ملفات وتقارير

دراسة حكومية تكشف مؤشرات خطيرة في مصر بسبب كورونا

أكدت الدراسة أن 17 بالمئة من الأسر المصرية تعتمد على معونة الغير- جيتي
أكدت الدراسة أن 17 بالمئة من الأسر المصرية تعتمد على معونة الغير- جيتي

كشفت دراسة حديثة نشرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بمصر (حكومي) عن مؤشرات اقتصادية واجتماعية خطيرة بالتزامن مع تفشي وباء كورونا.

وجاءت الدراسة تحت عنوان "أثر فيروس كورونا على الأسر المصرية"، وأوضحت أن نحو 90 بالمئة من المصريين خفضوا استهلاكهم من اللحوم والفاكهة، و36 بالمئة خفضوا كميات الطعام، ونحو 20 بالمئة قللوا عدد الوجبات، وحوالي 92 بالمئة لجأوا للطعام الرخيص، وذلك لانخفاض الدخل بسبب وباء كورونا.

وأكدت الدراسة أن 17 بالمئة من الأسر المصرية تعتمد على معونة الغير، ولجأ أكثر من نصفها إلى الاستدانة والاقتراض، واضطر 1.5 بالمئة من الأسر لبيع ممتلكاتهم.

وأوضحت أن استهلاك اللحوم انخفض بنسبة 25.7 بالمئة، والطيور 22.8 بالمئة، والأسماك 17.5 بالمئة، والفاكهة 14.5 بالمئة، وبالمقابل ارتفع استهلاك الأرز 7 بالمئة، وزيت الطعام 8.3 بالمئة، والبقوليات 6.1 بالمئة.

وبينت الدراسة أن 61.9 بالمئة من إجمالي المشتغلين تغيرت حياتهم العملية، ونصف الأفراد أي 55.7 بالمئة يشتغلون أيام عمل وساعات أقل، وحوالي ربع الأفراد 26.2 بالمئة لا يعملون، و18.1 بالمئة يعملون بشكل متقطع، وانخفض دخل 73.5 بالمئة منذ ظهور كورونا.

"إحصاءات كارثية"

وحول دلالات تلك الأرقام، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، الباحث مصطفى خضري: "تلك إحصاءات كارثية، فبالرغم من أن الأرقام صادرة عن جهة حكومية اعتادت تجميل النظام مؤخرا، إلا أن الحقائق طغت على أي محاولة للتعمية والتجميل".

 

اقرأ أيضا: دول عربية بينها مصر والإمارات تشتري مشتقات نفطية من إيران

وأكد لـ"عربي21" أن التقرير ذكر معلومات هامة عن ظروف المجتمع المصري بظل الوباء، منها: "غياب المعلومة الحقيقية حول المرض وأعراضه، والتباس الأعراض مع أمراض شائعة، ما زاد الخوف والهلع بالمجتمع، خاصة مع صعوبة التحقق من الإصابة لقلة أعداد مسحات الاختبار المتاحة".

وأشار أيضا إلى "ضعف ثقة المجتمع بخدمات وزارة الصحة، كالخط الساخن مثلا، وهو ما يعني أنها خدمات صورية للاستهلاك الإعلامي وليست حقيقية".

ولفت خضري، إلى "غياب منظومة الدولة، فالمواطن لديه قناعة بأن النظام لن يمد له يد العون، لذلك فإنه سعى للتأقلم ذاتيا مع الأزمة بتقليل الاستهلاك وإعادة ترتيب أولوياته والاعتماد على التكافل ومجتمعه المحيط".

وألمح إلى "وقوع المواطن باليأس وعدم الشعور بالأمان"، مضيفا أنه "زاد من ذلك اهتمام النظام بالفئات المجتمعية المميزة، كما يراها النظام، كرجال الأعمال والقضاء والشرطة والجيش ولاعبي الكرة والممثلين وغيرهم على حساب المواطن البسيط، فانعكس ذلك على رؤيته للمستقبل وأصبحت نظرة المواطن للقادم سوداوية".

وجزم الباحث المصري، بتأثر "المجتمع سلبيا بغياب المنظمات الاجتماعية الإسلامية التي تقدم الخدمات التكافلية، وكانت تعوض المواطن عن جزء كبير من غياب الدولة، بتقديم السلع الغذائية والخدمات الطبية والمساعدات المالية".

وحول مبلغ الـ100 مليار جنيه التي أعلنتها الحكومة كدعم للمصريين في ظل الجائحة، فإنه يعتقد خضري، أن "إجراءات الحكومة تجاه المواطنين لم تتجاوز موضع المزايدات الإعلامية، وما تم إنفاقه بشكل حقيقي هو منحة الـ500 جنيه لبعض المواطنين، وهو مبلغ لم يكلف الموازنة أكثر من ثلاثة مليارات جنيه كما تم إعلانه".

وأشار إلى أن "النظام خلال الأزمة اقترض أكثر من 15 مليار دولار على هيئة قروض وسندات دولية، بجانب انخفاض احتياطي النقد الأجنبي فجأة بما يقارب العشرة مليارات دولار".

وقال الباحث المصري: "25 مليار دولار تقريبا اختفت في الثقب الأسود للنظام تحت اسم مواجهة أزمة كورونا، فإذا تم تقسيم هذا المبلغ على عدد سكان مصر فإن نصيب الفرد 250 دولارا، ما يعني أن نصيب كل طفل مولود خلال الأزمة، كباقي المواطنين، ما قيمته 4 آلاف جنيه من تلك الأموال التي تسربت من يد النظام ، ولا يدري أحد أين ذهبت".

أين مخصصات كورونا؟

وأشار الخبير المصري بمجال الإدارة والتخطيط، الدكتور هاني سليمان، إلى بعض الأرقام التي خصصتها الحكومة لمواجهة جائحة كورونا، وبينها مبلغ 100 مليار جنيه "من خارج الموازنة العامة للدولة".

ولفت بحديثه لـ"عربي21"، إلى إعلان "الدولة اختفاء 134 مليون جنيه، من الموازنة بسبب مكافحة كورونا، وإعلانها صرف 8 مليارات دولار (حوالي 128 مليار جنيه)، من الاحتياطي النقدي لمكافحة الفيروس، بجانب القروض التي حصلت الحكومة عليها لتكافح بها الجائحة وبلغ مجموعها 13 مليار دولار (نحو 208 مليار جنيه)".

 

اقرأ أيضا: دراسة حكومية مصرية: 26 في المئة من المشتغلين تعطلوا بسبب كورونا

 

وتساءل رئيس مجلس إدارة مجموعة تنمية القيادة (LDG): "أين ذهبت كل تلك الأموال، بينما تعاني المستشفيات الحكومية من نقص شديد بالأسرة ووحدات العناية المركزة ومستلزمات الوقاية من الفيروس؟".

وأضاف: "يحدث هذا بالوقت الذي تقلصت فيه ميزانيات الأسر المصرية لدرجة الإقلال من طعامها وشرابها ومستلزماتها الأساسية لتوقف الكثير من الأعمال بسبب تفشي الوباء".

وتابع: "هذا في الوقت الذي يخرج فيه رئيس الوزراء المصري ليقول إن الحكومة استطاعت التصدي بنجاح للوباء بسبب حكمتها وتخطيطها للأزمة، ثم يلوم بعض الأطقم (الطبية) على تقصيرها".

ويرى الخبير بالإدارة والتخطيط، أنه "يجب أن تقول الحكومة بشفافية أين ذهبت تلك الأموال، وكيف يتوافق هذا مع قصور المنظومة الصحية التي لم تستطع تلبية حاجة الشعب بخدمة صحية جيدة بمواجهة الوباء؟".


واستدرك بقوله: "لكن المصارحة والشفافية كالعادة مفقودتان بمصر، ولا يمكن للمواطن العادي إيجاد إجابة صريحة على أي تساؤل يتعلق بصحته وحياته وأسرته".

التعليقات (0)