هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال الباحث بالشأن العسكري في المعهد المصري
للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمود جمال، إن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي
يخشى نزول قوات الجيش إلى الشوارع والميادين للمساهمة مع قوات الشرطة في فرض حظر
التجوال داخل البلاد، ضمن الإجراءات الاحترازية التي تهدف لمحاولة منع تفشي وباء
كورونا المستجد.
وأضاف أن "السيسي قلق للغاية من
احتمالية استغلال شخصيات ما داخل الدولة للوضع الحرج الآن، لأنه يُدرك تماما أن
الأجواء الراهنة قد تكون الأفضل لممارسة أي تحركات مناهضة له، وقد ينجحون في إحداث إرباك
وتخبط شديد داخل نظامه، لأن مصر بيئة خصبة ومُثلى لأي ضغوط كبيرة حاليا، وقد تؤدي
لفقدانه السيطرة على زمام الأمور في نهاية المطاف حال تصاعدها وتناغمها".
وأكد جمال- في تصريحات خاصة لـ"عربي21"-
أن "قوات الشرطة غير قادرة على فرض حظر التجوال في مصر، وهذا أمر واضح
للجميع، ومع ذلك لم تنزل قوات الجيش لمساعدتها، وحتى لو تم فرض حظر تجوال بالكامل
وفي كل محافظات مصر فلن يُقدم السيسي على الاستعانة بقوات الجيش".
وأشار جمال إلى أن "قوات الجيش لم تشارك
في تأمين الميادين في القاهرة والمحافظات، وحماية المنشآت العامة، كما هو مُعتاد بشكل
دائم، خلال إحياء ذكرى ثورة 25 يناير، حيث تواجدت قوات الشرطة فقط لمواجهة الدعوات
التي أطلقها حينها الفنان ومقاول الجيش السابق محمد علي".
وأكد أن "هناك مخاوف متصاعدة لدى
السيسي ودائرته الضيقة من استغلال تواجد قوات الجيش في الميادين واحتمالية قيام
المناوئين للسيسي بتنفيذ انقلاب عسكري ضده بشكل أو بآخر، وذلك في حال تدهور
الأوضاع وخروجها عن السيطرة"، منوها إلى أن "آخر نزول لقوات الجيش
للميادين كان في 25 كانون الثاني/ يناير 2017".
اقرأ أيضا: "الإخوان" تعقد مؤتمرا صحفيا لإعلان رؤيتها لمواجهة كورونا
ولفت إلى أن "وزير الدفاع محمد أحمد زكي
أخذ قرارا رسميا بمشاركة القوات المسلحة في حماية البلاد من وباء كورونا ضمن مهام الجيش
في حماية وتأمين البلاد والتصدي للمشكلات والأزمات والكوارث الطبيعية التي تتعرض لها
مصر، وبالتالي فقد كان من الطبيعي والمنطقي أن تتدخل قوات الجيش بشكل واضح وكامل
في أزمة كورونا، وهو ما لم ولن يحدث".
وأكد جمال أن هناك ما تُعرف بـ "نظرية
الحوادث الطارئة" التي تبيح لرئيس الجمهورية استخدام صلاحيات استثنائية، وهي حق
أصيل له طالما أن الأزمات كبيرة ويصعب على أجهزة الدولة المدنية بمفردها مواجهة
تلك الأزمات، منوها إلى أن "تزايد إصابات العسكريين بكورونا يُصعّب كثيرا من
فكرة نزول الجيش للميادين".
وذكر أن "السيسي بات رافضا بشكل تام
لفكرة نزول الجيش للميادين، وأصبح يعتمد فقط على قوات الشرطة في مواجهة أي قلاقل
أو تحركات مناوئة له، وأنه في حال خروج الأمر عن سيطرته سيضطر للاستعانة بقوات
التدخل السريع، والمعروفة بقوات حماية السيسي، بينما يمكننا الجزم بأنه لن يكون
هناك أي نزول جديد للوحدات التابعة للمناطق والجيوش المركزية العسكرية".
وأشار الباحث العسكري إلى أن حديث السيسي خلال
شهر أيلول/ سبتمبر 2016 عن ما وصفه بـ "فرد (انتشار) الجيش في 6 ساعات"،
كان القصد منه هو قوات التدخل السريع التي أسّسها السيسي لحمايته والدفاع عن نظامه.
وفي أيلول/ سبتمبر 2016، تحدث السيسي عن انتشار
الجيش في كل ربوع الوطن، قائلا: "فيه دولة وفيه قوات مسلحة، وفيه وزارة الداخلية،
ولن يستطيع أحد أن يمس الدولة المصرية، وأنا مش بخوف حد، بس هناك تخطيط إن الجيش يفرد
في مصر خلال 6 ساعات، لحماية الدولة.. ماحدش يفتكر إننا هنسيبها تضيع مننا ونضيع الناس
معانا، أنا مسؤول أمام الله وأمامكم والتاريخ على الدفاع عنها وحمايتها لآخر لحظة".
وفي 25 آذار/ مارس 2014، أسّس السيسي قوات
التدخل السريع التي تم تشكيلها لأول مرة في القوات المسلحة. وهي آخر عمل شارك السيسي
فيه رسميا خلال عمله بالقوات المسلحة حينما كان وزيرا للدفاع، حيث ترشح لانتخابات
الرئاسة عقب تأسيس هذه القوات بيومين اثنين فقط، وأعلن وقتها من المنطقة المركزية العسكرية،
المُوكل إليها تبعية قوات التدخل السريع أن هذه الوحدات مُجهزة للدفاع عن مصر في أي
مكان، سواء في الداخل أو الخارج.
وقوات التدخل السريع عبارة عن "قوات محمولة
جوا ذات تشكيل خاص، وتتسم بالقدرات العالية وطبيعة العمل الخاصة ومسلحة وفقا لأحدث
نظم التسليح العالمية، وتختص القوات بمواجهة كل المخاطر والتهديدات الإرهابية المحتملة
ضد الأهداف والمنشآت الحيوية وكيفية التصدي لها بالأسلوب الأمثل داخل وخارج البلاد"،
كما تُعرّف تلك القوات نفسها.
وأشار جمال إلى أن "اجتماع 3 آذار/ مارس الماضي،
الذي جمع السيسي بقادة المؤسسة العسكرية كان أحد الحاضرين الذين تأكدنا من إصابتهم
فيروس كورونا هو مقدم بمخابرات الحربية يدعى أحمد يحيى، وهو من الدائرة المحيطة بوزير
الدفاع محمد أحمد زكي، وهو لا يزال يخضع للرعاية الصحية في مستشفى حميات ألماظة
العسكري منذ نحو أسبوعين"، مؤكدا أن أسرة أحمد يحيى تخضع أيضا للحجر الصحي في
مستشفى مصر الجديدة العسكري.
وأوضح أن "أعداد العسكريين المصابين
بكورونا تخطت 1000 مصاب حتى الآن، والأعداد في تزايد مستمر، لكن هناك تعميم شديد
على حقيقة الإصابات داخل صفوف الجيش في ظل حالة انعدام الشفافية في هذا الصدد،
وهذا أمر أغضب بعض الضباط والمجندين بالجيش، خاصة أن هناك تعليمات مُشدّدة للضباط
وعائلاتهم بعدم التحدث عن أزمة كورونا داخل المؤسسة العسكرية"، منوها إلى أن "الهيئة
الهندسية للجيش هي صاحبة الرقم الأكبر للمصابين بكورونا داخل القوات
المسلحة".