الصلابي: القبائل في ليبيا إحدى ركائز المصالحة وليست الوحيدة

لا معنى لرسالتك إلاّ من باب تسجيل حضور أو كشف طباع سلبية تلازم الإخوان كعدم تحري الدقة (هذا ظاهر في كتبك التاريخية ولنا لائحة في هفواتك التي لا يقع فيها مؤرخ)، فوضى المفاهيم، والتنازل أمام أي معترض أو حتى عند توهم وجوده بالتعميم التمويهي إرضاء لأعداء أمتنا واعوانهم. إن الخطاب الأغبش أداة لنشر الوعي المزيف، ولا بد من وقفة نقدية عند فقرات رسالتك. أولا/ بدأها ب "تحية طيبة" ثم "تحية تليق بمقامكم" عوضا عن تحية أهل الهوية العربية المسلمة "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" دليل على أنك لا تستحضر مرجعتيك وعن جهلك بشخصية الرئيس. فلا أنت بادرت أصالة بالتحية التي يفترض في مثلك أن يحي بها ولا حييته بها لعلم بأنه من الحريصين عليها (لو تابعت حملته الانتخابية ثم بعض استقبالاته وكتب تكليفاته منذ باشر لعرفت تمسكه بها). ثانيا/ بدأت ف 2 بجعل هدفك مده ب "بعض المعطيات المفيدة ليس فقط لإنجاح جهودكم للمصالحة والسلام في ليبيا، وإنما قبل ذلك في فهم خارطة ليبيا ومفاتيح السلام والاستقرار فيها". لكن قولك يظهر عدم تمييزك بين المعطى والمعلومة، ثم إن مواصلة القراءة تجعل الظن فيك يخيب. إذ لا وجود لمعطيات قد تفيد في فهم طبيعة المجتمع المعني. ثالثا/ تقول في ف 3 "القبائل في ليبيا إحدى ركائز المصالحة وليست الوحيدة.. قال تعالى: وأتوا البيوت من أبوابها " دون ذكر الآية 189 من البقرة. أردت القول إن استقباله ممثلي بعض القبائل مجانب للصواب ولكنك جسّدت تلفيق الاخوان في استعمال النص كيفما اتفق. إن لم نأخذ بأسباب النزول وغلبنا قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وبافتراض صحّة قولك فهي (القبائل) أحد أبواب البحث عن حل؛ فلقاء الرئيس مع بعضها هو دخول من أحد الأبواب. رابعا/ تقول في ف 4 و5 "إن تشبيه المشكل في ليبيا وطبيعة الصراع فيها بما حدث في أفغانستان والسعي لإيجاد مؤتمر مثل مؤتمر القبائل الأفغانية، هذا المثال لا ينطبق على الشعب الليبي لأسباب عديدة سأبينها من خلال هذه الرسالة. كما أن التجربة الأفغانية مازال الصراع فيها محتدما إلى يومنا هذا، وهناك تجارب عديدة نجحت في إحلال السلام والمصالحة أقرب إلى الوجدان والثقافة الليبيين". في الجملة الأولى خلل بنيوي وفوضى مفاهيم (أهم سمات خطاب الاخوان) وعدم تفريق بين الحالة والتجربة. ثم، بعد تبشيرك بتبيان الأسباب العديدة التي تجعل حالة ليبيا مخالفة لحلة أفغانستان، لم تذكر سببا واحدا. كما أنك أشرت لتجارب عديدة ناجحة في إحلال السلام والمصالحة وأقرب إلى وجدان وثقافة أهل ليبيا، ولم تسمّي أيا منها. خامسا/ تقول في ف 6 "إن المجتمع الليبي له مكونات عديدة وتيارات مختلفة كأي شعب من الشعوب، وفهم خارطة المجتمع السياسية والقبلية والثقافية والفكرية والجهوية والقبلية والمدنية والإثنية.. إلخ، مهم لأي مشروع لإنجاح السلام في ليبيا". كلام يؤكد عدم مراجعة النص قبل نشره ولو فعلت لمحوت تكرار "قبلية" في نفس الجملة وأنت ترصّف المكوّنات بلا معيار. ثم إنك نسفت ما أشرت إليه فيما سبق من خصوصية الحالة الليبية بقولك "كأي شعب يمن الشعوب" وبعدم ذكر أي خصوصية. سادسا/ في ف 7 و8؛ نصحت بعدم التسرّع، وهي نصيحة سليمة، وإن لم يظهر بعد أي مؤشر على ذلك أو على البحث عن حل منفرد. ان إعادة التذكير بأن القبيلة هي إحدى ركائز الحل وأن كل قبيلة تشقها انتماءات فكرية وسياسية مختلفة بلا داع لأن كلا الأمرين بديهي. سابعا/ ف 9 و10 تؤكدان أيضا عدم مراجعة النصّ وإلا بالله عليك كيف لا تتفطن إلى أخطاء مثل "السلام والمصالحة الوطنية في ليبيا يحتاج إلى..."؟ بعد ان أنهيت ف 9 بنقطة، كيف تبدأ ف 10 هكذا " أيضا أبناء القوات المسلحة من الطرفين المتقاتلين والمدن التي هي وقود للحرب من خلال تسويق الرؤية محليا وإقليميا ودوليا تتبنى تونس وشقيقاتها في الاتحاد المغاربي التواصل مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول التي لها علاقة بالمصالحة وإحلال السلام في ليبيا ..."؟ وكيف تكتب "وأهم المفاتيح فهم الخارطة الليبية ..."؟ مضمونا تبرهنان على عمق فوضى المفاهيم عندك من خلال كشفهما خلو ذهنك من تعريف ل"المجتمع المدني" وإلا كيف تقول وتكرّر "السلام والمصالحة الوطنية في ليبيا يحتاج إلى رؤية محلية وإقليمية ودولية تتبناها... بعد الاتفاق مع مكونات المجتمع المدني على الرؤية الفكرية والسياسية والاجتماعية للمصالحة. وكذلك مع القبائل ومنظمات المجتمع المدني والهيئات المشهورة كالهيئة الطرابلسية والبرقاوية والفزانية..."؟ أخطر من ذلك تعبران عن غياب الفهم السليم للهوية الحضارية العربية المسلمة؛ وإلا كيف تقول "فهناك جيل جديد يؤمن بالدولة المدنية والقيم الإنسانية ومفهوم المواطنة ويعتز بالهوية الليبية والإسلامية وموجبات التقاليد والأعراف القبلية " جاعلا الايمان مقابل الاعتزاز وهوية ليبية موازية للهوية "الإسلامية"؟ كيف توهم بوجود ليبيا أخرى بهويات عديدة وبأن الهوية العربية المسلمة فاقدة للقيم الإنسانية؟ كما أن تعدادك المبالغ فيه للمكوّنات جعلك كأنك تقول للمتلقي لا داعي للمحاولة فالحل مستحيل. ثامنا/ لم تذكر كلمة عربية باي معنى. وفي المواضع الثلاث (ف 9، ف 10، آخر النص قبل اسمك) التي ذكرت فيها المنظمة الجامعة ل’دول‘ غرب الوطن العربي سميتها من عندك ’الاتحاد المغاربي‘ بينما اسمها في اتفاقية التأسيس الموقعة بمراكش في 10 رجب 1409 هو "اتحاد المغرب العربي". هذا الرعب من فرنسا، الضالع الأول اليوم في مأساة ليبيا، ومن أعوانها في الداخل وهذا التنازل عن ذكر أحد عنصري الهوية الحضارية هو تجسيد نموذجي لانهزامية عقل الاخوان وجبنه واستعداده دوما للسقوط قبل الضربة. يا صلابي؛ أكل هذا التهرب من ذكر العربية لأن في ليبيا من تأذوا من الوطنية العربية الدنيوية (التعبير الأدق عما سمّي قومية عربية) في نسختها القذافية المعادية للوطنية العربية المسلمة وهناك من ’بربر فرنسا‘ في المغربين الأوسط والأقصى من استغل جهلهم ليغرّر بهم زورا باسم الناس الأحرار(الأمازيغ الذين صدوا كل احتلال أوروبي والشركاء الأصلاء في بناء قواعد اللغة العربية وحضارة الإسلام) حتى جعلوهم يرفعون العلم الذي وضعه الاحتلالي الفرنسي الخبيث جاك بني (Jacques Bénet) سنة 1385(1965) لعونه محند بالسعود (حركي/مخبر من الذين وقفوا مع المحتل اثناء تحرير الجزائر ثم انطلقوا في تخريب الهوية العربية المسلمة لغرب الوطن العربي) ويستعملون أبجدية صنعتها أكاديمية جهاز الاستعلامات الفرنسية سنة 1387(1967) بأمر من مجرم الحرب دي قول (De Gaulle) على أنها "التفناغ" ؟ بينما أقدم كتابة للهجة أمازيغية كانت بالحرف العربي وتعود للقرن العربي الثاني كما حسمت مخطوطة غريان المحفوظة في روما وقد كتبها فقيه اباضي محلي. يا صلابي؛ أكل هذا التهرب من ذكر العربية وانت تكتب رسالتك بها هو مخافة أن يفهم العدو أنك تعني بها جنسا عربيا؟ ألا تعرف أنه لا وجود لجنس/عرق عربي وأن مؤسس الأمة العربية المسلمة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مستعرب بل وإسماعيل عليه السلام نفسه كذلك؛ وأنه إن وجد جنس عربي مستقل الحمض فقد مثلته العرب البائدة عقابا (عاد وثمود وطسم وجديس) وأن من يسمون عربا هم خلاصة تمازج أقوام الحوض الحضاري الممتد من السهل الرسوبي في الأحواز شرقا إلى بحرالظلمات غربا (المحيط الأطلسي عند الغرب)؛ وأن العروبة منذ نزول "اقرأ" أصبحت اللسان الوعاء للإسلام ونمطه المجتمعي؟ هل تعلم ان علم الحمض النووي أثبت أن كل الخرائط الجينية الموجودة اليوم في الوطن العربي تواجدت في مشرقه ومغربه منذ أزمنة سحيقة؛ وأنه لا وجود لعرق أمازيغي بعد أن ثبت أن نسبة تواجد الخارطة الجينية التي يروج ’بربر فرنسا‘ أنها خارطة ’العرق الأمازيغي النقي‘ في منطقة القبائل(يروج هؤلاء أن سكانها أمازيغ اقحاح) لا تتجاوز ال 45 % ؟ هل تعلم أن اللسان العربي هو خلاصة لهجات وألسنة أقوام هذا الحوض الحضاري الجامع بين قارتي آسيا وافريقيا والذي كانت أقوامه تتفاعل أفقيا منذ إبراهيم الخليل عليه السلام الذي لعب ضربة البداية في مسار تشكّل الأمة العربية المسلمة؟ هل تعلم يا صلابي إن العربية لما اكتملت عبر الشعر والخطابة أنزل الله آخر كلامه للخلق بها ليكون الوثيقة المعيارية الحافظة لها واعلانا منه لعالميتها الأبدية وأن لكل مسلم في أي مكان وزمان أخذ الإسلام بإرادته نفس سهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في العربية وعليه اتقانها لتكون لغته الأولى ثم لغة أطفاله؟ هل تعلم أن الإسلام بدون العربية لا يمكن فهم شموله وتفاصيله لأن علاقته بها هي علاقة الروح بالجسد عند الإنسان. وإن أعداءه في كل زمان ومكان يعرفون جيدا هذه الحقيقة فتجد سلاحهم الأول في طمس نوره هو إبعاد الناس عن تعلم العربية. ولذلك سبقهم ربنا تبارك وتعالي بإعلان عروبة/عربية وحيه الأخير إلى الثقلين 12 مرة (2 في سورة فصّلت والبقية كل في سورة). على من تزايد يا صلابي ولصالح من بعدم ذكرك لصفى العربية عند ذكر الهوية الإسلامية وبتجنبك ثلاثا ذكر "اتحاد المغرب العربي"؟ لا ينبغي لك إخفاء الوحدوية الأصيلة/الوطنية العربية المسلمة فقط لأن دعاة الوحدة العربية في مرحلة انقضت كانوا مقلدين للوطنيات الدنيوية الغربية وداعين إلى وحدة عربية دنيوية لا أصل لها في تاريخنا وبأساليب ظالمة. تاسعا/ اظهرت رسالتك فقرا لغويا وفكريا فظيعا لا تليق بمن يعتبر نفسه مؤرخا ومفكرا وأمينا عاما مساعدا لجمعية "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" أيرلندية التسجيل قطرية المقر. إن النص كسيح إهانة لكاتبه قبل متلقيه وما كتبت لا يوجه لإنسان عامي فضلا عن أستاذ قانون دقيق المفاهيم، يعيش حياته بلغته مثل إنسان المجتمعات الواعية حضاريا والقوية ماديا، وانتخب رئيسا من قبل 73% من المشاركين في الاختيار.

القبيلة شر على الدولة المدنية الحديثة .من خلالها يتغول النظام الفاسد على شعبه

القبائل و العائلات مظلة اجتماعية حينما يتم اقحامها في السياسة فهذا ضرب للتغايش.