قضايا وآراء

الانتخابات التشريعية الإيرانية على نار باردة

محمد موسى
1300x600
1300x600
على وقع الذكرى الواحد والأربعين لانتصار الثورة في إيران، والتي وصفها رئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني بأنها أيام ملحمية مؤكدا أن "مشاركة الشعب الإيراني في مسيرات ذكرى انتصار الثورة الإسلامية هي أفضل رد على الإدارة الأمريكية والطغاة"، وفي إشارة إلى تزامن الذكرى مع اغتيال رجل إيران الصلب في الشرق الأوسط الجنرال قاسم سليماني، قال روحاني إن "أمريكا ارتكبت أكبر الأخطاء باغتيالها ضيف العراق، وإن ما ترتكبه أمريكا يعود وباله على شعبها وحلفائها".

إلى ذلك، أشار روحاني إلى الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 21 شباط/ فبراير القادم بالقول إن الانتخابات تحقق أمننا الوطني والصمود بوجه الأعداء، وعلينا أن نتعامل بلا انفعال ولا خصام مع نتائج ما تفرزه صناديق الاقتراع، وكأني بالرئيس روحاني يعلم مسبقا أن النتائج لن تكون في مصلحة الإصلاحيين وأن التيار المحافظ قد حسم النتائج مبكرا جدا، حتى قبل فتح صناديق الاقتراع.

وفي ذات الإطار، أكّد المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني عباس علي كدخدائي أنه "إذا تمسكنا بتطبيق القانون، سنتمكن من إرضاء أكبر عدد ممكن من المرشحين، وهو ما سيؤدي إلى رفع نسبة المشاركين في ظل الدعوات إلى المقاطعة لدى بعض الإيرانيين". ولقد كان مجلس صيانة الدستور الإيراني عرضة إلى اتهامات من قبل الإصلاحيين، بمنع مرشحين من خوض الانتخابات لأسباب سياسية أكثر منها دستورية. ويقول التيار الإصلاحي إنه مُنع من دخول الانتخابات بالمرشحين الأقوياء لمواجهة المحافظين، وذلك لتعليب نتائج الانتخابات قبل حصولها.

إن بعض النخب وصفت استبعاد الإصلاحيين بعملية ارتكاب مجزرة سياسية وثقافية بحق أبرز الشخصيات الإصلاحية، إن كانوا من الصف الأول أو الثاني، بل برأيها أنه لم تكتف السلطة هنا، إنما أكملت تجاوزاتها لتطال شخصيات محافظة سبق لها أن رفعت صوتها معترضة على آليات إدارة البلاد، ولم تتردد في توجيه النقد والاعتراض على بعض مراكز القرار والسلطة التي يتحكم بها التيار المحافظ.

في المقابل، يؤكد التيار المحافظ بسط سلطته، متهما الإصلاحيين بعدم القدرة على المنافسة الجدية في الانتخابات المرتقبة، وذلك بسبب الخلافات الداخلية بين هذه القوى، وأن عملية اجتماعها شبه مستحيلة لما يوجد من اختلافات بين أجنحتها المتصارعة على تسلق السلطة وعدم قدرتها على إقناع الجمهور الإيراني.

وفي ظل هذا المناخ المعقد دوليا وأمريكيا مع إيران، تقول بعض المصادر الغربية إن "السلطات الدينية في النظام الإيراني عازمة على التلاعب في الانتخابات البرلمانية المنتظرة الأسبوع المقبل ليفوز بها المتشددون باكتساح، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى القضاء التام على الاتفاق النووي مع إيران حسب ما يقول دبلوماسيون غربيون.

إلى ذلك، لا تزال إيران محافظة على نظامها القائم منذ قيام ثورتها منذ العام 1979، ولكنها على الصعيد الداخلي تعاني من غضب ينفجر بين الحين والآخر؛ إما بفعل عوامل داخلية أو أخرى خارجية، وآخرها كان منذ أشهر قليلة.

وللتأكيد، فقد شهدت الساحة الإيرانية منذ عام 2009 مظاهرات تنديدا بارتفاع مستوى المعيشة والفساد المالي الذي يمس جميع مؤسسات الدولة. وترى الكثير من الطبقات الاجتماعية، ولا سيما الشعبية منها، أنها لم تجن ثمار السياسة الاقتصادية والمالية التي وعد بها الرئيس الشيخ حسن روحاني حتى ضمن فترة السماح بعد توقيع اتفاق الخمسة زائد واحد.

في ظل العقوبات الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب على كل القطاعات الحيوية الاقتصادية والمالية في إيران، والمصحوبة بالضغط على الأوروبيين لعدم فتح ثغرة في جدار العقوبات، ومع توقع البنك الدولي أن التضخم سيبقى فوق 20 في المئة في العامين القادمين، وأن قيمة العملة في الأعوام المقبلة قد تذهب إلى مزيد من الانخفاض أمام الدولار والعملات الصعبة مما يفاقم الأوضاع الاقتصادية أكثر، والأدهى أن البنك الدولي توقع أيضا أن العجز في ميزانية إيران، الذي بلغ ما يقارب 5.4 في المئة في 2018-2019، سيتسع في الأعوام المقبلة ليصل إلى ما فوق 6 في المئة في 2021-2022، مع زيادة الحكومة الإنفاق على إجراءات للحماية الاجتماعية، بينما تحصل على إيرادات نفطية زهيدة بسبب العقوبات الأمريكية الصارمة. فكيف اذا كانت البطالة تقارب حوالي 40 في المئة وخصوصا بين الشباب، وركودا اقتصاديا بأرقام مخيفة تقارب حوالي 9 في المئة سلبيا.

إن الناخب الإيراني أمام انتخابات مفصلية بشكلها فقط، حيث أن النتائج تميل لكفة التيار المحافظ في ظل الهجمة الدولية على الجمهورية الإسلامية على ما يقول الكثير من المسؤولين الإيرانيين، غير أن باب المفاجأة مفتوح، ولكن تبدو الانتخابات التشريعية الإيرانية هذا العام باهتة وتجرى على نار باردة.
التعليقات (0)