سياسة دولية

التهرب الضريبي يعكس حجم الفساد بمصر.. والجيش "معفي"

لا تخضع إمبراطورية الجيش للضرائب في مصر - أرشيفية
لا تخضع إمبراطورية الجيش للضرائب في مصر - أرشيفية

كشفت حصيلة التهرب الضريبي في مصر زيادة في معدلات التهرب من جهة وارتفاع أعداد المتهربين شهرا تلو الآخر، من جهة أخرى، ما يُفْقِد خزانة الدولة مليارات الدولارات سنويا.

وسجلت حصيلة قضايا التهرب الضريبي والأموال العامة، خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، نحو 9.5 مليارات جنيه (600 مليون دولار).

وفي تقرير صادر عن وزارة الداخلية، الأحد، كشف قطاع الأمن الاقتصادي أن عدد القضايا التي تم ضبطها بلغ 7783 قضية بمجال التهرب الضريبي والأموال العامة.

وفي الوقت الذي تقول فيه الحكومة المصرية إنها تريد تحصيل حق الدولة، يشكو كثير من المتهربين من الغبن والتقديرات الجزافية، واستثناء الجيش وتلاعب كبار رجال الأعمال.

 

اقرأ أيضا: هكذا ساعد برلمان مصر السيسي لإحكام قبضته على الحكم بـ2019

وأرجع خبراء ومختصون في تصريحات لـ"عربي21": السبب إلى انعدام دعائم الثقة بين الحكومة من جهة والمتهربين من جهة أخرى، والكيل بمكيالين في محاسبة صغار التجار ورجال الأعمال، واستثناء الجيش من دفع الضرائب.

وسجلت حصيلة التهرب زيادة قدرها 12.5% عن شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، البالغة 8.5 مليارات جنيه (نصف مليار دولار) من خلال ضبط 6521 قضية تهرب ضريبي وأموال عامة.

وتنوعت القضايا بين ضرائب عامة، وتهرب من القيمة المضافة، وتهرب جمركي، وتهرب من الضرائب العقارية والملاهي، بالإضافة إلى قضايا اختلاس واستيلاء على المال العام، واستغلال نفوذ، وغسل أموال، وكسب غير مشروع.

القبض على مسؤول الضرائب

وقبل يومين؛ ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على رئيس مصلحة الضرائب، عبد العظيم حسين عبد العظيم، متلبسا عقب حصوله على منافع مادية وعينية على سبيل الرشوة من بعض المحاسبين القانونيين المتعاملين مع المصلحة.

ومطلع العام الجاري، أكد وزير المالية المصري محمد معيط، أنه سيتم إصدار قرار وزاري، بإعادة تفعيل مكافأة الإرشاد عن المتهربين ضريبيًا، التي كانت مقررة من قبل.

تمثل حصيلة الضرائب 75% من إيرادات موازنة  الحكومة المصرية، التي لتحقيق حصيلة ضريبية مستهدفة تقدر بـ 856.6 مليار جنيه (53.4 مليار دولار) خلال العام المالي 2019-2020، مقابل 759.6 مليار العام الماضي.

التهرب والنظم الديكتاتورية

قال المشرع المصري بالبرلمان المصري السابق، محمد فرج، إن "الأرقام المعلنة تدل على أن حجم التهرب الضريبي في مصر ضخم جدا، ناهيك عن الأرقام غير المعلنة لعدم ضبطها، وتدل على أن هناك عجزا تشريعيا يسمح لكبار المتهربين بإيجاد ثغرات قانونية من جهة وعدم دفع الجيش لضرائب من جهة أخرى".

وأوضح لـ"عربي21": "في أي حكم ديكتاتوري، في نظم الدول غير الديمقراطية، يظهر فيها زيادة التهرب الضريبي بخلاف النظم الديمقراطية؛ بسب غياب الشفافية والوضوح"، لافتا إلى أن "الحكومة تحصر الضرائب في طبقة الموظفين وصغار التجار والشركات، ولكن ماذا عن كبار التجار ورجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى؟".

وألقى باللوم على الحكومة في تزايد عمليات التهرب الضريبي "بسبب سياساتها الخاطئة، وإساءتها التصرف في أموال الضرائب، والتي لا تنعكس بالإيجاب على حياة دافعي الضرائب"، لافتا إلى أن "معالجة هذه الأزمة تتمثل في نظام إلكتروني لربط جميع المعاملات المالية بالبنوك ومصلحة الضرائب".

اختلال العدالة الضريبية

يقول المحلل الاقتصادي، محمد السيد، إن "حجم التهرب الضريبي يؤشر إلى فساد المنظومة بالكامل من الناحية التشريعية والاقتصادية"، مشيرا إلى أن "غالبية عدد المتهربين من صغار التجار، الذين ليس لهم ظهير؛ لأن الكثير من أصحاب المال مرتبطون بنشاطات حزبية وسياسية قادرة على حمايتهم من المساءلة".

وأضاف لـ"عربي21": "وبالنظر إلى الاقتصاد المصري الذي يسيطر عليه الجيش بنسبة لا تقل عن 60% منذ الانقلاب العسكري، لا يخضع إلى أي نوع من الضرائب أو الجمارك، فهو يحصل على مميزات لا تتوافر للقطاع العام أو الخاص وهذا يمثل ظلما ويخل بميزان العدالة الضريبة".

وأشار إلى أن "حكومة الرئيس الراحل، محمد مرسي، واجهت هجوما غير مسبوق عندما حاولت إنهاء احتكار رجال الأعمال للتهرب الضريبي، والمعروفة بقضية صفقة بيع شركة "لافارج" الفرنسية في البورصة المصرية للتحايل على الضرائب، والبالغة وقتها 7 مليارات جنيه 1.2 مليار دولار، والتي فلت منها بعد دفع أول أقساطها وحدث الانقلاب".

ورأى السيد أنه "عند تطبيق نظام ضريبي حقيقي وعادل سيتغير مفهوم الضريبة لدى الجميع، بدلا من اعتبارها إتاوة مفروضة من الدولة على التجار والمستهلك، وربط حصيلة الضرائب بتحسين الخدمات للمواطنين سيشجعهم على عدم التهرب".

التعليقات (0)