هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت مستشرقة إسرائيلية ما كشف عنه وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان عن "زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش هآرتس هاليفي إلى قطر"، مسلطة الضوء على تحول العلاقة بين البلدين من العداء إلى التقارب.
وبحسب ما قالته ميخال يعاري في مقالها على صحيفة "يديعوت أحرنوت"، الذي ترجمته "عربي21"، فإن هذه الزيارة تعزز كلمات مسؤول قطري كبير قابلته خلال زيارتها الأخيرة إلى الدوحة في 2018، حول أن العلاقة "قائمة بين صناع القرار في الدولتين"، و"تفسح المجال لمزيد من آفاق التعاون الناجح بينهما".
وأضافت: "إننا أمام تغير جوهري بعلاقات الدوحة وتل أبيب من نظرة عدائية متبادلة إلى تعاون مثير للإعجاب، فالهزات الأرضية السياسية التي يشهدها الشرق الأوسط، والتوتر الأمني في قطاع غزة، وتراجع أدوار تركيا ومصر، والخشية من إيران، والرغبة في التعاون التكنولوجي، كلها عوامل تمنح فرصا للتعاون بين إسرائيل وقطر، بالانتقال لمرحلة الشراكة الوظيفية".
وأشارت يعاري،
الخبيرة بشؤون الخليج العربي، والمحاضرة بجامعة بن غوريون والجامعة المفتوحة، إلى أن
"قطر في السنوات الأخيرة ارتبطت بعلاقات عدائية مع أنظمة عربية تبدو إسرائيل
معنية ببقائها واستقرارها، بدعمها لمنظمات راديكالية وجهادية على رأسها جماعة الإخوان
المسلمين، في حين أن تقارب قطر مع تركيا دفعها لتوفير دعم اقتصادي لحماس، وإقامة
علاقات اقتصادية قوية مع إيران، ما جعلها في موقع الدولة المعادية
لإسرائيل".
اقرأ أيضا: رئيس الموساد الإسرائيلي زار قطر سرا في إطار مباحثات التهدئة
وأوضحت يعاري، عضو المعهد الإسرائيلي للتفكير الإقليمي والسياسية الخارجية- ميتافيم، أن "التطورات السياسية والأمنية الأخيرة في الشرق الأوسط وضعت تحديات أمام إسرائيل وقطر، ودفعتهما لإحداث تغيير جوهري بعلاقاتهما".
وأضافت أن
"تطوير علاقات الدوحة وتل أبيب بدأ عقب انتهاء حرب غزة الأخيرة 2014 حين شهد
القطاع أجواء الخراب والدمار، وظهر الحديث القطري عن جهود إعادة اعماره، في الوقت
الذي أدارت فيه عدد من الدول العربية ظهرها للقطاع، وأدركت إسرائيل أن بقاء معاناة
غزة دون ترميم يعني انفجارا جديدا في وجهها".
وأكدت أنه
"في هذه اللحظات ظهرت قطر مستعدة لإعادة إعمار غزة بتقديم مبلغ يزيد على المليار
دولار لتقديم المساعدات الإنسانية، سواء كجزء من التزامها الأخلاقي والديني، أو
اعتبارها فرصة للتحول إلى طرف وسيط قوي بين إسرائيل وحماس، في الوقت الذي تخوض فيه
السعودية ومصر جهودا كبيرة للإطاحة بالدور القطري في العالم العربي، لكن قطر
استغلت دورها في غزة لتقوية علاقتها بالإدارة الأمريكية".
وأضافت أن
"إسرائيل كانت تفضل دورا سعوديا أو مصريا في غزة، لكنها لم تعثر على بديل آخر
باستثناء قطر، ما أوجد بنية تحتية لتعاون بناء على أساس مصلحة مشتركة بين الدوحة
وإسرائيل، وقد أدركت الأخيرة أنه في غياب البديل القطري عن غزة، فإن حماس ستضع كل
ثقلها في التحالف مع إيران، مع أن إسرائيل تدرك عدم قدرة قطر على إحداث اختراق جدي
في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي بسبب محدودية دورها وتأثيره".
واستدركت بالقول إن
"ذلك لا يلغي تأثير قطر في إمكانية نشوء وساطة بين إسرائيل وحماس، في ظل ما
يبذله السفير القطري في الأراضي الفلسطينية محمد العمادي من جهود حثيثة، بجانب
جهود مصر والأمم المتحدة في تأجيل جولات عديدة من المواجهة العسكرية بين إسرائيل
وحماس".
وأشارت إلى أن
"الدور الإنساني القطري، رافقه موقف سياسي داعم للفلسطينيين، يدعو إسرائيل
للانسحاب الكامل من المناطق المحتلة، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته
المستقلة، وهذا يعني أنه طالما لم يحصل تقدم جوهري في جهود حل النزاع مع
الفلسطينيين، فإن العلاقة القطرية-الإسرائيلية ستبقى في إطارها المحدود القائم
حاليا".
وأوضحت أن
"الطريق ما زالت طويلة للاعتراف الدبلوماسي بين الدوحة وتل أبيب، دون إغفال
التغير الذي حصل على علاقتهما، لأنه خلال سنوات معدودة تحولت إسرائيل وقطر من
دولتين عدوتين إلى شريكتين استراتيجيتين للتعامل مع الجبهة الغزية، رغم أن النظرة
المريبة للشكوك التي تحتفظ بها إسرائيل تجاه قطر ستبقى قائمة لسنوات أخرى قادمة،
دون أن يمنع ذلك تطوير العلاقات الثنائية".
وأضاف أن
"قطر ليست حليفة لإسرائيل، لكنها في الوقت ذاته معنية بالحصول على
التكنولوجيا الخاصة، ما قد يوسع آفاق التعاون بينهما في مجالات مختلفة، ومن الجيد
أن تجتهد إسرائيل لتقوية علاقاتها بها، في ضوء الوقائع السياسية المتسارعة في
التغير على صعيد الشرق الأوسط بأسره".