلى اليوم، وبهدف واضح ومباشر ألا وهو إخضاع المصريين جميعاً بكافة طوائفهم واتجاهاتهم، وتحويلهم إلى مسوخ خانعة مشوهة العقيدة فاقدة العقل والإرادة، فالأحداث أثبتت أن الانقلاب خطط له ودفعت إليه قوى أضحت معروفة، فعندما هرولت آشتون مفوضة الاتحاد الأوروبي لمسرحية لقاء الرئيس الشهيد مرسي بعد اعتقاله، وهي مرتضية بأن يربط العسكر الانقلابيين على أعينها غمامة وتسير معهم عمياء كما ادعت، كان الهدف إقناع الرئيس بالاستقالة لإضفاء الشرعية على جنرالهم المنقلب، كما سجل على ترامب قوله صراحة عن الجنرال المنقلب إنه دكتاتور مجرم وقذر ولكنه دكتاتورنا، فقد دربوه في بلادهم لسنوات، وزرعوا فيه عقيدته الفاسدة وافكاره العقيمة، ووقفوا بجانبه لتمكينه من حكم البلاد وقمع شعبها، وهم الذين يحركونه، ويشاركونه في حمل وزر جرائمه، مع الذين مولوه من أثرياء الخليج حفاظاً على عروشهم واستمراراُ لباطلهم، والأحداث تثبت كل يوم أهدافهم الدنيئة، وحقيقة من يحرضهم ويحركهم، فقد اصطف أمراء آل سعود وانحنوا لتحية إيفانكا ترامب عارضة الأزياء السابقة المتهودة، وزوجها جاريد كوشنر اليهودي مبدين لهم فروض الطاعة والولاء والخضوع، وأغدقوا عليهم بأموالهم الحرام نيلاُ لرضاهم، أما حديث الكاتب عن الإعلام الذي فقد المهنية وانهيار منظومة العدالة في مصر بعد الانقلاب، فهؤلاء وهؤلاء لم يكونوا في يوم من الأيام قبل الانقلاب أو بعده، إلا عبيداُ خانعين، واتباعاُ مطيعين، لكل من بيده السلطة، منفذين لإرادته، ومروجين لدجله، ومبررين لجرائمه، ويشاركهم من يحاول اليوم إجهاض الثورة القادمة قريباُ لا محالة من طبقات الشعب الدنيا اصحاب المصلحة الحقيقية، والمروجون لمٌصالحةٍ كاذبة هي في واقعها استسلام وخنوع لمن يريد طمس هويتنا وقمع إرادتنا وتغييب عقيدتنا، والله أعلم.