اقتصاد عربي

أزمات الغاز تلاحق مصر.. أسعار منخفضة وغرامة عالية

هل تدفع مصر تعويضا للشركة الإسبانية؟ - جيتي
هل تدفع مصر تعويضا للشركة الإسبانية؟ - جيتي

تواجه الحكومة المصرية معوقات تحول دون تحقيق حلمها في التحول لمركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة بالمنطقة، مع مطالبتها بدفع ملياري دولار كتعويض للشركة المشغلة لمحطة دمياط لإسالة الغاز الطبيعي، وانخفاض أسعار الغاز الطبيعي عالميا مع وفرة الإنتاج وتراجع الطلب.

وأعلنت شركة "يونيون فينوسا" التي تدير محطة دمياط لإسالة الغاز الطبيعي، قبل يومين، أنها متمسكة بدفع مصر ملياري دولار تنفيذًا للحكم الصادر عن مركز التحكيم الدولي ضد الحكومة المصرية مُمثلةً في الشركة القابضة للغازات الطبيعية "EGAS".

يعود تاريخ القضية إلى عام 2013، عندما أقامت الشركة الإسبانية دعوى قضائية ضد مصر بسبب خرق بنود التعاقد حول كميات الغاز الموردة للشركة، جراء توقف EGAS عن توريد الغاز للمحطة بسبب أزمة نقص الطاقة في السوق المحلية.

وفي أيلول/ سبتمبر صدر حكم ضد مصر يلزمها بدفع غرامة قدرها ملياري دولار إلى الشركة الإسبانية تعويضا عن خرق بنود التعاقد، وقامت الشركة الإسبانية برفع دعوى قضائية أخرى لإلزام مصر بتنفيذ الحكم وتحديد موعد نهائي لذلك.

عقبات كبيرة

ودخل الجانبان في مفاوضات مطولة لتسوية النزاع دون جدوى، ولم يصدر أي تعقيب من الجانب المصري بشأن إعادة الشركة تمسكها بدفع مبلغ التعويض الضخم والقبول بإعادة تشغيل المحطة التي تحتاجها مصر مع بدء تلقيها شحنات الغاز الإسرائيلي.

 وبدأت مصر في استقبال الغاز الإسرائيلي، قبل أسبوعين،  بواقع 200 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميًا، وبموجب اتفاق تجاري تبلغ قيمته 19.5 مليار دولار على مدى 15 عاما، وفي حال تمسك الشركة الإسبانية بموقفها فلن تعود محطة دمياط للإسالة إلى العمل، ولن تتمكن مصر من زيادة كميات الغاز المصدرة للخارج.

وشكل تراجع أسعار الغاز عالميا صدمة لسوق الغاز المصري الوليد، ما دفع الحكومة المصرية إلى خفض كمية الغاز المسال الذي تبيعه عبر العقود قصيرة الأجل، وتتفاوض من أجل إبرام عقود طويلة الأجل لبيعه بسعر 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية؛ بسبب هبوط أسعار الغاز.

لكن مؤشر "جيه كيه إم" الاقتصادي، احتسب العقود الآجلة في سعر الغاز المسال عند 4.41 دولار و 3.49 دولار وفق توقعات "بلاتس أناليتكس" لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهذا السعر أقل بكثير من السعر الذي تستهدفه مصر.

الغرامة أفضل

وتوقع وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق عمرو دراج، أن تتمسك الشركة الإسبانية بتحصيل الغرامة، وأن مصر ملزمة بدفعها، قائلا: "حاولت مصر التفاوض حول الغرامة وإسقاط التحكيم مقابل إعادة عمل تلك الوحدة ومضاعفة كمية الغاز لها، لكن في ضوء انخفاض أسعار الغاز عالميا، لم يعد الأمر يمثل جدوى اقتصادية للشركة".

 

اقرأ أيضا: الغاز الإسرائيلي يبدأ بالتدفق إلى مصر.. ونشطاء ينتقدون

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "مصر غير قادرة على بيع الغاز عند سعر 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، في حين أنها تستورده من إسرائيل بسعر 6.5 دولار وتتحمل هي الفرق"، مشيرا إلى أن "الشركة تعلم أنه لا يمكن تسويق الغاز بأسعار مناسبة فيها ربحية، وخصوصا أن مخزون أوروبا لمدة خمس سنوات كبير جدا، واحتمالات ارتفاع الأسعار مجددا ضعيفة".

واستبعد أن "تنجح خطط مصر على المدى القريب في التحول لمركز إقليمي للطاقة بالمنطقة في ظل المعطيات السابقة"، لافتا إلى أن "الغرامة المالية ستزيد بلا شك من أعباء الديون على مصر، وستضطر للاقتراض لسدادها".

آمال قيد التنفيذ

من جهته؛ قال الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، إن "الحديث عن التحول لمركز إقليمي للغاز لا يختلف كثيرا عما كان يقال من سنوات من التحول لأكبر منطقة لتداول الحبوب في المنطقة، والمفارقة أن مركز كليهما كان مخططا له منطقة دمياط".

وفي تصريح لـ"عربي21": أعرب عن اعتقاده "بأن تأثير المشاكل مع الشركة الإسبانية أو انخفاض أسعار الغاز في البورصات العالمية لن يكون ذا أثر كبير على آمال التحول إلى مركز عالمي للطاقة؛ فهذه المخططات لم يتم وضعها موضع التنفيذ حتى الآن".

وفي ما يتعلق بدفع الغرامة، أكد عبدالمطلب أن "كل قرار من شأنه تحميل الموازنة العامة للدولة بأعباء إضافية يؤثر سلبا على الاقتصاد المصري".

صورة ضبابية

وأعرب الخبير الاقتصادي، أشرف دوابة عن شكوكه حيال تحول مصر لمركز إقليمي للطاقة في ظل التحديات الموجودة، قائلا: "وقعت إسرائيل اتفاقية مع قبرص واليونان لمد أنابيب إلى أوروبا وتزويدها بالغاز، ولن يكون بحاجة لمصر، ولن يسعى في جعل مصر كذلك".

وتابع: "نحن في صورة ضبابية بشأن الغاز، وموضوع الغرامة يمثل مشكلة كبيرة لمصر، ورغم أنها استطاعت تسوية الخلاف مع إسرائيل إلا أن الأمر مختلف الآن"، مشير إلى أن "مبلغ الغرامة يشكل عبئا كبيرا في ظل الديون المتراكمة على البلاد".

التعليقات (0)