قضايا وآراء

لماذا يصمت نظام السيسي بعد ضياع مياه النيل؟

خالد الشريف
1300x600
1300x600
الأنظمة الاستبدادية العسكرية لا تأتي بخير مطلقا، فهي أنظمة فاشية تفقر الشعوب وتضعف الأمم وتنشر الأمراض. فلم نسمع عبر التاريخ عن انقلاب عسكري نشر الرخاء والتقدم في بلاده، ولم نسمع عن نظام انقلابي عمت الديمقراطية أو الحريات في عهده، بل كما قال ابن خلدون: "الاستبداد مؤذن بخراب العمران".

هكذا لا نستغرب أن النظام الفاشي بقيادة السيسي في مصر فاشل، أضاع حقوقنا التاريخية في مياه النيل الذي عمره 30 مليون سنة.

نعم؛ انتصرت إثيوبيا ورقصت فرحا منذ أيام باستكمال بناء سد النهضة والانتهاء من ملء خزانه في المرحلة الأولى بقرارات إثيوبية منفردة. وبكل استفزاز قال وزير خارجيتها: "النيل لنا".. في المقابل التزم أشاوس النظام الذين يقهرون الشعب ليل نهار الصمت، وبكل خزي وعار يستمرون في المفاوضات. وصدق القائل:

أسدٌ عليّ وفي الحروبِ نعامةٌ    رَبْدَاءُ تَجفلُ مِنْ صفيرِ الصّافرِ

الحقيقة المرة، والكل يعرفها، أن مصر خسرت حقوقها التاريخية في مياه النيل على يد السيسي بتوقيع اتفاقية المبادئ 2015، دون تأكيد حقوقها القانونية والتاريخية، في مقابل موافقتها على بناء سد النهضة، ولم يترك السيسي لنا مجالا للمقاومة أو الاعتراض، حتى في حال التنازع أو مخالفة إثيوبيا في بناء أو ملء السد بقرار منفرد. وقد نصت المادة العاشرة من اتفاقية المبادئ على:

- "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق، من خلال المشاورات أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا، إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/ رئيس الحكومة".

فالمادة لا تنص على اللجوء لمجلس الأمن أو المحكمة الدولية، بل أعطى السيسي صك الموافقة لإثيوبيا بحسن نية أو سوء نية، لكن المسؤولية تقع على عاتق رئيس السلطة الذي يجب محاكمته فورا لضياع النيل.

وللأسف الشديد؛ حالة الضعف والوهن والفشل التي تعيشها مصر منذ انقلاب السيسي، مكّن إثيوبيا من التلاعب والمراوغة في استكمال بناء السد وملئه بقرارات منفردة. فطاقة الجيش المصري مستهلكة منذ الانقلاب في مطاردة شبح الإرهاب الذي يتمدد كل يوم في سيناء، ومستهلك في ملاحقة المعارضين لانقلاب السيسي، وقبلها المتظاهرين في الشوارع والميادين. وجاءت الفرصة سانحة في ظل قمع السيسي واستبداده في توسعة التغلغل الإسرائيلي بدول حوض النيل، الذي يهدف من سنوات لتهديد أمن مصر القومي في الجنوب، مع زيادة معدلات نفوذ الصهاينة في الدول منابع النيل. خطة قديمة نفذتها إسرائيل الآن في أثناء حكم السيسي، الذي جعل أمن المواطن الإسرائيلي وسلامته في مقدمة اهتماماته السياسية.

جميعنا شعرنا بالإهانة والعار من إعلان إثيوبيا عن فرحتها لملء سد النهضة، ولم يبق من خيار سوى الرد العسكري الذي لا يملكه أحد سوى القوات المسلحة، حفاظا على حقنا في الحياة وحقنا في مياه النيل وحق الأجيال القادمة.

وكلنا يشاطر فاروق جويدة شاعرنا الكبير أطال الله في عمره حينما قال:

يا عاشقَ الأرضِ كيف النيلُ تَهجُرُهُ؟   لا شيءَ واللهِ غيرُ النيلِ يُغْنينا
التعليقات (0)