هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
باتت
الحكومة العراقية في مواجهة مباشرة مع العشائر والأحزاب النافذة في جنوب البلاد، وذلك
بعد قرار اتخذه مجلس الوزراء خلال اجتماع عقد بمحافظة البصرة، الأربعاء، يقضي بنزع
السلاح من هذه الجهات.
وأعلن
الكاظمي، الأربعاء، خلال مؤتمر صحفي من البصرة، أن قرارا لمجلس الوزراء يقضي بعدم السماح
لأي جهة حزبية أو عشائرية بحمل أو حيازة السلاح، ملوحا بفرض ذلك عبر الجيش والقوات
الأمنية الأخرى.
القرار
أثار تساؤلات حول آلية تحقيق نزع سلاح العشائر والأحزاب، ولا سيما أن عناصر المليشيات
والأجهزة الأمنية تنتمي إلى الجهتين المذكورتين، وهل يحتاج الأمر لإصدار قرار جديد عوضا
عن القوانين العراقية النافذة التي تمنع حيازة السلاح الثقيل والمتوسط وحتى الخفيف؟
تفاقم
الظاهرة
وتعليقا
على الموضوع، قال الخبير القانوني طارق حرب لـ"عربي21"، إن "الظاهرة
تفاقمت واستفحلت بشكل جنوني، ولا شك أنها عودة إلى البدائية الأولى، وأن السلاح متوفر
حتى لدى الشخص الذي لا يجد قوت يومه".
وأضاف
حرب أن "الدستور يمنع حيازة السلاح وإنشاء المليشيات، وأن قانون الأسلحة العراقي
واضح وشديد، ويفرض في بعض الأحيان عقوبة الإعدام والسجن المؤبد".
واستدرك
قائلا: "لكن هناك ظواهر يصبح القانون والدستور ليس كافيا للجمها ووضع حد لها،
لذلك كان تحرك رئيس الوزراء صائبا وسديدا في توجيه مثل هذا الإنذار".
وأشار
حرب إلى أن "العشائر لا تزال متمسكة بامتلاك الأسلحة وخاصة محافظات جنوب العراق،
بسبب التقاليد العشائرية الشديدة والطاغية، وحتى الجيش والشرطة والفصائل المسلحة من
أبناء هذه المنطقة كلهم يمتلكون السلاح".
وحول
مقدار نجاح هذه الخطوة، قال حرب: "حتى إذا لم يصل إلى نزع السلاح بالكامل، فلا
بد أن نصل إلى مسألة مقبولة، لأن الأمور وصلت إلى حد المهزلة، فماذا نسمي قطع طريق
دولي لمدة خمس ساعات بسبب اقتتال العشائر؟".
خطة
صدام
وبخصوص
الآلية التي من المحتمل أن تتبعها الحكومة لنزع السلاح، قال الخبير القانوني العراقي؛ إن "نظام صدام حسين اتبع طريقة بعد عام 1990 حيث اشترى السلاح بالمال من عشائر
جنوب البلاد، وهذه كانت ناجعة".
وتابع
حرب: "لكن اليوم ظروف الدولة المالية لا تساعد لاتباع الطريقة ذاتها، إضافة إلى
أن العشائر اليوم متوغلة في جميع مفاصل الدولة العراقية، لذلك نرى النائب هو ينتمي
لهذه العشائر والمسؤول ورجل الأمن".
وفي
النقطة ذاتها، قال الخبير الأمني سرمد البياتي في حديث لـ"عربي21"؛ إن
"الحكومة بالإمكان أن تشتري السلاح من هذه المناطق بالمال، وإعطاء مهلة شهر لذلك،
وبعدها يصبح السلاح بدون قيمة لأن الحكومة ستصادره".
ورأى
البياتي ضرورة تفعيل القضاء بشكل حقيقي في موضوع نزع السلاح، وتطبيق القانون بدون الوصول
إلى الصدام المسلح، لأن هناك تجربة سابقة لجمع السلاح في المناطق الجنوبية بعد غزو
الكويت عام 1991، واستخدمنا خططا محكمة للتفتيش عن السلاح، وسحبه بدون صدام عسكري".
وأضاف:
"إذا كانت الحكومة حريصة ولديها إصرار وإرادة حقيقية لإظهار قوة الدولة، فإن المنطقة
تفرغ من السلاح في أقل من ستة أشهر، بعد تبليغهم لمدة شهر بتسليم السلاح، وبعدها تسحب
أي قطعة سلاح غير مرخصة من خلال حملات تفتيش".
استبعاد
المواجهة
واستبعد
البياتي أن "يصل نزع السلاح إلى حالة من الصدام بين الحكومة والعشائر أو الأحزاب،
لأن لا أحد يرغب بذلك، ويجب التفاهم مع شيوخ العشائر والوجهاء وهذا مهم جدا".
ونوه
إلى أن "محافظة البصرة تحديدا- التي تعتبر من المحافظات التي تعج بالسلاح- أشبه
بالخزين المالي للعراق، لأن كل شيء فيها يدر أموالا، لذلك أصبح القوي يفكر في استغلال
هذه الثروات".
وتشهد
محافظات جنوب العراق، وتحديدا البصرة نزاعات عشائرية مسلحة بشكل شبه يومي، كان آخرها،
الجمعة، بمنطقة العالية وسط المحافظة وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين.
وفي
13 آذار/ مارس 2019، قال قائد شرطة البصرة الفريق فليح رشيد خلال مقابلة تلفزيونية؛ إن "السلاح المنفلت في البصرة يعادل ترسانة فرقتين عسكريتين"، داعيا إلى
"إصدار قرار صارم وملزم لحاملي السلاح".
وشدد
قائد شرطة البصرة على أن "البصرة تحتاج إلى قوات كبيرة للسيطرة على مثل هذه المشاكل.
القوات الأمنية تحتاج إلى نصف ساعة أو أكثر للوصول إلى مناطق النزاع العشائري".
وأضاف:
"لا أستطيع إقحام القوات الأمنية تحت نيران الأسلحة الثقيلة، حفاظا على أرواحهم،
والجميع يتحمل مسؤولية وجود السلاح لدى العشائر الذي يجب سحبه، ووقف إغراء المواطنين
بخفض أسعار السلاح، وإجراء موازنة خاصة لشراء السلاح".