هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان "الكتلة الديمقراطية" في البرلمان التونسي، عدم مشاركتها في حكومة الحبيب الجملي، تساؤلات عن حظوظ الأخيرة، وإن كانت قادرة على أن تحظى بالثقة بعد تشكيلها الأسبوع المقبل.
وبحسب عدد مقاعد البرلمان التونسي، فإنه يمكن التوصل إلى تصور أولي بشأن التصويت على الحكومة المقبلة، حيث تحتاج الحكومة التونسية لكي تمر وفق الدستور، إلى تصويت 109 أصوات من أصل 217 بنعم لإعطاء الثقة لها.
وعلى الرغم من الإعلان الكبير الذي خرجت به "الكتلة الديمقراطية" بأنها لن تشارك في حكومة الجملي أو تعطيه صوتها بعد تشكيلها، فإن أرقام المصوتين بـ"لا" ما تزال غير حاسمة، في حين أن المصوتين بـ"نعم" ما يزالون غير حاسمين أيضا، إلا أن عددهم أكبر من الرافضين.
وبحسب ما رصدته "عربي21"، فإنه يمكن القول إن ما يقرب من 58 صوتا يفترض أن المجلي قد خسرهم، بعد إعلان الكتلة الديمقراطية المكونة من حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، عدم المشاركة بالحكومة أو التصويت لصالحها.
فإن الكتلة الديمقراطية لديها من المقاعد 41 مقعدا، أما الحزب الدستوري الحر، الذي سبق أن أعلن الموقف ذاته، فلديه 17 مقعدا.
اقرأ أيضا: تونس.."التيار"و"الشعب" لن يشاركا بحكومة الجملي والأخير يعلق
وعلى الرغم من ذلك، كان لافتا تصريح علي العريض لـ"عربي21" في وقت سابق الجمعة، أن هناك انقساما في حزبي التيار والشعب، وأن هناك نوابا في كتلتهما سيصوتون بـ"نعم" لصالح المجلي على الرغم من موقف الكتلة الرافض.
وما يزال "قلب تونس" 38 مقعدا غير حاسم موقفه بشأن الحكومة أو التصويت لها، وقال العريض كذلك إن قلب تونس على الرغم من عدم مشاركته في الحكومة، إلا أن ذلك لا يعني أنه لن يصوت لصالح الحكومة.
وما يجعل حظوظ الحكومة جيدة، أن الحزب صاحب الأغلبية في البرلمان، حركة النهضة، تحظى بـ 54 مقعدا، وسبق أن أعلن ائتلاف الكرامة 21 مقعدا أنه حليف للنهضة، إلى جانب أن حزب تحيا تونس صاحب 14 مقعدا أعلن الموقف ذاته، في حين أن هناك 29 نائبا مستقلا لا يعرف بعد ماذا سيصوتون.
والأمر يجعل لدى حكومة الجملي 89 صوتا أكيدا، و44 صوتا غير أكيد بعد وهم الإصلاح الوطني والمستقلين، بالإضافة إلى 38 لقلب تونس الذي لم يحسم بعد رأيه أيضا.
وتجعل الأرقام السابقة الأمر غير محسوم، وسط ضبابية موقف الأحزاب الرسمي، وهناك 9 مقاعد لحزب المستقبل لا يعرف مصيرها بعد.
اقرأ أيضا: الجملي والنهضة يعلقان لـ عربي21 على قرار أحزاب رفض الحكومة
وقال رئيس حزب الإصلاح الوطني، حسونة الناصفي، على إحدى القنوات المحلية الخاصة، الجمعة: "عندما نتعرف على التركيبة للحكومة سنحدد موقفنا".
اللجوء للمنظومة القديمة
من جهته، رأى المحلل السياسي بولبابة سالم، أنه "حصل تغيير عند التيار الديمقراطي وحركة الشعب خلال اليومين الأخيرين بعد تراجع الحبيب الجملي عن منحهم حقائب وزارية، وذلك بعد رفض النهضة، إلا أن عدم مشاركتهم لا يعني فشلا لحكومة الجملي".
وأوضح بولبابة سالم لـ"عربي21": "يبدو أن الطريق الذي أخذه الجملي هو الخطة الثانية، بمعنى مشاركة بقية الأطراف، على الرغم من عدم وجود سند قوي، وهناك تيار قوي داخل النهضة يذهب إلى مشاركة قلب تونس والمنظومة القديمة ككل، خاصة بعد الحديث عن حصول لقاء حاسم بين راشد الغنوشي ونبيل القروي ليلة البارحة".
من جانبه قال المحلل السياسي التونسي منذر بن يوسف لـ"عربي21": "تقديري أن إشراك التيار الديمقراطي وحركة الشعب كان سيكون تعطيلا، وبمثابة جلب أفعى، والأسلم للنهضة شراكة معلنة مع قلب تونس وتحيا تونس، مع استبعاد كل العناصر التي تتعلق بها شبهات فساد".
ولكنه قال إن ذلك "سيكون له ثمن من حيث شعبية حركة النهضة، لكنه الخيار الوحيد لاستقرار الحكومة".
وبين بن يوسف، أنه "لا بد من تحقيق إنجازات على الميدان، وخاصة على المستوى الاجتماعي ومحاربة البطالة وغلاء الأسعار وضرب الفساد، وإذا شهد الشعب خطوات ملموسة سيتغير المشهد كليا".
ماذا إذا فشل الجملي؟
وأكد المحلل السياسي سالم أنه" حتى وفي حال الفشل، هناك خيارات أمام الحبيب الجملي، وهي التمديد بشهر آخر، وفي حال الفشل أيضا، يتم اللجوء إلى رئيس الجمهورية، وبعد مرور أربعة أشهر، يتم المرور إلى انتخابات مبكرة ولكن يبقى سيناريو مستبعد جدا والحكومة ستحصل على الثقة".
وبحسب تصور بن يوسف، فإن حركة النهضة أعطت للحبيب الجملي موافقة غير معلنة لتشكيل حكومة تضم تكنوقراط يقترحهم "قلب تونس"، ما يخدم مصلحة الأخير، ويفك عزلته السياسية.
وحذر بن يوسف مما أسماه الفشل، "لأنه يضع البلاد أمام احتمال وحيد، وهو الفوضى العارمة"، وفق قوله.
يشار إلى أن القيادي في حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، سبق أن قال إنه في حال لم تحز حكومة الجملي الثقة في البرلمان، "فلن تكون نهاية العالم".
وأوضح في مداخلة لإذاعة "ifm"، أن "النهضة ستتخلى عن الملف برمته، وترحله إلى رئيس الدولة قيس سعيّد، لاختيار الشخصية الوطنية الأكثر قدرة على تجميع مختلف الطيف السياسي".