حقوق وحريات

ندوة في لندن تنتقد عنصرية إسرائيل بحق الأسرى الفلسطينيين

ندوة في لندن تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال (الأناضول)
ندوة في لندن تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال (الأناضول)

نظم منتدى التواصل الأوروبي ـ الفلسطيني (يوروبال فورم) ومقره لندن، ندوة عبر الإنترنت (على منصة ZOOM) يوم أمس 17 أبريل 2020 بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، بعنوان "5000 سجين: العنصرية الإسرائيلية والإهمال الطبي وسط تفشي COVID-19".
 
وسعت الندوة التي استضافت من غزة كلا من معتصم دلول، الصحفي والكاتب، وأكرم السطري الصحفي والسجين السابق، بالإضافة للناشطة الحقوقية الدولية شارلوت كيتس، إلى سد النقص في التغطية بشأن قضية الأسرى الفلسطينيين وإلى توفير منتدى لمناقشة وفهم الوضع الراهن للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وخاصة في ظل تفشي وباء كورونا في دولة الاحتلال.

وافتتح الندوة وأدارها مسؤول العلاقات العامة في منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني، روبرت أندروز، الذي أوضح بأن الندوة تأتي في سياق حملة واسعة ينظمها المنتدى لتسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين. 

وأشار أندروز إلى أن منتدى يوروبال قد نفذ عددًا من المبادرات لتحقيق هذه الغاية، بما في ذلك حملة تواصل ومراسلات نسقها المنتدى مع عدد من المنظمات غير الحكومية شملت الكتابة إلى عدد من المسؤولين الحكوميين ووزراء الخارجية في دول الاتحاد الأوروبي وإلى البرلمانيين الأوروبيين، وأن الحملة هدفت إلى زيادة الوعي بشأن معاناة الأسرى الفلسطينيين والمطالبة بإطلاق سراحهم، وكذلك المطالبة بتوفير مستلزمات الرعاية الطبية ومتطلبات الوقاية من انتشار وباء كورونا في أوساطهم. 

 



وقال روبرت إن قضية الأسرى في غاية الأهمية وتحتاج إلى إثارة على نطاق واسع لنشر الوعي العام حول المخاطر الكارثية التي قد يسببها انتشار مرض كورونا في أوساط السجناء الفلسطينيين.

وكان المتحدث الأول في الندوة الصحفي والكاتب الفلسطيني معتصم دلول، الذي ركز على النظر في تاريخ الإهمال الطبي وحرمان الأسرى الفلسطينيين من الرعاية الصحية في سجون الاحتلال، وكذلك على خطورة التهديد الذي يتعرض له السجناء الفلسطينيون في حال تفشي المرض في السجون لا سمح الله.
 
وبدأ دلول الجزء الخاص به من خلال ملاحظة أن إساءة معاملة السجناء الفلسطينيين ليست ظاهرة جديدة ولا تقتصر على عوامل ذات طبيعة محددة. ولكن السجناء الفلسطينيين تعرضوا لسوء المعاملة المستمرة والمنهجية التي يمكن تتبعها منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني بداية من عام 1967. ويمكن رؤية هذا الاعتداء بوضوح، وفقًا لمعتصم، من خلال وسائل وأساليب الاعتقال في السجون الإسرائيلية، فضلاً عن الحرمان التام من الرعاية الصحية داخل نظام السجون الإسرائيلية.

 


 
وقال دلول إنه منذ بداية آذار (مارس) الماضي قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية باعتقال 357 فلسطينيًا (بينهم 48 طفلًا و4 سيدات)، بينما اعتقلت منذ بداية عام 2020 ما يقرب من 1300 فلسطيني (بما في ذلك 210 أطفال و 31 امرأة). وكان من بين المعتقلين أفراد شاركوا في مبادرات إنسانية - مثل توصيل طرود غذائية وحملات تعقيم وتنظيف تهدف إلى وقف انتشار فيروسات كورونا داخل مجتمعهم.

وأضاف دلول أن حملة الاعتقالات العدوانية الإسرائيلية اقترنت بإجراءات عدوانية تم اتخاذها داخل نظام السجون نفسه وسط تفشي فيروس كورونا. وأن هذه القيود التي شملت إزالة مواد النظافة والصرف الصحي، بالإضافة إلى خفض الحصص الغذائية للسجناء، جاءت على الرغم من نداءات المجتمع الدولي لحماية الأسرى وصحتهم. مما يؤكد أن سلطات الاحتلال تتصرف دون مراعاة للقانون الدولي وأنها تنتهج سياسة مقصودة لتشجيع انتشار فيروس كورونا في أوساط السجناء.
 
أما الصحفي المقيم في غزة والسجين السابق أكرم السطري فقد قدم من واقع تجربته عرضًا حول النظام داخل السجون الإسرائيلية، وكذلك شرحا لأهمية تحرك المجتمع الدولي في الوقت الراهن لحماية السجناء الفلسطينيين وسط التهديد المتزايد لانتشار وباء كورونا.

وبدأ أكرم السطري مداخلته من خلال سرد تجربته الشخصية في الاعتقال عندما كان فتى في السادسة عشرة من عمره وتعرضه للإساءة الدائمة والإهمال الطبي من ضباط وحراس المعتقل الذي كان فيه. وتحدث عن تعرضه لسكتة دماغية وشلل أثناء احتجازه كسجين طفل داخل السجون الإسرائيلية. وروى أكرم المعاملة اللاإنسانية التي تعرض لها داخل نظام السجن. وشرح تجربته في العيش في خيام ومخيمات مؤقتة محاطة بأسلاك شائكة مع نقص كامل في المساعدة الطبية المقدمة له ولأولئك الذين يعانون من أمراض أو حالات مزمنة. وقال إنه في حالته لم ير طبيبًا لمدة شهرين، ورفض السجانون إعطاءه الأدوية ولا حتى العلاج الطبيعي، وقيل له إن "شرب الماء" سيعالج حالته.

 



وأضاف السطري أن سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى مستمرة منذ وقت تجربته (قبل 27 عامًا) حتى اليوم، وأوضح أن هناك الآن 700 فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية يعانون من حالات طبية ولكنهم محرومون من العلاج الفوري الذي تتطلبه حالتهم. أحد الأمثلة التي أثارها السطري هي حالة رجل مسن من غزة توفي العام الماضي في الحجز الإسرائيلي بعد رفضه دخول المستشفى على الرغم من إصابته بالسرطان في مرحلة متأخرة. وقال السطري إن هذا الواقع المؤلم الذي يواجهه الأسرى الفلسطينيون وهذه المعاناة ليست مرتبطة بموقف شخصي من جندي أو ضابط إسرائيلي، بل إنها نابعة من استراتيجية التعامل مع السجناء الفلسطينيين وعن تصور عنصري لدى السلطات الإسرائيلية مفاده بأن الفلسطينيين ليس لهم "الحق في الحياة".

وحول مسألة التعامل في ظل أزمة كورونا، قال السطري بأن المشكلة لا تتعلق بتعقيم الزنازين أو إجراءات رمزية من التنظيف، بل تتعلق بتوفير مستلزمات الاختبار للفلسطينيين. وأكد أن الجمع بين الافتقار إلى الفحص واقتران ذلك بالظروف السيئة داخل مرافق السجون يعني أن احتمالية انتشار الفيروس بين السجناء الفلسطينيين عالية. وقال لأنه وفقا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، هناك مسؤولية أخلاقية وإنسانية وقانونية على سلطة الاحتلال باتخاذ الخطوات العملية اللازمة لحماية المعتقلين لديها. ومن المفارقات أن إسرائيل لا تفعل شيئًا لتحقيق هذه الغاية في أماكن الاحتجاز العسكرية ولا في سجونها المركزية، وبالتالي فإنها تسهم عمداً في انتشار الفيروس.
 
وفي ختام مداخلته قال السطري إن المعتقلين الفلسطينيين وأهلهم يتطلعون إلى الحرية وليس فقط إلى متطلبات الوقاية من الأمراض عموما ومن فيروس كورونا المميت، وفي هذا السياق أشار السطري إلى احتمال تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل. وأوضح أنه منذ الاعتداء الإسرائيلي على غزة عام 2014 (عملية الحافة الواقية)، كانت هناك دعوات لإسرائيل للإفراج عن 54 سجينًا أعيد اعتقالهم بعد إطلاق سراحهم في صفقة شاليط في عام 2011 ولكن دولة الاحتلال ما زالت تماطل. 

 

ولكن زعيم حماس في قطاع غزة يحيى السنوار خفف في مبادرته خلال الأسبوع الماضي من شرط إطلاق سراح السجناء الـ 54 وذلك كبادرة إنسانية في ظل أزمة كورونا، وعرض قائد حماس، بناء على ذلك، على الإسرائيليين توفير معلومات عن الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركته كمقدمة لصفقة تبادل إنسانية تهدف إلى تأمين الإفراج عن عدد من المسنين والشباب من السجناء الفلسطينيين. ولكن سلطات الاحتلال فيما يبدو لم تلتقط الفرصة بعد، كما قال.

أما المتحدثة الأخيرة في الندوة شارلوت كيتس، المنسق الدولي لمجموعة حقوق السجناء الفلسطينيين "صامدون"، فقد ركزت في عرضها على المبادرات والفعاليات المختلفة المتاحة لرفع مستوى الوعي حول معاناة السجناء الفلسطينيين لدى دولة الاحتلال.

وقالت شارلوت إنه مع انتشار الوباء العالمي (COVID-19) فقد أصبحت قضية سلامة السجناء أكثر أهمية من أي وقت مضى على الرغم من كونها قضية مستمرة ومهمة قبل تفشي المرض. وفي هذا السياق، طالبت شارلوت النشطاء الحقوقيين على المستوى الدولي بالتركيز على قضية الأسرى الفلسطينيين لأن "الأثر المدمر المحتمل لانتشار هذا الفيروس بين السجناء بات واضحا ومقلقا حقًا". وطالبت المتحدثة بالنظر إلى المعتقلين باعتبارهم "أمهات وآباء وإخوة وأخوات ومعلمين وطلاب ونشطاء مجتمع مدني وقيادات نسوية وقادة نقابات عمالية ومناضلين من أجل الحرية " وأن هؤلاء جميعا يعيشون معاناة حقيقية في السجون الإسرائيلية وباتوا مهددين بالقتل من خلال انتشار COVID-19?. وأكدت شارلوت بأن "التهديد بالموت الذي يواجهه هؤلاء المناضلون ليس قدرا محتوما بل هو ناتج عن سياسة إهمال طبي منهجية يتبعها نظام الاحتلال الإسرائيلي".

 



وفي شرحها لسبب استهداف سلطة الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين بهذه الطريقة، أشارت شارلوت إلى حقيقة أن السجناء الفلسطينيين يمثلون المقاومة الفلسطينية بجميع أشكالها. ولذلك يتوجب علينا كنشطاء دوليين أن نؤكد بشكل واضح على حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، وبالتالي التأكيد على الحق المطلق لهؤلاء المناضلين المعتقلين بالحرية.
 
وحول الخطوات التي يمكن اتخاذها في جميع أنحاء أوروبا وفي المجتمع الدولي، طالبت شارلوت بدمج قضية السجناء الفلسطينيين بشكل متزايد في فعاليات حركة المقاطعة BDS. وطالبت بتكثيف الحملات ضد اتفاقية "تمويل الاتحاد الأوروبي لمشاريع البحث والتطوير الإسرائيلية" وضد "اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية". وأكدت شارلوت أن هذه الحملات ضرورية للضغط باتجاه فك الترابط بين "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل". وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن هذا الترابط وهذه الاتفاقيات بين أوروبا ودولة الاحتلال يعني بشكل واضح أن أوروبا متورطة بالدعم لسياسات وجرائم دولة الاحتلال وليس فقط مقصرة في التحرك لمنع تلك الجرائم. واستشهدت على تورط دول أوروبية بجرائم الاحتلال من خلال اعتقال فرنسا للمناضل اللبناني جورج عبد الله الذي عمل في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

 

وختمت شارلوت مداخلتها بالتأكيد على أهمية عملية اللوبي والضغط للتأثير على السياسيين في أوروبا والغرب عموما للتحرك من أجل فك العلاقة المشبوهة بدولة الاحتلال وكذلك للعمل على إنقاذ الأسرى الفلسطينيين وضمان حريتهم.

التعليقات (0)