قالت صحيفة "
الغارديان" البريطانية، عبر تقرير أعده بيوتر سوير، إنّ "المشادّة الحادّة بين الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب ونائبه جيه دي فانس، وبين الرئيس الأوكراني فولوديمير
زيلينسكي، قدّمت للرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، انتصارا أكبر من أي معركة عسكرية".
وأضافت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21" أنّ "روسيا تشعر بالفرح بعد مواجهة ترامب لـ زيلينسكي. ورغم صمت بوتين على ما حدث إلا أن السّاسة الروس والإعلام قد عبروا عن فرحهم بالكمين الذي نُصب لـ زيلينسكي".
وتابعت بأنّ "المسؤولين الروس نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقات، أشاروا فيها إلى التعنيف الشديد في المكتب البيضاوي"، وكتب نائب مستشار الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيدف: "قال ترامب للمهرج [زيلينسكي] الحقيقة في وجهه: نظام كييف يلعب بحرب عالمية ثالثة، وهذا مفيد، ولكنه ليس كاف، فنحن بحاجة لوقف الدعم العسكري لأوكرانيا".
وأردفت بأن "موسكو بدت في الأيام الأخيرة قلقة من إمكانية تغير موقف ترامب من أوكرانيا، وبخاصة بعد زيارة رئيسي بولندا وفرنسا ورئيس وزراء بريطانيا، لواشنطن، وقد حثوا الرئيس الأمريكي على مواصلة الدعم لأوكرانيا".
وقالت: "ألمح ترامب إلى إمكانية دعم قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا، وهي خطوة رأت كييف وقادة أوروبا أنها مهمة لمنع روسيا من إشعال الحرب مرة أخرى، بعد فشل اتفاقيات وقف إطلاق نار سابقة".
وأبرزت أن "مخاوف موسكو قد تلاشت عندما وجد زيلينسكي نفسه في كمين ترامب وفانس". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زخاروفا، إنّ "ضبط ترامب وفانس نفسيهما وعدم صفعهما لزيلينسكي يعتبر معجزة". فيما لم تصدر تصريحات عن بوتين الذي اتّخذ على ما يبدو المقعد الخلفي، مراقبا الأحداث، تتكشف أمامه بشعور من الرضا.
ونقلت
الصحيفة البريطانية عن مصدر وصفته بـ"المطّلع على تفكير الكرملين" قوله: "لا يحتاج بوتين لأن يعلق الآن؛ من الواضح أنه استمتع بمشاهدة العرض ويعتقد أنه قادر على الدفع بمزيد من المطالب في أوكرانيا. وكان اللقاء أكبر انتصار لبوتين من أي معركة من معاركه العسكرية ومنذ بداية الحرب".
اظهار أخبار متعلقة
وتوقع المصدر نفسه "مكالمة من بوتين لترامب في الأيام المقبلة، يناقش فيها أن زيلينسكي ليس شخصا يمكن الحديث معه بعقلانية ويجب استبداله، وهو شعور تردّد في موسكو وبين البعض في واشنطن".
وكتب عضو الغرفة العليا في
البرلمان الروسي، أليكسي بوشكوف، على قناة "تليغرام": "سيبدأ
البيت الأبيض الآن بالنظر وبشكل قريب إلى مرشحين آخرين للرئاسة الأوكرانية". فيما تعلق الصحيفة بأن "تغيير النظام، كان دائما هدفا لبوتين والذي لم يخف رغبته أبدا في تنصيب قيادة جديدة مؤيدة له في كييف".
وفي السياق نفسه، ردّد عدد من مؤيدي الحرب الروس على قناة "تليغرام"، ما قالته الدائرة المقربة من أنّ "زيلينسكي ولد جاحد". وكتب حساب معروف له روابط بوزارة الدفاع الروسية اسمه "ريبار" أنه "بشكل عام، كشف الاجتماع في المكتب البيضاوي مرة أخرى عن الوجه الحقيقي لزيلينسكي: جاحد، ومتغطرس، ووقح، ولا حدود له".
وأضافت الصحيفة: "بالنسبة للمطلعين على شؤون الكرملين، فإن الحادث يشير أيضا إلى تحول جوهري في النظام العالمي، حيث لم يعد ينظر إلى البيت الأبيض باعتباره عدوا بل شريكا لموسكو، الشريك الذي يمكن معه عقد الصفقات والتفاوض السياسي".
وعلّق محلل بارز في السياسة الخارجية الروسية يرأس مجلسا يقدم المشورة للكرملين، فيودور لوكيانوف: "لقد قلّل فولوديمير زيلينسكي من تقدير حجم التحول الذي حدث في السياسة الأمريكية بعد وصول دونالد ترامب".. مشيرا إلى اللحظة التي أعلن فيها ترامب أنه لا يقف مع أوكرانيا، بل كوسيط في النزاع، وقال: "هذا تحول أساسي. ومع ذلك فمن الباكر إعلان موسكو النصر، نظرا لطبيعة ترامب المتقلبة".
وعلّق الباحث في مركز دراسات تابع لوزارة الخارجية الروسية، أنطون غريشانوف: "في الأمد القريب، من المؤكد أن يضعف هذا التبادل المأساوي الكوميدي موقف زيلينسكي داخل أوكرانيا ويعطي الدبلوماسية الروسية نفوذا إضافيا في تعاملاتها مع الولايات المتحدة".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف: "ومع ذلك، فإنه لا يزال لدى كل من موسكو وواشنطن وجهات نظر متباينة بشأن عملية التسوية، وقد يجلب مزاج ترامب غير المتوقع الكثير من المفاجآت على الطريق إلى إنهاء الصراع".
وختمت
الصحيفة بالقول: "مع انجلاء الغبار، فإن من الواضح أن اجتماع يوم الجمعة وجّه ضربة قوية لجهود ترامب للتفاوض على اتفاق سلام بين كييف وموسكو، بينما تستعد روسيا لتصعيد هجومها ضد أوكرانيا التي هي على وشك فقدان دعمها العسكري الأكثر أهمية. واختتم لوكيانوف حديثه قائلاً: الحرب مستمرة".